- سامح شكري:
- الدول العربية ستظل دائمًا الشريك والحليف الاستراتيجي لجمهورية الصين الشعبية
- التجربة التنموية الصينية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي رائدةً ونموذج تتطلع دولنا العربية للاستفادة منه
- الصين أكبر شريك تجاري لــ 10 دول عربية
- 9 دول عربية منضمة لمبادرة الحزام والطريق
التوجه نحو المستقبل يعد جزءًا هامًا لمستقبل الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية، هذا ما أكدته كلمات ممثلي الدول في المنتدى العربي الصيني نهاية الأسبوع الماضي- والذي مثل مصر خلاله وزير الخارجية سامح شكري- وأصدر الجانبان العربي والصيني، خلال المنتدى- رسالة واضحة مفادها أن تعاونهما الثنائي يتمتع برؤية طويلة المدى، وأنه لن يتأثر أو يتزعزع مهما اختلفت تصاريف الأوضاع والأحداث التي يشهدها العالم.
وافتتح الرئيس الصيني شي جين بينج، الأسبوع الماضي، الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني – العربي بالعاصمة بكين بحضور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، ووزير الخارجية سامح شكري ضمن 17 وزيرا للخارجية من الدول العربية.
وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينج، الأسبوع الماضي، خلال حضوره للمنتدى العربي الصيني في العاصمة الصينية بكين، بحزمة مساعدات تشمل قروضا تبلغ 20 مليار دولار ومساعدات مالية بحوالي 106 ملايين دولار لدول في الشرق الأوسط في إطار ما وصفه بنموذج لإحياء النمو الاقتصادي بالمنطقة.
وعززت بكين دورها في الشرق الأوسط في السنوات القليلة الماضية إذ تلعب دول عربية دورا مهما في خطة شي للسياسة الخارجية المعروفة باسم ”الحزام والطريق“ من أجل إقامة طرق تجارية قوية تربط الصين بوسط وجنوب شرق آسيا.
وقال شي خلال اجتماع مع ممثلي 21 دولة عربية في بكين إن التنمية هي مفتاح حل العديد من المشاكل الأمنية بالشرق الأوسط.
وأضاف:ينبغي أن نتعامل معا بصراحة وألا نخشى الاختلافات وألا نتجنب المشاكل ونتناقش باستفاضة في كل نواحي السياسة الخارجية واستراتيجية التنمية”.
وأعلن شي أن الصين ستقدم 100 مليون يوان (15 مليون دولار) مساعدات لفلسطين دعما للتنمية الاقتصادية إلى جانب 600 مليون يوان (91 مليون دولار) أخرى للأردن وسوريا ولبنان واليمن.
كما أعلن عن إنشاء كونسورتيوم بنوك من الصين ودول عربية يخصص له تمويل قدره ثلاثة مليارات دولار.
وأوضح الرئيس الصيني أن القروض ستمول خطة ”للإعمار الاقتصادي“ و“إنعاش الصناعة“ تشمل التعاون في مجال النفط والغاز والطاقة النظيفة والمجال النووي.
وحث شي ”الأطراف المعنية“ على احترام التوافق الدولي في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين ودعا إلى إدارة الصراع بطريقة عادلة لتفادي الاضطرابات الإقليمية.
وقال مراقبون لـــــ "صدى البلد" إن إعلان الرئيس شي جين بينج في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي، عن إقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية يعد حدثا تاريخيا.
وأضاف هؤلاء أن علاقات التعاون الاستراتيجية الصينية العربية، التي تتميز بالتعاون الشامل والتنمية المشتركة، أقيمت خلال الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون الصيني العربي، الذي انعقد في مدينة تيانجين في شهر مايو 2010. وبعد 8 سنوات فقط من إقامة تلك العلاقات، شهد الاجتماع الوزاري الثامن الارتقاء بها إلى الشراكة التي تمثل مستوى أعلى للتعاون الثنائي، حيث لم تقم الصين هذه الشراكة مع العالم العربي ككل في السابق، ما عدا بعض الدول العربية.
وأفادت وكالة شينخوا الصينية بأنه تم توقيع مذكرات تفاهم بشأن بناء "الحزام والطريق" بين الصين و9 دول عربية حتى نهاية يونيو الماضي، بينما غدت الصين أكبر شريك تجاري لعشر دول عربية.
وأوضحت الوكالة أنه وفي هذا الإطار، جنى الجانبان الصيني والعربي ثمارًا عملية في مجالات متنوعة مثل الطاقة والتجارة والاستثمار والطيران الفضائي والأقمار الصناعية والطاقة الإنتاجية.
وقالت شينخوا إن التعاون الشامل يرمز إلى أن الصين والدول العربية سيواصلون توسيع وتعميق التعاون الثنائي في شتى المجالات. فعلى سبيل المثال، ستقوي الصين التعاون مع الجانب العربي في مجالي الاقتصاد الرقمي والصناعة البحرية، ما يوسع فضاء التعاون الاقتصادي. أما فيما يتعلق بالبنية التحتية؛ فإنها ستشارك في بناء شبكة خطوط حديدية ومسارات بحرية عربية، إضافة إلى الطرق والموانئ، ما يرفع بالتالي مستوى المنشآت الأساسية على نحو شامل للدول العربية.
