كان لمحافظات الصعيد دورٌ كبيرٌ في الأحداث السياسية في عهد العثمانيين فيما أقدم عليه الهوارة من نشاط سياسي فعال في ولاية " جرجا والأسيوطية " حيث زاد نفوذ الهوارة بالصعيد بعد الفتح العثماني لمصر عام 1517 ميلادية لأنهم لم يقفوا من العثمانيين موقف العداء أثناء فتحهم لمصر، وأرسل السلطان هدية لأميرهم علي بن عمر زعيم القبيلة وشيخ الصعيد في ذلك الوقت مع مرسوم باستمراره في حكم الصعيد فارتفع شأنه وشأن الهوارة بذلك.
وأرسل الأمير علي بن عمر حاكم الصعيد هدية إلى السلطان العثماني في عام 1520 ميلادية ونتج عن ذلك أن قام السلطان العثماني بإرسال هدية ومرسوم في العام التالي لحاكم الصعيد وقد سر السلطان سليم بهدية شيخ هوارة التي وصلته بعد هدية خاير بك وصاحب اليمن، ولكن لم تستمر طويلاً العلاقات الطيبة بين العثمانيين والهوارة بعد أن قام السطان العثماني بتعيين سليمان جنبلاط أحد بكوات الممالك حاكما على الصعيد في عام 1576 وتعرضوا لهجرات البدو الوافدين على الوادي من الغرب، كما تعرضوا لهجمات القبائل المواجهة لقرية بني عدي وغيرهم من القبائل بجنوب الصعيد.
وعلى الرغم من ذلك استحوذ الهوارة على كثير من القوة والجاه والمركز الاجتماعي المرموق على أقرانهم من الذين امتهنوا الفلاحة فكان حمكهم يتسم بالصرامة والكبرياء ففرضوا الضرائب على الأراضي الزراعية وعلى التجارة المارة بمناطق نفوذهم خاصة القوافل الأفريقية ومنها قافلتي دارفور وسنار والتجارة القادمة من البحر الأحمر من شبه الجزيرة العربية وجمعوا الثروات الهائلة مما جعلهم يتعرضون إلى الهجمات من جيوش السلطات الحاكمة في القاهرة للقضاء على سطوتهم في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
ولكن ظل نفوذ الهوارة قويا بسيطرتهم على الصعيد وتولى شيوخهم حكم البلاد في البداية حتى ان تمكنوا من ادارة معظم اراضي الصعيد عن طريق الالتزام مما هيأ لهم نفوذا واسعا وسيطرة كبيرة تحت عباءة السلطة العثمانية واستمر الامراء من اولاد الامير عمر يحكمون الصعيد ومن هذا الفرع من الهوارة الشيخ " هامام يوسف أحمد " الذي كانت له السيطرة على جميع أنحاء الصعيد في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي ولم تكن مدينة جرجا من الشهرة بمكان حتى نزل بها الهوارة فأصبحت مقر حكم ولايات الصعيد وعاصمته وظلت كذلك حتى قضى علي بك الكبير على الشيخ " همام " وانتقلت العاصمة الى أسيوط وتراجعت مكانة جرجا وضعف نفوذ الهوارة وأصبح " علي بك " حاكما للصعيد ويقضي بجرجا نصف العام والنصف الاخر في أسيوط التي اصبحت منذ القرن الثامن عشر أعظم مدن الصعيد.
وكانت علاقة الهوارة بالمماليك غير سوية لان الهوارة اعتبروا أنفسهم أصحاب البلاد وهم أحق بحكمها من المماليك الوافدين عليها ، وبعد ان ضعفت سلطة العثمانيين على مصر وسيطر المماليك على مقاليد الامور أخذ علي بك ينظر الى القاهرة ويهتم باحداثها السياسبة أكثر من اهتمامه بامور الصعيد وأصبح الصعيد منفى وملجا لكل الامراء والمماليك المهزومين أو المنفيين وأتباعهم الذين كانوا في حاجه لمساعدة الهوارة ولاموالهم ليستعينوا بهم على هزيمة منافسيهم في القاهرة وبذلك بدأ نفوذ الهوارة يقوى خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وظل
صراع شيخ العرب همام حاكم الصعيد وعلي بك الكبير وشهدت أسيوط معركة الحسم بين قوات
شيخ العرب همام وأنصاره وجيوش علي بك الكبير الثلاثة التي خضعت لقيادة أبي الدهب
واستمر علي بك في ارسال الامدادات والذخائر ليضمن القضاء نهائيا على الشيخ همام
وكانت كفة جيوش علي بك الارجح رغم الخسائر البشرية التي لحقت بقواته ، مما ادى الى
فرار قوات شيخ العرب همام الى فرشوط وبذلك كانت معركة أسيوط بداية النهاية لسيطرة
شيخ العرب همام على هذه المناطق الشاسعة من الصعيد وانتهت أيام الصعيد الزاهرة
التي نعم فيها بالامن والاستقرار في عهد شيخ العرب همام.