لم يعد البلاستيك مجرد مادة مفيدة كما كان يُنظر إليه في الماضي، بل أصبح خطرًا حقيقيًا يهدد صحة الإنسان والبيئة.
الميكروبلاستيك في كل مكان داخل الجسم
فبحسب مجلة Smithsonian، تحتوي المواد البلاستيكية على أكثر من 16 ألف مادة كيميائية سامة، يُصنّف معظمها على أنها مسرطنة أو مسببة لأمراض خطيرة، في وقت تتزايد فيه الأدلة على أن الميكروبلاستيك أو الجزيئات البلاستيكية الدقيقة باتت تتسلل إلى أجسامنا عبر الغذاء والماء والهواء وحتى الجلد.
وكشفت دراسات حديثة نشرتها مجلة Nature Medicine في أبريل 2024، أن تركيز المايكروبلاستيك في الدماغ البشري ارتفع بنسبة 50% منذ عام 2016، فيما أثبت معهد بانستيت للطاقة والبيئة وجود هذه الجزيئات في الدم، الكبد، الكلى، الرئتين، المشيمة، واللعاب.
وتشير الأبحاث إلى أن التعرض المزمن لهذه الجزيئات الدقيقة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بـ السرطان، وأمراض المناعة الذاتية، واضطرابات الإدراك، والولادات المبكرة.

دراسة صادمة من Harvard Health
وذكرت مجلة Harvard Health في يونيو 2024 أن العلماء اكتشفوا جزيئات بلاستيكية صغيرة في شرايين الرقبة لدى 58% من المشاركين في دراسة شملت 257 شخصًا.
والأخطر أن الأشخاص الذين وُجدت لديهم هذه الجزيئات كانوا أكثر عرضة للإصابة بـ النوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفاة بمعدل يزيد بأربع مرات ونصف مقارنةً بغيرهم.

مصادر البلاستيك الخفية من حولنا
وفي الهواء: تركيز الجزيئات البلاستيكية أعلى في الأماكن المغلقة، حيث تُطلق الدهانات والأرضيات والأثاث والأنابيب جزيئات دقيقة تتراكم في الغبار، وقد تنتقل عبر أنظمة التهوية إلى مسافات بعيدة.
وعلى الطرق: ينتج عن احتكاك إطارات السيارات بالأرض كميات ضخمة من المايكروبلاستيك، تُجرف إلى التربة والأنهار ثم إلى البحار والمحيطات.
وفي المنازل: حتى مستحضرات التجميل ومعجون الأسنان والكريمات الواقية من الشمس قد تحتوي على جزيئات بلاستيكية تمتصها البشرة بسهولة.

جهود دولية لمكافحة التلوث البلاستيكي
وفي عام 2019، وافقت 187 دولة عضوًا بالأمم المتحدة على تعديل اتفاقية بازل لتشمل النفايات البلاستيكية ضمن المواد الخطرة، في خطوة تهدف إلى تنظيم التجارة العالمية بها وتقليل تلوث المحيطات، بإشراف برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP).

كيف نحمي أنفسنا من خطر البلاستيك؟
وبحسب الطبيب الأميركي بيل فريست في مقاله بمجلة Forbes (مارس 2025)، يمكن تقليل التعرض للمواد البلاستيكية السامة عبر خطوات بسيطة:
ـ تجنب تسخين الطعام في الميكروويف باستخدام أوعية بلاستيكية.
ـ اختيار الزجاج بدلًا من البلاستيك لحفظ المياه والمشروبات.
ـ الاعتماد على الأطعمة الطازجة بدلًا من المعلّبة والمصنعة.

ـ قراءة الملصقات على منتجات العناية الشخصية وتجنّب مكونات مثل:
ـ البولي إيثيلين (Polyethylene) شائع في المقشرات ومعاجين الأسنان.
ـ البولي بروبيلين (Polypropylene) موجود في كريمات الترطيب ومزيلات العرق.
ـ البولي ميثيل ميثاكريلات (PMMA) يُستخدم في واقيات الشمس وكريم الأساس.
ـ النايلون-12 و6 يدخلان في تركيب المسكرة ومنتجات التجميل.
ـ البولي إيثيلين تيريفثالات (PET) – شائع في الجليتر والمقشرات.
البلاستيك لم يعد مجرد خطر بيئي، بل تهديد صحي صامت يتسلل إلى أجسادنا يومًا بعد يوم. الوعي الفردي وتغيير السلوكيات اليومية يمكن أن يكونا خط الدفاع الأول ضد تلوث المايكروبلاستيك الذي يهدد صحة الإنسان وكوكب الأرض معًا.