ولا ينحصر التعاون الثنائي بين الجانبين على تلك المجالات فحسب، إذ أعلنت الصين بكل وضوح أنها ستقف في صف المصالح والمطالب المعقولة للدول العربية على الساحة الدولية، وإنها ستواصل لعب دور أكبر لصيانة سلام واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
ومن أجل دفع التنمية العربية، ستخصص الصين قروضًا ضخمة تغطي مختلف المجالات التي تهم وتنفع العالم العربي، وستعمل على تعميق التعاون الثنائي في بناء المدن الذكية وصناعات الذكاء الاصطناعي. وبات من الواضح أن الدول العربية ستحقق استفادة شاملة من الخبرات التنموية والتكنولوجيات الحديثة للصين، التي أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك بأنها لم ولن تسعى يومًا وراء مصالحها الخاصة على حساب الدول العربية، وانها ترغب في رؤية عالم عربي آمن وقوي ومزدهر.
خطاب الرئيس الصيني
وبالفعل؛ لقد زخر خطاب الرئيس الصيني شي بينج بمعلومات وافرة للغاية تفصل وترسم ملامح خارطة طريق طموحة لمستقبل التعاون الصيني العربي، ما يرمز إلى دخول العلاقات الثنائية مرحلة تاريخية جديدة يعمل الجانبان فيها على بناء مجتمع صيني عربي ذي مصير مشترك وبما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين، ومصلحة العالم بأسره.
وتناول المنتدى بحث زيادة وتطوير علاقات التعاون بين الجانبين الصيني والعربي في مختلف المجالات، وعرض البرنامج الصيني الذي يشمل المشروعات القائمة والاتجاهات والأولويات في مجالات الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا وغيرها، إلى جانب المشروعات المتعلقة بالتشارك في بناء الحزام والطريق، وعكس المنتدى حرص الجانبين على تحقيق مصالح الشعوب العربية والشعب الصيني.
كلمة مصر
من جانبه أكد سامح شكري، وزير الخارجية، على أن الدول العربية ستظل دائمًا الشريك والحليف الاستراتيجي لجمهورية الصين الشعبية الصديقة، معبرا عن أمله في أن يستمر التعاون والتنسيق معها على النحو المأمول بما في ذلك الترجمة العملية للأفكار والمشروعات الطموحة المطروحة في الوثائق الخاصة بالمنتدى بما يحقق متسقبل أفضل للجانبين.
وقال في كلمته خلال أعمال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي-الصيني، إن التطور الملموس الذى شهدته العلاقات العربية الصينية وآليات التعاون المختلفة المعمول بها منذ عام 2004، بما فيها استحداث آلية الحوار السياسي الاستراتيجي؛ عكس ما تتمتع به علاقات الصداقة بين الدول العربية والصين من جذور راسخة في عمق التاريخ ارتبط خلالها الجانبان بطريق الحرير القديم برًا وبحرًا؛ وصولًا إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الجديدة خلال النصف الثاني من القرن العشرين؛ والتي كانت مصر سبّاقة في الاعتراف بها وإقامة العلاقات الدبلوماسية معها في مايو
1956
وتابع الوزير شكري أن قوة العلاقات العربية الصينية انعكست أيضًا من خلال الدعم الذى قدمته الصين لحركات التحرر الوطني في الدول العربية، ودعمها التاريخي لقضاياها العادلة، وما تتسم به السياسة الخارجية الصينية من توازن مستند إلى مبادئ التعايش السلمي، والمساواة، والسعي لتحقيق التنمية، والمنفعة المتبادلة، بما يعزز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين على الصعيدين الإقليمي والدولي
وأضاف شكري أن علاقات التعاون الاقتصادي والتجارى بين الجانبين تعد من أهم ركائز التعاون العربي الصيني؛ حيث تعتبر الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، في الوقت الذى تعد فيه الدول العربية أكبر مورد للنفط وسابع أكبر شريك تجاري للصين، كما تعتبر التجربة التنموية الصينية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي تجربةً رائدةً ونموذجًا ملهمًا تتطلع دولنا العربية للاستفادة منه.
وأوضح أن مصر وسائر الدول العربية على استعداد للتعاون والتفاعل الإيجابي مع المبادرة الصينية بشأن بناء الحزام والطريق، كونها الركيزة الأساسية التي تقوم عليها أعمال الدورة الحالية للمنتدى، فضلًا عن دراسة الانعكاسات الاقتصادية الإيجابية لهذا التعاون والمتمثلة في زيادة حجم التجارة البينية والاستثمارات بين الجانبين العربي والصيني، وتوطيد دعائم التعاون والمصالح المشتركة بينهما، إضافة إلى ساحات التعاون الأخرى في المجالات التكنولوجية والبحثية والثقافية.
وطالب شكري بعدم إغفال الدور المحوري لمنتدى التعاون العربي الصيني كإطار فعال للحوار البناء، وتبادل وجهات النظر، ومواصلة التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في ضوء التحديات الجسيمة التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية؛ الأمر الذى يتطلب مواصلة التشاور والتنسيق بما يحقق مصالح الطرفين، ويُسهم في إرساء قواعد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.
واختتم الوزير كلمته قائلا:"إن انعقاد الدورة الجديدة لمنتدى التعاون العربي الصيني اليوم، يعد إشارة هامة ومضيئة على ما يجمع الجانبين من مشتركات دفعهما لإقامة إطار مؤسسي للتشاور يهدف لرتسيخ السلام، ويسعى لتحقيق التعاون الشامل والتنمية المشتركة بين الجابني العربي والصيني. كما يعد حافزًا للبناء على النجاح الذي تحقق على مدار النسوات الماضية في مسار العلاقات العربية الصينية، بما خلق ظهيرًا متينًا للعلاقات المتميزة بين الجانبين وساهم في إثراء آليات التعاون العربي الصيني في مختلف المجالات، وبما يحقق المنفعة المتبادلة للشعبين العربي والصيني.