الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيديكس: شهادة نجاح بمرتبة الشرف الأولى


انتهى معرض إيديكس الدولي الذي أقامته مصر في الفترة من 3-5 ديسمبر 2018، بنجاح وبمرتبة الشرف الأولى، ليعلن للعالم أن مصر دولة قادرة على إنتاج وتسويق السلاح المتطور بكافة أشكاله. وبانتهاء المعرض، راودتني بعض الأسئلة المُلحة منها: هل مصر دولة ذات تاريخ يعتد به في صناعة السلاح، حتى يعتمد عليها الآخر في سد احتياجاته من السلاح؟ وهل سيصبح للسلاح المصري سوقًا رائجة بين تجار السلاح، والوسطاء، والدول ذات الصراعات، لاسيما دول العالم الثالث؟.

والتساؤل الأخير: هل مباح للدول أن تعلن عن تفاصيل وإمكانيات ما تنتجه من أسلحة؟ خاصة وأننا قرأنا كثيرًا عن جهود الأمريكان المتواصلة للإيقاع بالسلاح الروسي أو الصيني في أيديهم لتفكيكه وتتبع تقنيته، كي يتمكنوا من إنتاج سلاح مضاد له، وفتح أسواق له لدى الدول التي يهددها السلاح الروسي.

لقد دارت بخلدى هذه التساؤلات وأنا أتابع فعاليات معرض إيديكس، الذي استهوتني فكرته للوهلة الأولى. فمصر التي اشتهرت بمعرض القاهرة للكتاب، وراعية للفنوان والآداب، هاهي تعلن عن نفسها كدولة منتجة للسلاح بمواصفات عالية الجودة.

دعونا نقر أن تجربة محمد علي باشا يمكن اعتبارها قاعدة يبنى عليها تاريخ مصر في إنتاج السلاح والذخيرة في العصر الحديث؛ فجميع المؤرخين متفقين على أن محمد علي باشا -مؤسس مصر الحديثة- هو من أعاد بناء الجيش المصري، وجعل أسطوله الأهم في مياه البحرين الأحمر والمتوسط، حتى أصبحت له السيادة عليهما متجاوزًا السلطة العثمانية، التي استعانت بقوى الشر آنذاك، أعني فرنسا وانجلترا، في نهاية المطاف لتدمير قوة مصر العسكرية وتقليم أظافر الباشا. 

ويشهد المؤرخون على النهضة العسكرية والاقتصادية التي عمت مصر في عهد الباشا، فانتشرت مصانع السلاح في مصر تحت إشراف الخبراء الفرنسيين وغيرهم، وازدهرت ترسانات تصنيع السفن، وأضحت مصر قوة عظمى تخشى الأمم بأسها، حتى أن السلطان العثماني استعان بالجيش المصري والأسطول المصري مرارًا للقضاء على المتمردين عليه.

وخلال الحقبة الناصرية، عقب ثورة يوليو 52، كادت مصر أن تنتج أول طائرة حربية قتالية بأيد مصرية بالتعاون مع الهند. وبالفعل تم تصنيع أول تلك الطائرات وأُحضرت مواتيرها من شركة مرسيدس الألمانية، غير أن المشروع لم يكتمل؛ وفي تلك الحقبة أيضًا كشفت مصر عن إنتاجها لصواريخ القاهر والظافر طويلة المدى، والتي لا شك أن إسرائيل كانت تخشى بأسها. 

ومن الطريف أيضًا أن مصر أطلقت مشروع إنتاج أول سيارة مصرية، بعد إنتاجها سيارات النقل "نصر"، وخرجت السيارة رمسيس للنور؛ وأذكر أن ميدان الرماية كان يشهد إحداها كماكيت للإعلان عنها على أرض الواقع. 

وهكذا، مثلما دعت الحاجة هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية لإنتاج الخنفساء التي لا تستخدم المياه للتبريد، والتي أضحت معشوقة للجماهير بعد ذلك؛ دعت التهديدات التي تواجهها مصر إلى التجديد والإبتكار في السلاح، سواء ما أُعلن عنه أو ما لم يعلن عنه بعد. 

وخلال العقود القريبة أنتجت مصر بالتعاون مع الولايات المتحدة الدبابة إبرام M1A1، بنسبة مكون مصري لا يقل عن 40%؛ كما قامت بتعديل وتطوير الطائرات الميج 17، و 21 الروسية الصنع ورفع كفاءتها القتالية بأيد مصرية، كما أنتجت طائرة التدريب K8E، التي يستخدمها طلابنا في التدريب على الطيران الفعلي؛ والمفاجأة التي قدمها المعرض ليس فقط في المدرعات المصرية المتطورة بل أيضًا في أجهزة الشوشرة والإعاقة والمراقبة والرصد والمسح الفضائي وغيرها مما يؤكد أن هناك خلايا بشرية تعمل في صمت على تطوير السلاح المصري وابتكار كل ما هو جديد يؤدي إلى رفع قدراتنا القتالية بأيد وعقول مصرية.

لقد كان المعرض فرصة لتعلن مصر –لاسيما لدول العالم الثالث- أن لديها سلاحًا لا تقل كفاءته عن مثيله الغربي، على الأقل في نطاق الأسلحة المتوسطة وفوق المتوسطة، وبأسعار أقل كثيرًا مما يبيع به الغرب، وهو ما سيفتح أسواقًا مستقبلية مبشرة للسلاح المصري.

تحية تقدير واجبة على كل مصري ينبض قلبه بحب مصر إلى العقول الساهرة ليل نهار تعمل وتفكر وتبتكر كل ما هو جديد ليس فقط للدفاع عن أمن مصر وسلامة أراضيها، بل أيضًا للخروج بالمنتج المصري إلى خارج الحدود دعمًا للاقتصاد الوطني.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط