فشل مقال الأسبوع الماضي فشلا ذريعا، فتعليقات القراء ورسائل الواتس والماسنجر تؤكد أنني لم أنجح في توصيل رسالتي، ورغم ثناء البعض على عنوان المقال المنشور بـ"روزاليوسف" الذي حمل "إرهاب يتكاثر كالأرانب .. وخطاب ديني يسير كالسلحفاة" والذي فيه أوضح-فرق السرعات- في السباق بين [الإرهاب] الذي وصفت نموه كتكاثر الأرانب المعروف عنها أنها ولّادة، و[الخطاب] الديني الذي يتحرك كأبطأ كائن علي الأرض وهو السلحفاة لمواجهة الإرهاب.
لكني لن أُزْعِج قراء "صدى البلد" بالرسائل التي وصلتني ولا بالتوبيخات التي طالتني، ولا بمطالبة قارئ أن أصمت حتىلا يقرأ عليّ عدية يس، فالرسائل زادتني تصميما علي مواصلة الرسالة بمقال ثاني، ورأيت أنه خير من الرد علي كل واحد منفردا [أن] أبحث عن كلمات ورسالة أخرىتوضح حُجتي في حتمية تجديد الخطاب الديني وفكره.
ودخولا إلى صلب الموضوع، فهناك أسلاك شائكة يسير عليها الإرهابيون كداعش مثل آية"السيف" الآية [الخامسة] من سورة التوبة ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ والتي وفق [زعمهم] نسخت أي محت كل آيات العفو والصفح والوفاء والمسالمة، وفسروها طبقا لأهوائهم لتكون أرضهم الخصبة التي وجدوا فيها [أبارا] لوقود القتل والتعذيب وفصل الرؤوس وتطاير الأشلاء،و[مناجما] لاستخدامالسلاح والعنف-علي غير الحقيقة-
فداعش وطالبان والقاعدة وِفق تفسيراتهم المغلوطة تفرض الأية عليهم الحرب الدائمة على كل من خالف دينهم ومنهجهم،وكأنها حربًا كونية بلا نهاية، متجاهلين الآية السابقة [4] التى تتحدث عن الوفاء بالعهد،والآية اللاحقة[6] التى تتحدث عن توفير الأمان للمسالمين، واكتفوابالآية[5] التى تتحدث عن القتل.
هكذا لا ينظرون إلىسبب نزول الآية، التي نزلت في وقت كان القانون الذي يحكم مصير العالم هو«إن لم تغزُ تُغْزَ»،إذّا فلو تخاذل المسلمون عن ذلك فستُحتل أراضيهم ويكون مصيرهم السبى والاستعباد-وهو ما لميعد موجودا حاليا- حتىالشيخ "محمد عبده" يقول هل يعقل أن تنسخ آية واحدة منزوعة من سياقها أكثر من 100 آية فى 48 سورة تؤكد على الصبر والعفو والمسالمة والدفاع وتأمر بكف الأذى وتنهى عن الاعتداء؟
وقف الإرهابيون عند التفسير المتماشي مع أغراضهم والمرتبط بزمن معين، دون الالتفافإلىأهل العلم الذين قالواليست آية السيف ناسخة لتلك الآيات،ولكن أحوال الاقتتالتختلف باختلاف الزمان وبحسب القدرة،بل ويكفون عمن كف عنهم ، فيكون الأمر بحسب المصلحة والنظر في العواقب،أو إرجاع الأمر لولي الأمر،وهذا القول هو الراجح وقد ذكره ابن تيمية وابن كثير،واختارهجمع من أهل العلم.
والمعنىالذي أريد توضيحه في هذا المثال هو أن يدرك الجميع أن هناك تفسيرات وإجتهادات ليست صالحة طوال الوقت،وخاصة القاصرة علي ظروفها وضروراتها، مما يستوجب أن يجدد الخطاب الديني ثوبه، لأنها تؤدى إلى ظهور أجيال من التكفيريين والإرهابيين يعتبرون هذه الاجتهاداتحصونا أمامية لتبرير إرهابهم،وتحول دون الوصول إلي البحار الدافئة للدين الإسلامىالوسطي.
وأتمنىألا يخرج علينا أحد ويقول هل تطالبون بحذف أيات القران الكريم ؟كلا والعياذ بالله! نريد [ضبط] الأداء المنفلت الذى يمارسه البعض و[إزاحة] المتطفلين على الموائد الدعوية من غير المتخصصين و[وأد] الفتاوى الشاذة،و[إعتبار] إجتهادات العصور السابقة فيما [بعد] عصر الأئمة الأول غير ملزمة للفكر الحديث،فلكل عصر أطره المعرفية لفهم النصوص والإجتهاد فى تطبيقها طبقًا لمقتضيات تحقيق صالح الأمة وخيرها.