سيلفي قليل الأدب

ما بين إطلاق الصافرات والبسبسة، وطلب ممارسة الجنس معها، وإيقافها في الشارع عنوة، قررت طالبة أن تلتقط "سيلفي" مع من يحاول التحرش بها في الشارع ونشرها عبر إنستجرام لفضحه، لجأت [المُتحرّش بها] إلى هذه الوسيلة الغريبة بعدما اكتشفت بعد عدة تجارب أن تصديها للمُتحرش بالكلام [الخادش] أو بالفعل [الخشن] يزيد الأمر سوءا وهو ما يرعبها.
لكنها لم تشأ أن تتجاهل الموضوع برمته لأن ذلك كان سيولد لديها شعورا بالإحباط، إذ يُتاح للرجال أن يقولوا ما يريدون ثم يفلتون، لذا بدأت تطلب التقاط صور معهم وكثيرون منهم شعروا بـ"فخر" لطلبها، الغريب أن كل المتحرشين لم يستفسروا عن سبب التقاط الصورة، إلا رجلا واحدا فقط ولم يمانع رغم معرفته بهدفها.
الأغرب أنها تقول: "لو طلب مني هؤلاء الرجال أن أحذف صورهم لفعلت ذلك، فأنا لا أريد أن أدمر حياتهم، هم يقتحمون خصوصيتي علنا في الشارع، لذا أقوم بانتهاك خصوصيتهم".
سيلفي [نوا جانسما] 20 عاما وهي من العاصمة الهولندية أمستردام، حركت المياه الراكدة على مستوى العالم وشاركها الآلاف لتسليط الضوء على قضية التحرش في الشارع، وأقبلت أعداد كبيرة من النساء على الكشف عن الكثير من الأمور المسكوت عنها اجتماعيا، حيث تحدثن عن حالات تحرش تصل في بعض الأحيان إلى محاولات الاغتصاب.
لم تكتف "نوا" بذلك بل شاركت هذا الحساب مع فتاة أخرى، في دولة أخرى، ومدينة أخرى حتي أصبحت صورة المتحرش تتداول بين وسائل التواصل الاجتماعي عالميا ، ما خلق وعيا مجتمعيا بخصوص النساء اللواتي يضطررن لمواجهة مثل هذه الظروف بشكل يومي، وزاد [سيلفي نوا] وعي المجتمعات بمخاطر التحرش ونتائجه السلبية على النساء.
العالم أجمع بوسائل إعلامه وقف مع "نوا" إما مثنيا على جرأتها أو ممتنا لوسيلتها لفضح المتحرش - ظل الشيطان في الأرض - ووصفها الإعلام الغربي بقاهرة المتحرشين، وكُتبت مانشيتات أخرى تحت عنوان "المرأة التي هزت عرش "روميو" الشارع".
لكن هناك بطلة أخرى لا تقل عن [نوا الهولندية] اسمها [منة جبران.. مصرية] بطلة قصة التحرش في التجمع الخامس، والتي قامت بتصوير المُتحرش بها والذي بادرها بمُفَاتَحَاتْ جنسيّة مهينة وغير مرغوبة ومنحطّة سواء يتتبعها بعربيته أو إيماءاته غير الأخلاقية، وأخيرا الخروج من سيارته ومطالبته لها بشرب كوفي معه.
وعلى الرغم من أن هشتاج "أدعم منة جبران" تصدر قائمة التريند فى مصر عبر السوشيال ميديا بـ10 آلاف تغريدة بعد ساعات قليلة من تدشينه وشارك فيه عدد من مشاهير الإعلام، إلا أنه على الجانب الآخر اعترض البعض على طريقة فضحها للمُتحرش التي وصفوها بالمتجاوزة والمستفزة في طرح القضية.
عزيزي المُعترض، غدا سترفع القبعة لـ"منة" إذا ما لمست أفعال المتحرش أذن أو أكتاف ابنتك أو أختك أو أمك أو صديقتك أو جارتك، وإلى أن يأتي هذا فهو قادم لا محالة – الواقع يؤكد ذلك - أرفع أنا القبعة وأنحني لها، لنستخلص حتمية تكاتف المجتمع مع الحكومة لوأد الظاهرة، فلقد بات الحل الأمني وحده لا يكفي، وأعظم مثال للمساهمة في الحد من هذه الظاهرة تصرف "منة وأخواتها" من بعدها.