الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قلب نظام الحكم بأبو الريش


ما كتبته في [مقالين] سابقين عن مستشفي أبو الريش [الياباني] ليس [تشكيكا] في الدور المأمول العظيم الذي يلعبه المستشفى في علاج الأطفال، بل [جرس] إنذار لحالة [الإهمال] التي واجهها البعض و[تردي] الخدمة المقدمة، والتي إن ظلت هكذا سينهار الكيان الذي نرغب في بقائه مشيدا.

وأعتقد أن رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت خير شاهد على ذلك، فإحدى المشاكل التى تكرر طرحها فى الأحاديث الجانبية فى اللقاءات الودية والرسمية التي تجمع الصحفيين به، معاناة المرضى في دخول أبو الريش، وشكوى آخرين من الإهمال في العلاج والكشف والتمريض، وعناء طوابير الانتظار التي غالبا ما تنتهي بموت الطفل الذي لم يسعفه ترتيبه المتأخر في "الواتينج لست".

وقد لاحظت مناقشة حامية ومشتعلة من الزملاء الصحفيين حول عجزهم عن خدمة المرضى – لوجه الله تعالي - في دخولهم المستشفى أو حتي رعايتهم أو الاطمئنان على أحوال المريض صحيا، ولعل ملامح هذه المطارحة تظهر بوضوح عندما تأتي سيرة المديرة، فيبدأ فيضان الانتقاد والهجوم الذي يتضمن كله رسالة واحدة هي دعوة "الخشت" لتعيين مدير جديد أكثر إنسانية.

فربما تكون الإدارة الحالية ذات كفاءة ومهارة وعبقرية! لكن! في التنصل من مسئولياتها تجاه المرضى وذويهم الذين ضن عليهم الدهر ولا يملكون من حطام الدنيا سوى أطفالهم وقليل من الرزق، فكل شيء ناقص أو غير متوفر أو فيه عجز، بدءا من المستلزمات البسيطة –شاش وقطن وسرنجة – ما يؤدي إلى تعطل المريض فى الحصول على حقه فى تلقى العلاج أو إجراء العملية الجراحية فى الوقت المناسب.

مرورا بنقص طاقم التمريض الذي يخسف بالمجهودات الأرض ويؤدي إلى تدني أحوال المرضي إلى حد كبير، وتوقف العمل في كثير من غرف العناية المركزة وغرف العمليات، ويصل الأمر إلى حد إغلاق وتأخر في افتتاح وحدات ومراكز علاجية، ثم إنشغال الأطباء بعيادتهم الخاصة، ناهيك عن الميزانية الضئيلة المرصودة للمستشفى.

ربما تكون هذه المشكلات سمة أساسية في عموم مستشفيات مصر، إلا أن التغلب عليها أو على بعضها بحلول واجتهادات واقعية يميز الخبيث من الطيب في الإدارة، فالإدارة الحالية إذا سئلت عن ثغرات إدارتها تجيب: هل لنا من الأمر في شيء؟ قل إن الأمر كله "للخشت"! ما يجعلني أعض علي أناملي من الغيظ في بقاء هذه الإدارة التي ستسقط من ذاكرة المرضى وإن بقت ستظل باقية بتسويد سجل إدارتها بالإهمال ورسائل القَساوَة والغَلاظَة والإِجْحافٌ والجَوْرٌ والظُلْمٌ .

يبذل الخشت وكتيبته مجهوات مضنية لرفع كفاءة وتطوير مستشفيات قصر العيني لتقليل قوائم الانتظار وزيادة الطاقة الاستيعابية للتخفيف عن المرضي وذويهم [ويعطي لأبو الريش اهتماما خاصا]، لكني أخاف أن تنهار كل التطويرات على الأيدي الحديدية الباطشة للإدارة (اللاإنسانية).

فالتنمية المادية والطبية مهما علت دون إنسانية ويد تربت على أكتاف المريض "وتطبطب" على ذويهم، سرعان ما يتسلل إليها سوس الهجوم والنقد وربما الشتيمة، فينخر فيها ويضعفها حتى تنهار وهو ما آلت إليه تجربة الإدارة الحالية لأبو الريش الياباني التي أصبح بقاؤها روشتة مؤلمة للكل.

وأخيرا لم يستهدف مقالي الثالث عن المستشفي الياباني إعادة ترتيب البيت من الداخل فقط، لكن قلب نظام الإدارة الحالية بخطة تقضى على نزع المُلك من تحت أقدامها بإعطائها صابونة "بايتة" يوما كاملا في محلول زيت محرك السيارات، لتخرج من شارع قصر العيني الكائن به المستشفى مذءومة مدحورة دون عودة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط