الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكنائس ... بيوت أذن الله أن ترفع ...


نعم هي كذلك .. ولكن هل يرونها كذلك ...؟ والتساؤل هنا عن خط طويل من المسئولين المغسولين بثقافة سلفية موبوءة ...وهي الثقافة التي اختلطت فيها تعاليم الأنبياء بإنتاج أجيال ممتدة من الأغبياء.

فأضحى فكر الرجال دينا وفقه القوم تدينا ورأي السادة الذين يطلون علينا عبر المنابر المختلفة هديا يصلنا على غير الحقيقة بالسماء ..!!

ماذا تفعل فيهم أجراس الكنائس عندما تدق إيذانا بذكر الله والدعاء للوطن ...بل والدعاء لكل شيء في هذا الوطن عبر الترانيم الجليلة والصلوات الرطيبة التي تستحث له طاقات من صفاء تُبث في أرضه وسمائه وأجوائه.

ماذا تفعل لهم القباب التي تحمل الصلبان لتقول للرائي إن الإشارة رمزية ودالة على التضحية بالدم كي يعيش البشر في هناء وهكذا يعتقد الشعب المسيحي بأنه عندما يتحلق حول هذه التضحية فعليه أيضا أن يكون مضحيا..

مضحيا بالصبر ومضحيا بالجهد ومضحيا بالتسامح كي يعيش مجتمعه والعالم من حوله في سلام ..

ماذا دهاها أن تفعل فينا تلك المباني الأنيقة الرتيبة التي تُبث فيها الصلوات التي تعانق بأرواحها عصر الشهداء في مصر وتستجلب بهداها ذكر المسيح الذي ساح مع أمه الطاهرة في أرض مصر حتى داست البركة كل نجوعها وعاشت البركة كل ذرات ترابها ..

كيف تخلفنا عن الركب الأول والفهم الأول وتحولت وجوهنا من الصفاء البشوش إلى العبوس المبثوث بالكيد للآخر.

شريك الحياة وابن الوطن ..

هل بعد كل الجهود القانونية التي بذلت وجعلتنا نتجاوز الخط الهمايوني الذي يضيق على الكنائس بناء وصيانة وهي ليست إلا بيوتا لله الواحد في الأرض يظهر لنا الخط السلفي الإرهابي المبثوث في النفوس والمنقوش في العبوس ..؟

كيف يكون لنا إخوة في الوطن ومواطنون يمتلكون كل الحق في بيت وعمل ومعبد وحرية يمارسون بها حياتهم أن نضيق عليهم وننبذهم إلى طرف الطريق وأطراف الاهتمام ....؟!

في الأقصر ... البلد التي تحتوى على ثلث أثار العالم .. عبق الفراعنة العظام . والذين قال عنهم العالم الفرنسي الكبير فرانسوا دوما وعن حضارتهم القديمة إن "الهدف الأسمى من كتابة تاريخ حضارة مصر هو العمل على تقريب روح من خلقوها، والوصول إلى البؤرة التي انطلقت منها إبداعات اجتماعية وأدبية وفنية، لعالم مازال يبهر بنجاحاته وروعته، وإن كان قد اختفى منذ أكثر من ألفي عام.. )

إنهم المصريون القدماء الذين آمنوا بالحياة والبعث ... وبرغم هذا الإيمان العميق كان الاختلاف الواسع بين معابدهم وآلهتهم حتى كان لكل إقليم إله ومعبد وكهنة ومع ذلك لم تدون لنا حروب حول المعابد ولا نكايات المتعبدين وعاش المصريون هناك قمة التحضر والتعايش والسلام ..

وبعد الزحف الصحراوي الأخير ناحية بلاد الحضارة اتضح أننا نتقدم نحو الهاوية لا نمضي خطوة واحدة باتجاه المقدمة ..

ومع ذلك وعلى مقربة من الأقصر هذه حيث عبق التسامح المصري القديم يتم هدم كنيسة عتيقة في أرمنت الوابورات بحجة تجديد بنائها لخطورتها على حياة المصلين ويبقى الأمر شهورا وحتى الآن دائرا من درج إلى آخر ومن دائرة إلى غيرها ليضطر أهالي القرية والقرى المجاورة لها فهي كنيستهم الوحيدة يضطرون للصلاة في خيمة من قماش لا تقيهم البرد ولا تدفع عنهم قسوة المناخ ... وتحيل بينهم وبين التنعم بالأجواء التي يجب أن يوفرها المكان لشرائط الصلاة وشعائرها ..

وحينئذ يصبح التساؤل مشروعا ومفتوحا أمام كل المسئولين في هذا الوطن:

ما الذي يمنعنا من منح ترخيص لتجديد كنيسة كان أحد فقهاء مصر العظام وهو الليث بن سعد يراها عمارة في الأرض ؟

ما الذي يجعلنا نغفل عما ينفعنا دنيا ودينا لنستورد من بعد الليث بن سعد فقه ابن تيمية وتلاميذه من السلفيين الذين يتجمعون اليوم على رؤوس شوارع تعاني من البطالة والمجاعة والإرهاب ليمنعوا المؤمنين بدينهم من الصلاة هنا أو البناء هناك ..؟

ما الذي يحدث في هذا الوطن ...؟

وأين هي مناهج التحديث التي تأخذ بأيدينا إلى الحقيقة التي يجب أن تعيش فينا بأن الكنائس بيوت يجب أن ترفع ليذكر فيها اسم الله ...؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط