الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا ضد حرية الرأى والتعبير


يبدو أن البداية صادمة وغير منطقية وغير عقلانية .. فمن يجرؤ أن يعلن بنفسه أنه ضد الحرية وخاصة حرية الرأى والتعبير التى يدافع عنها الجميع بداعى وبدون داعى ... ولكن ماشهدته على قناة دويتشه فيله " DW" يعتبر انتهاكا لكل القيم والأعراف الإعلامية حيث استضافت القناة تحت مبدأ حرية الرأى والتعبير مجموعة من الأشخاص الذين يروجون للإخلال بالثوابت الدينية العميقة والإخلال بقيم وعادات المجتمع المتأصلة منذ آلاف السنين تحت بند حرية الرأى والتعبير.

فالقناة تدافع عن المرأة مثلا بطريقة أن كل حقوقها مهدرة ويجب أن تتساوى بالرجل حتى فى الميراث ويجب التخلى عن الثوابت القديمة الشرعية التى لا يمكن أن تتغير بتغير الزمان والمكان , والإخلال بالثوابت هنا أتى بطريقة دس السم فى العسل , بمعنى أن القناة تريد أن تقول أنها بريئة من الفكرة ومن روج لها على شاشتها ولكنها أعطت الفرصة لأشخاص أبدوا وجهات نظرهم فى تلك القضايا والمواضيع ــ التى لا تقبل المناقشة من وجهة نظرى ــ وهنا يجب أن أقول أن الترويج للفساد والإفساد هو عين الفساد والإفساد نفسه كما أن الترويج للهدم هو الهدم نفسه والترويج " لقلة الأدب " هو بمثابة قلة أدب , فهنا " أنا ضد حرية الرأى والتعبير" فى موضوعات لا يجب مناقشتها لأنها ثوابت لا يجب أن تتغير , وخاصة المناقشة من خلال أشخاص لا يفقهون شيئا وإنما يريدون الترويج لفكرتهم أى كانت على حساب كل شىء " الدين والعرف والقانون والدستور".

وما أسعدنى أن الهيئة الوطنية للإعلام خلال الفترة الأخيرة بدأت فى اتخاذ مواقف إيجابية للغاية ضد الذين يروجون لمفهوم الحرية والإبداع وحرية الرأى بشكل خاطئ, كمثل القرار الذى تم اتخاذه ضد قناة "L T C" حيث جاء فى بيان الهيئة الوطنية للإعلام , "أن القناة لم تمثل لتنفيذ ميثاق الشرف الإعلامي أو المعايير المهنية وخالفت قرار المجلس بمنع ظهور الشواذ " , وبالتالى فالترويج لأفكار الشواذ وعرض وجهات نظرهم خارج نطاق حرية الرأى والتعبير, لأننى أرى أن حرية الرأى والتعبير يجب أن تكون فى الموضوعات التى تقبل المناقشة , وليس فى كل الموضوعات بداعى وبدون داعى.

ياسادة .. إن حرية الرأى والتعبير يجب أن تتداخل مع القيم والأعراف والضوابط والقانون والدستور ويغلف كل هذا الشرع , فما يناقش فى مكان ما لا يصح بالمطلق أن نناقشه فى بلادنا وما يناقشه دين ما , فلا يصح أن ناقشه بالمطلق من خلال ديننا إلا بضوابط شرعية ثابتة لا يجب الخروج عنها , وما يناقشه اعتقاد ما لا داعى لمناقشته فى باقى الاعتقادات , لأن الاختلاف لا يعنى الحرية ولكن الحرية تعنى عدم فرض الرأى على الآخر حتى ولو كان بطريقة دسم السم فى العسل أو بشكل غير مباشر , فمثلا, ليبرالية المسلم تختلف عن ليبرالية المسيحى وتختلف عن ليبرالية الكافر وتختلف من بلد الى بلد وبالتالى فلا يجب فرض ليبرالية على أخرى حتى لا تضيع الثوابت والمعايير وتتداخل مع بعضها بدافع حرية الرأى والتعبير .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط