الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أشرار المحروسة




يظن البعض عندما يتابع حياة سكان المحروسة ، وما يحدث بينهم من سلبيات ، أن شياطين الجن المقيمة في تلك البقعة من الأرض من ذوي الخبرات العالية، والقدرات الكبيرة، ولديهم المقدرة الواسعة للتأثير علي عالم الروح المتخفي في جسد إنسان.

ولكنني بعد متابعة دقيقة لبعض الأحداث وقراءة القرآن قراءة وافية، لمتابعة قدرات الإنس والجن علي تلك الأرض ، وجدت أن ما يفعله الإنسان قد فاق بكثير كل ما نعرفه من معلومات عن قدرات العفاريت المتشيطنة، فالمولي عز وجل ذكر في كتابه الكريم ، قوله تعالي(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ).

ومعني الكيد الضعيف هو الحيلة الضعيفة، فهو مهما كانت قوته الظاهرية إلا أن باطنه ضعيف لا يستند علي مقومات القوة، والقوة تأتي من الحق، وكلما كان ما يسعي إليه الإنسان بعيدًا عن الحق كلما ضعف كيده كضعف كيد الشيطان.

ربما تكون تلك القدرات التي فاقت قدرات الشيطان نتيجة عِزة تلك الأرض ، وتميزها عن الكثير من البقاع الأخري، فقد ذكرها المولي عز وجل في كتابه الكريم في أكثر من مناسبة، كما جعلها أرض يحيا عليها الأنبياء، كلّم الله موسي عليه السلام عليها وتزوج منها محمد وإبراهيم صلي الله عليهما وسلم، وعاش علي أرضها يوسف الصديق، ويعقوب ، وجاءت إليها مريم العذراء، وذكر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام نهرها بأنه من أنهار الجنة .

روى الشيخان عن مالك بن صعصعة - واللفظ لمسلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في رحلة الإسراء والصعود إلي سدرة المنتهي ، أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران، ونهران باطنان، فقال: يا جبريل ما هذه الأنهار. قال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات.

وهذا يفسر أهمية تلك البقعة، كذلك العراق فكل منهما من أهم الدول علي مستوي العالم، يسعي دائمًا لخرابها كل من أراد أن يسيطر علي الأرض،فتارة بالحيلة والمكر، وتارة بالحرب والدمار.
كل تلك المقومات ، تجعل من أهلها من كلا الثقلين له مقومات مختلفة عن باقي البلدان، رغم أن الشعب المصري شعب يُؤْمِن في مجمله بالأديان السماوية، ولا نعبد الأصنام.

حاول أن تتابع عن قرب أفعال بعض البشر ، علي أرض المحروسة، سوف تُفاجأ وبذهول ، بالقدرات التي غلبت كيد الشيطان، وخصوصًا في العلاقات الإجتماعية، والتي تختبئ بين جدران البيوت، حكايات وروايات شديدة التعقيد ، وعقول إذا استُخْدِمت في الخير لأصبحنا في الصفوف الأولي من الدول المتقدمة والمزدهرة، ولكن مع الأسف الشديد الذكاء موجه من البعض للشر فقط.

من أشهر قصص التاريخ، قصة ابنيّ آدم عليه السلام ، هابيل وقابيل ، وقد ذكرها المولي عز وجل في كتابه حيث قال( واتْل عليْهمْ نبأ ابْنيْ آدم بالْحقّ إذْ قرّبا قرْبانًا فتقبّل منْ أحدهما ولمْ يتقبّلْ منْ الآخر قال لأقْتلنّك قال إنّما يتقبّل اللّه منْ الْمتّقين، لئنْ بسطت إليّ يدك لتقْتلني ما أنا بباسطٍ يدي إليْك لأقْتلك إنّي أخاف اللّه ربّ الْعالمين، إنّي أريد أنْ تبوء بإثْمي وإثْمك فتكون منْ أصْحاب النّار وذلك جزاء الظّالمين. فطوّعتْ له نفْسه قتْل أخيه فقتله فأصْبح منْ الْخاسرين. فبعث اللّه غرابًا يبْحث في الأرْض ليريه كيْف يواري سوْأة أخيه قال يا ويْلتا أعجزْت أنْ أكون مثْل هذا الْغراب فأواري سوْأة أخي فأصْبح منْ النّادمين).

إذا راقبت ما يحدث خلف جدران بعض بيوت المحروسة ستجد تلك القصة تتكرر، ولكن بصور مختلفة ، الخلاف قد يصبح علي أمور حياتية ، بعيدة عن تقديم القرابين، فتجد علي سبيل المثال، من يريد أن يتخلص من أخيه، سعيًا وراء إرثه، ومن يتخلص من أبيه للسيطرة علي الأم سعيا وراء ما لديها من رزق، ومن يحاول التخلص من زميله في العمل سعيًا وراء السلطة وغيرها.

وقصة هابيل وقابيل ليست وحدها التي تتصدر المشهد خلف جدران بعض بيوت المحروسة، فالقَصَص الحق يطبق فعليًا كما ورد في الكتاب الكريم، ولكن بصور مُجوّدة، قد نتقبل حدوث تلك القصص، في بلدان تحيا علي عبادة الأصنام والشرك بالمولي عز وجل، ولكن عندما تكون كل المقومات التي أعطاها لنا الملك العظيم، الله جل في علاه، لتكون مصر ،جنة علي الأرض، بطهارة وقدسية أرضها ونهرها. فلا معني لتلك الأفعال التي تنتج من بعض البشر ممن يحيون في ربوعها ، مع ضعف كيد الشيطان كما ذكر المولي في كتابه الكريم، سوي أن بعض أرواح البشر علي تلك الأرض المباركة قد فاقت قدرات الشيطان. ربما يأتي دور عفاريت المحروسة المتشيطنة في الإغراء فقط ثم ينطلق الشر الكامن في النفوس ليبدع بفُجْر في عالم الشر، ونري نتاج ابداعاته بين البشر، ليعلن عن نماذج مجسدة لأرواح تشيطنت ولوثت أنقي بقاع الأرض وغلبت بشرها الطواغيت.

نموذج للجنة جعله الله تحت سيطرة سكان المحروسة، فتحولت مع الوقت إلي روايات تتخطي قدرة التاريخ علي سردها، وتحتاج للدراسة والتحليل، يقول المولي عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فمن منا أفسد الآخر في تلك الجنة، هل الجن سعي لفساد الإنس ، أم أن شرور النفوس الإنسية فاقت مخيلة الجن ممن يحيون علي أرضها؟



المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط