الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاتنات هوليوود يرتدين أزياء من أسيوط.. رحلة فن التللي من الصعيد للعالمية

فن نسيج التللي
فن نسيج التللي

نوع مختلف من تطريز القماش، لا يقتصر على الخيوط اللامعة للتزيين فقط، بل يروي قصة في كل قطعة بهذه الخيوط اللامعة الممتزجة ألوانها لتخلق أشكالا عبارة عن رموز تُوضع في صفوف أفقية، فن «التللي» الذي توارثته السيدات في مصر منذ مئات السنين يوشك على الاندثار، لأنه لم يلق اهتماما من سيدات الجيل الحالي كما في السابق.

ويبقى السؤال الأهم .. ما هو فن التللي؟ وكيف وصل للعالمية؟

بخيوط معدنية ثقيلة متراصة، تظهر براعة السيدات في التطريز، فالفن الأسيوطي التراثي بدأته سيدات الصعيد في القرن التاسع عشر، ويستخدمن في التطريز بهذه الطريقة خيوطا معدنية من النحاس المطلي بالنيكل، يصل عرضها إلى حوالي 3مللم، غالبا ما تكون ذهبية أو فضية اللون.

بـ غرزة مميزة لا تشبه أيا من مثيلاتها من أعمال التطريز، تحتاج الواحدة منها إلى 6 خطوات لإتمامها، وكانت النساء قديما يطرزن بهذه الطريقة على قماش الحرير، ثم اشتهر فيما بعد باسم "التللي" نسبة إلى قماش التل الخفيف الذي كن يستخدمنه أيضا.
الطريقة المميزة لـ التللي هي الرموز الخاصة به، والتي تعتمد على وحدات للنقش معروفة وتتكرر على حسب المساحة والشكل، وكانت هذه الرموز مستمدة من التراث القبطي والمصري القديم، تسمى هذه الرموز بـ"الموتيفات" ومن أشكالها ورموزها المميزة، فالخط المائل يدل على نهر النيل، والمثلث يدل على الجبال، وتتضمن الموتيفات رموزا لحيوانات أيضا فالجمل يدل على تحرك موكب العروس.

من أسيوط وسوهاج فى صعيد مصر، نشأ هذا النوع من فن تطريز الملابس، واشتهر باسم آخر وهو "الأسيوطي" نسبة إلى محافظة أسيوط الموطن الأساسي له، وكان التطريز بهذه الطريقة المميزة قبلة السياح الأجانب الوافدين إلى مصر، حتى أن بعض السيدات الأجانب قدمن ملابسهن الأوروبية إلى سيدات الصعيد لكي تطرز بطريقة «التللي».

كانت خيوط التللي تصنع في الماضي من الفضة الخالصة وكانت القطعة الأساسية التي ترتديها العروس تكون مشغولة بهذه الطريقة، حيث تنقش على وشاحها رموز متراصة تروي حكاية العروس منذ صغرها وحتى يوم زفافها من خلال أشكال متعارف عليها.

كان الحجاب الذي يوضع على رأس العروس قديما يجب أن يكون بتطريز التللي، لجلب الحظ السعيد لها ومنع الحسد، فكان الاستخدام الأكثر لـ التللي قديما هو الاستخدام الشخصي، وكان يقسم بالألوان وفقا لكل فئة عمرية، فعند خطبة الفتاة يكون ثوبها مطرز بالتللي ذو اللون البني الفاتح، أما في زفافها فيكون ثوبها بالكامل والطرحة بالتللي الفضي كثير الزخرفة.

وكان التللي هو الاختيار المفضل في القرون الماضية للأسر الغنية حتى أن بعض الملكات والأميرات كن يطلبنه خصيصا لقطع محددة في ملابسهن، ويظهر في صورة نادرة، «الملكة نازلي» وهي ترتدي شالا مطرزا بـ«التللي» في إحدى الصور الرسمية لها.

أما فنانات الجيل الماضي فـ فضلن نسيج «التللي» في ملابسهن، مثل زينات صدقي وتحية كاريوكا وسامية جمال، ولم تقف شهرته لهذا الحد فالمصرية الجميلة «شارلوت واصف» التي تم اختيارها ملكة جمال الكون في عام 1934، ارتدت التللي في المسابقة الرسمية حيث فازت باللقب، مستوحية شكل ملابسها من الهوية المصرية.


وصل «التللي» بطابعه المصري إلى هوليوود، فكان أول ظهور له في هوليوود على الفنانة «هيدي لامار» في فيلم «شمشمون ودليلة» الذي عرض عام1949، وارتدته بعدها الكثير من فاتنات هوليوود، إليزابيث تايلور، وروك شيلدز، وميا فارو، حتى وصلت شهرته إلى الرجال أيضا فارتدى «توم كروز» وشاحا من «التللي» في فيلم "Rock of Ages عام 2012،.


واعتمد بيت أزياء كريستن ديور على استخدم التلى الأسيوطى، وارتدت الممثلة الأمريكية «باربرا سترايساند» فستان من «التللي»، وأصبح المفضل لدى بيوت الأزياء الفرنسية مثل بيت أزياء «ديور» فظهر في مجموعة ربيع عامي 1998 و 2007.


تعرض فن التللي إلى الاندثار أكثر من مرة، بسبب قلة الطلب عليه وغلاء أسعاره، ولكن أعادت الفنانة المصرية إسعاد يونس البريق مرة أخرى إلى فن التللي، من خلال البرنامج التليفزيوني الذي تقدمه حيث استضافت الفتيات اللواتي يعملن بـ التللي، ثم ظهرت في أحد الإعلانات التليفزيونية وهي ترتدي شالا أسود بنسيج التللي، ولم تكتف بذلك فقط، بل كثفت جهودها كمحاولة لإعادة إحيائه مرة أخرى، فمصمم الأزياء المصري محمد سامي صمم فستانا لمقدمة البرامج مني الشاذلي خلال افتتاح مهرجان الجونة مطرز بـ التللي، وكانت إسعاد من رشحت سامي، للشاذلي، واتبعت الفنانة يسرا خطوات هذه المبادرة فارتدت شالا أيضا مطرزا بـ التللي.

وفى محاولة لإعادة الهوية المصرية إلى الملابس، يعمل المصمم محمد سامي مع الجمعية المصرية الإيطالية و5 فتيات من محافظة أسيوط منذ خمس سنوات، في تطوير هذه الحرف وتوظيفها بشكل مختلف من خلال منتجات أخرى كالملابس، كمحاولة لإعادة الفن التراثي المصري.

وتعتمد فتيات الصعيد حاليا على خيوط التللي المستوردة، فكل بلد تتميز بشكل ولون مختلف عن غيره، فالخيوط المستوردة من فرنسا تتميز باللون الذهبي الذي يمتاز بمرونة في التطريز، أما نظيرتها الفضية فتكون من ألمانيا، أما المستورد من التشيك فهو خيوط عريضة ويعد أقل استخداما عن غيره، ويوجد التللي الهندي والصيني والباكستاني ولن يكون أقل جودة.