الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منتدى الشباب.. والبعد الرابع!!


في بُقعة من أجمل بِقَاع العالم، استضافت مِصْر مجموعة من شباب العالم، انطلاقًا من رؤية الدولة بأن الشباب هم أجمل ما في هذا العالم.

منتدى شباب العالم الذي أقامته مِصْر للعام الثاني على التوالي في مدينة شرم الشيخ الساحرة، التي أقرتها اليونسكو كمدينة من أجمل خمس مدن في العالم، كان اللقاء، الذي اكتمل ألقُه بحضور خمسة آلاف شاب من ١٦٠ دولة.

بوتقة حضارية وثقافية ودينية ولغوية امتزج فيها الجميع على أرضِ مصر، لنثبِّت للعالم أن مصر ما كانت يومًا مهدًا للحضارات إلا لقدرتها على تذويب الخِلافات وترويض الاختلافات لتصبح جديرة بأن تكون أم الدنيا.

مِصْر ذَكَرَت العالم المتناسي بأنها ليست مجرد دولة على خريطة العالم، إنما هي من شكلت الكثير من التفاصيل لهذا العالم!

فمصر هي الفرعونية اليونانية الرومانية القبطية الأورومتوسطية الأفريقية الإسلامية العربية، وربما ليس الخارج فقط من كان بحاجة للتَذَكُر، إنما الداخل قد يكون بحاجة أَشَد للتعريف!

فالمُحزِن في الأمر أن جاءت الأعمدة السبعة للشخصية المصرية مفاجأة على رأس بعض المصريين، الغافلين عن كينونتهم، والمتغافلين عن جذورهم، والمكتَفين بمصريتهم القِشرة دون الداعي للدخول في التواريخ، وبغض النظر عن رأي التأريخ!

لِذلك كانت من أهم ملامح منتدى الشباب في نسختِه الثانية، أن يكون محور المنتدى مستوحى من كِتَاب، واستضافِة إبن الكاتب الراحل هاني ميلاد حنا في أولى كلمات حفل افتتاح المنتدى، تَدُل على مدى وعي الدولة الحقيقي بأهمية القراءة، وليست قراءة الكتب فقط إنما أيضًا قراءة الذّات، والغوص في الأعماق!

رؤية واضحة تبلورت في الاختيار الذكي لكتاب الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، بها رسالة سياسية تؤكد أن الدولة تتبنى جميع الآراء البناءة بغض النظر عن التوجهات السياسية لصاحبها.

ويذكر أن المهندس ميلاد حنا كان من تيار اليسار وتم اعتقاله من قبل في عهد الرئيس السادات، ولا يعني بالضرورة اختلاف الزمن تغيير المفاهيم الراسخة في عقل المواطِن قبل الوطن!

فأحزاب اليسار على مدى التاريخ هي تيارات أقلية لا ترتاح لأفكارها الغالبية، لذا كان اختيار كتاب "الأعمدة السبعة" لكاتبه ميلاد حنا هو اختيار جريء يحمل رسالة واضحة وهي "مصري وكفى" بغض النظر عن الاختلاف السياسي أو الديني لأي شخص، فجاء محور المنتدى صادق الرؤية حقيقي الإرادة واقعي التنفيذ.

وكم كُنت أتمنى أن تكون إحدى توصيات المنتدى تبسيط كتاب العبقرِي الراحل المهندس الإنشائي ميلاد حنا وتوزيعه على الطلاب في مراحل الدراسة المختلفة، علّها تكون نواة عودة حصة المكتبة مرة أخرى للمدارس بمختلف صُنوفها.

فلم تختف حصة القراءة من المدارس الحكومية فقط إنما سبقتها المدارس الخاصة والدولية في إهمالٍ مُتعمَد لتلك الفُسحة العقلية القادِرة على خلق شخصية سوية! هي الشخصية المصرية بأعمدتها السبعة وأبعادِها الأربعة، فالبُعد الرابع هو ما نحتاج إليه اليوم في شخصية كل منّا!

فالشخصية الأحادية هي التي لا تستمع إلا لرأي نفسَها، والشخصية الثنائية قد تسمع لكنها لا تستوعِب ما يخالف عقيدتها ومنطقها في الحياة، أما الشخصية ثلاثية الأبعاد تسمع وتستوعب وتتأثر لكن دون أن تؤثر!

أما الرُباعية الأبعاد فتسمع وتستوعِب وتتفاعل وتؤثر وهذا ما نحن في أمس الحاجة إليه، أن نكسِر توابيت الجمود الفكري والثبات العقلي، ونخرج للبراح الواسع ونبعِد عن عبائات الضِيق التي أودَت بعقول الشباب مرّة باسم الله ومرات بدافِع العَوَز! وليس كل العَوَز ماديًا، فالعَوَز النفسي أَضَلُ سَبِيلا!

فلا درب لبناء مِصْر التي في أحلامنا إلا ببناء المصري القادِر علي تحقيق الحُلم، ومن شرم الشيخ جاء البُرهان علي صِدق نوايا الدولة في أن تكسب الرِهان، الذي أبرمته مع العالم! بأن شباب مِصْر هم غدٍ مُشرِق، وها هو يستقبِل ويشارِك ويتفاعل ويفكِر ويطرَح ويجادِل ويُحاول ويبادِر ويسمَع ويُسمِع ويسأل ويجاوب!

نموذج حقيقي قدمه شباب مِصْر لأعمدة شخصية المصري الراسخة ولعقليته الأصيلة المُتفتحة، ومن المنتدى كانت الرسائل المُبللة بالندى! ندى صباح جديد تُشرِق شمسه في قلب كُل مِصري يَعْلَم أن مصريته هي رسالة ومسئولية وأمانة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط