حكمت أبوزيد قلب ثورة 23 يوليو الرحيم كما وصفها عبد الناصر.. تنبأ طه حسين بمستقبلها .. وتحدت أهل والدها لتتعلم

تظل مصر رائدة دائمًا في دعم المرأة وتقدير دورها ومساعدتها فى الوصول لأعلى المناصب ، هذا ما حدث عام 1962 عندما اختار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حكمت أبو زيد لتتولى منصب وزيرة للشئون الاجتماعية وبذلك تكون أول وزيرة فى مصر والثانية فى الوطن العربى بعد العراقية نزيهة الدليمى .
ولدت حكمت فى قرية نزالي "جانوب" بالقوصية محافظة أسيوط عام 1916 وعمل والدها ناظرا بالسكك الحديدية ، وكان يمتلك فى منزله مكتبة ضخمة وكان يُؤْمِن بأهمية التعليم للبنات ورغم اعتراض اخوته على تعليمها، أصر على التحاقها بالمدرسة وكان يوفر لها ولشقيقتها الأكبر منها وسيلة للسفر يوميًا من قريتهما لبندر ديروط حيث تلقت حكمت تعليمها الابتدائي والإعدادي هناك.
أما في المرحلة الثانوية فقد تركت حكمت أسرتها والتحقت بمدرسة حلوان الثانوية (مدرسة داخلية) في الثلاثينيات من القرن الماضي، ولم يكن بحلوان حينذاك مدن جامعية فأقامت بجمعية بنات الأشراف التي أسستها رائدة التعليم نبوية موسي، ولأنها كانت تواجه الإحتلال قامت قوات الاحتلال بفصلها من المدرسة، لكنها حاربت لتعود وبالفعل وافقوا بشرط أن تذهب للإسكندرية ،وكان شرطًا تعجيزيًا لكنها استطاعت أن تأخذ البكالوريا من الإسكندرية، وعن مصروفها تقول حكمت: "كان لي مصروف 54 جنيهًا وكان وقتها مبلغًا كبيرًا وبخلاف فلوس الأنشطة والفنون والرياضة بعكس ما نراه في هذه الأيام من عدم إشباع لمواهب الأطفال المختلفة التي تظهر.
وفي عام 1940 التحقت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة)، وكان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين، الذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل واختار أنها تدرس اللغة الفرنسية فرفضت وأصرت على أن تدرس التاريخ، فوافق لها ، ثم حصلت على دبلوم التربية العالي من وزارة التربية العالي من وزارة التعليم بالقاهرة في 1944 ،ثم على الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا في 1950، ثم على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا في 1955،وفي العام نفسه، عملت أبو زيد أستاذًا بكلية البنات جامعة عين شمس إلى أن اختارها عبد الناصر وزيرة للشؤون الاجتماعية في العام 1962 وكان رئيس الوزراء آنذاك على صبرى .
من أهم مشروعاتها التى كانت سببا لتسمية عبد الناصر لها بقلب الثورة الرحيم تحويل الوزارة من مجرد وظيفة إدارية تنفيذية لتنفيذ القوانين واللوائح، إلي حركة دينامية لخدمة المجتمع والأسرة والطفولة، تقوم بمشروعات التنمية وتحول المجتمعات المتخلفة إلي مجتمعات إنتاجية مثل الأسر المنتجة وهي عبارة عن أسرة تقدم لها ضمانًا اجتماعيًا أو إعانات اجتماعية إلي أن يتحول أفرادها جميعهم إلي خلية نحل تتمكن من إنتاج وتسويق إنتاجها فتصبح قادرة علي تنمية دخلها وبالتالي تستفيد من هذا الدخل. كذلك حولت حكمت المرأة الريفية من مجرد فلاحة تقوم بمساعدة زوجها في الحقل وتربية الماشية لتصبح من الكوادر برغم عدم إجادتها للقراءة أو الكتابة؛ وتصبح رائدة ريفية تقدم خدماتها للأسر الريفية وتختار مشروعات من البيئة وتقوم بتنفيذها مثل الحياكة والكورشيه.
وفي عام 1969 أشرفت أبو زيد علي مشروع تهجير أهالي النوبة بعد تعرضها للغرق عدة مرات متأثرة بقول الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حينما قال لأهل النوبة: "سيكون لكم وطن وسنكون لكم مثل الأنصار للمهاجرين" وترجمت هذه العبارة إلي مشروع كامل في القري النوبية الجديدة ما بين كوم أمبو وأسوان، وحرصت علي نقل النسيج والبنيان النوبي كما كان قبل الغرق ، أضافت في العام 1964 مع آخرين، وضع قانون 64؛ أول قانون ينظِّم عمل الجمعيات الأهليَّة. كان يهدف هذا القانون إلى جعل تلك الجمعيات ليست مجرد رئاسة فقط وإنما لها دور فعال، ومؤثر، وإيجابى بالمجتمع وأيضًا من أهم القوانين كان قانون الضمان الاجتماعى الذى يحمى أصحاب الحاجات ويحمى المواطن.
استمرت في الوزارة ثلاث سنوات بعدها أقامت بليبيا خلال الفترة من 1972 إلى 1992، وعملت أستاذا بجامعة الفاتح وحصلت على نوط الفاتح العظيم من الرئيس معمر القذافى وعندما عادت لمصر بدأت تحاضر فى قسم علم النفس والاجتماع كلية الآداب جامعة القاهرة كما أنها كانت عضوا فى المجلس الثقافة .
توفيت حكمت عن عمر يناهز 89 عامًا في مستشفي الأنجلو أمريكان ،نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية بعد معاناة لفترة طويلة مع المرض، وكان قد تم إدخالها إلى المستشفى في أول نوفمبر عام 2010، وظلت بالمستشفى حتى وافتها المنية يوم 31 يوليو 2011.