الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أم الدنيا...


مصر يا أم الدنيا يا حبيبتي يا بلدي
قلبى و روحى و عقلي يا حياتي يا بلدي
يا غنوة المسافر لما يكون بعيد
يفتكرك في الغربة و يقرب البعيد
بنلف المواني و بنرجعلك تاني
تاخدينا بالحضن و دايما لابسه توب جديد.
أرض الخير يا بلدى يا وطنى الحبيب
بنحب اللي يحبك مهما يكون غريب
يا ام القلب الطيب فيكي الصبر طيب
ومهما ليلك طال شمسك عمرها ماتغيب

تُعد هذه الأغنية من أجمل الأغاني الوطنية ذات الصبغة العاطفية من حيث نَظْم الكلمات، فقد صاغ "حسين السيد" كلماته وكأنه عاشق يناجي محبوبته، تأملوا هذه الجملة على سبيل المثال: (قلبى و روحى و عقلي يا حياتي يا بلدي)، أما بالنسبة للحن فقد اختار "محمد عبد الوهاب" مقام البياتي ذو الطابع المرن المُفرح لينسج من خيوطه هذا الثوب الجديد الذي يعبر عن حالة الحب الفريدة للوطن، ثم جاء صوتين من الأصوات المصرية الأصيلة التي أشم بها رائحة مصر الفرعونية، وهما (سوزان عطية وتوفيق فريد)، هذان الصوتان الناضجان اللذان تربيا في مدرسة فرقة (أم كلثوم للموسيقى العربية)، لينقلا لنا هذه الكلمات واللحن بإحساس مصري مفعم بالحب والدفء.

أما عن أصل تسمية مصر (أم الدنيا) فله سند تاريخي يرجع إلى "السيدة هاجر" المصرية زوجة "سيدنا إبراهيم" عليه السلام، حيث تزوجها إبراهيم وانتقل بها إلى الجزيرة العربية التي لم يسكن بها بشر وتم تعميرها ورفع قواعد البيت العتيق، لهذا سميت مصر أم الدنيا لأن السيدة هاجر هى أم سيدنا "إسماعيل" وأم أنبياء الله وأم العرب وهى مصرية، وبالتالي فإن المصريين هم أخوال إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وأن إسماعيل هو والد عرب الحجاز الذين منهم النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم.

وأيضا يجدر بنا ذكر دعاء سيدنا "نوح" عليه السلام لابنه "مصرايم بن حام" حيث قال: اللهم إنه قد أجاب دعوتي، فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض الطيبه المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد (يقصد مصر).

وحيث أن مصر أم الدنيا فقد قامت في عصر النبي "يوسف" عليه السلام بإطعام العالم أجمع دون مقابل، فقد كانت مصر خزائن الأرض كما ذُكر في القرآن الكريم، وكانت سلة الغذاء المليئة بالخيرات من كل الصنوف، ولا يوجد أحد يقدم شيئا بدون مقابل إلا الأم.

كما يجب الإشارة أيضا في هذا المقام إلى ما قاله الرحالة "ابن بطوطة" في كتابه (رحلة ابن بطوطة - تحفة النظَار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، وهو كتاب يصف رحلته التي استمرت ثلاثين عاما ووصل مصر تقريبا عام 1325م، فقال عنها: "ثم وصلت مصر وهى أم البلاد، وقرارة فرعون ذى الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة والبلاد الأريضة، المتناهية في كثرة العمارة، المتباهية بالحسن والنضارة، قهرت قاهرتها الأمم، وتمكنت ملوكها نواصي العرب والعجم"هكذا وصف "ابن بطوطة" مصر منذ ما يقرب من 700 عام في كتاب مسجل ومترجم لعدة لغات، وصفها بأم البلاد وحدد أسباب التسمية ولم أذكر هنا إلا بعضا منها.

الخلاصة مصر كانت وستظل بإذن الله(أم الدنيا) رغم ما تتعرض إليه من عثرات، وتذكروا هذا البيت الرائع في وصف مصر من ذات الأغنية (مهما ليلك طال شمسك عمرها ماتغيب)...... دُمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط