الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ملف الموت ومأساة مصطفي النحاس


مأساة حقيقية أن تتحول شوارع مصر مع الزمن إلي حقل للتجارب، مصر الدولة التي أبهرت العالم بتاريخ معماري فريد، وأساليب متطورة. 

منذ أكثر من سبعة آلاف عام ونحن نبني ونشيد ونخطط علي أسس علمية سليمة، ثم تتبدل الأحوال وتتحول بعض شوارع مصر في العصر الحديث إلي مأساة تحتاج إلي حل جذري وتخطيط سليم، دون تجارب في المواطنين.

علي سبيل المثال شارع مصطفي النحاس بمدينة نصر، منذ سنوات عاني الجميع من عدم استيعاب ذلك الشارع للكم الكبير من السيارات والأوتوبيسات التي تمر به بصورة يومية، فكان القرار الحكيم الذي أطل به علينا بعض المسئولين، هو إلغاء المترو الذي كان يمر بوسط الطريق وتحويل الحارة الوسطي إلي حارة خاصة بأوتوبيسات النقل العام بهدف تقليل الازدحام ومنع تكدس السيارات في الشارع، و تم تنفيذ هذا التعديل الذي تكلف مبالغ طائلة واستمر لفترة طويلة عاني منها الجميع.

بالطبع مع الوقت أثبت فشله وكان من الممكن تخطيط الشارع بأسلوب أفضل بتوسيع الحارات بالاتجاهين لتسهيل الحركة دون تقسيم الشارع إلي ثلاث حارات وتخصيص الحارة الوسطي للأوتوبيسات ، وكان القرار من جديد بإعادة تخطيط الشارع وتكسير كل ما تم تنفيذه وإتلاف كل ما تم تعديله ، بأموال جديدة وميزانية جديدة، ومعاناة جديدة لكل من يمر به.

تحول هذا الشارع الحيوي الرئيسي إلي حقل تجارب علي حساب سكان المنطقة، وكل من تضطره الظروف لاستعماله للوصول إلي مبتغاه، والسؤال هنا هل لا يوجد لدينا جهات متخصصة للتخطيط تفكر وتخطط بدقة متناهية وتضع الاحتمالات قبل التنفيذ؟ كيف يتم تعديل هذا الشارع لأكثر من مرة بمبالغ طائلة وميزانية كبيرة دون الحذر من النتائج؟ ومن يتحمل مسئولية ما يحدث.

مأساة أخري حدثت بالفعل بمدينة الشروق، منذ سنوات قليلة تم عمل بوابات للمدينة علي أطراف المحور الأول في الاتجاه المؤدي إلي طريق السويس، والاتجاه الآخر المؤدي إلي طريق الإسماعيلية تكلفت مبالغ طائلة، ثم سرعان ما تم هدم البوابة الأولي المؤدية إلي طريق السويس واستبدالها بكوبري يصل مدينة الشروق بمدينتي ، وبعد فترة وجيزة تم هدم البوابة الأخري التي تكلفت مبالغ طائلة أيضًا والمؤدية إلي طريق الإسماعيلية لاستبدالها بكوبري جديد يصل المدينة بطريق الإسماعيلية مباشرة ويقسم مخارجه إلي ثلاث اتجاهات الأول يصل بك إلي مدخل مدينة المستقبل والثاني إلي طريق السويس والثالث إلي مدينة الشروق.

المشكلة الحقيقية للكوبري هو عدم وجود إضاءة كافية أو لوحات إرشادية واضحة تسهل علي المواطنين اتخاذ الاتجاه السليم المراد الوصول إليه، ناهيك عما حدث بعد انشاء الكوبري من إعادة صياغة للطريق الرئيسي لمدنية الشروق ، فقد نتج عن هذا التعديل ملف الموت وهو الملف الموجود يسار المسلة القائمة علي مدخل الحي التاسع بالمدينة.

إذا كنت قادمًا من طريق السويس متجه إلي طريق الإسماعيلية فاحذر ملف الموت، الذي تسبب في وجود حوادث يومية بسبب الخطأ الذي لم يتم ملاحظته من بعض المسئولين عند تخطيط هذا الملف، فهو علي مسافة قريبة جدا من مدخل ميدان الحي التاسع الرئيسي ، فإذا كنت قادمًا من الحي التاسع وترغب في التوجه إلي طريق السويس فسوف تضطر لإستخدام هذا الملف القصير ، وسوف تتعرض للتصادم مع السيارات القادمة من المحور الرئيسي لمدينة الشروق ، حيث تمر السيارات بسرعتها دون أن تتوقع وجود ملف قصير علي اليسار يستعمله الخارج من الحي التاسع من جهة اليمين فيحدث التصادم.

وكان من الممكن حل الموضوع بإطالة الملف بالمسافة المناسبة أو بوضع مطب صناعي علي مدخل ميدان الحي التاسع قبل المسلة ، مع وضع علامات إرشادية تنبه القادم من المحور الرئيسي من اتجاه مدينتي أو طريق السويس، بضرورة تخفيف السرعة في تلك المنطقة لتفادي حدوث حوادث يومية تصيب المواطنين بالضرر النفسي والمادي، بخلاف الخطورة علي أرواحهم.

ونعيد التساؤل من جديد، من المسئول عن هذه الأوضاع؟ وكيف يتم إهدار أموال طائلة لتعديل الشوارع دون تخطيط جيد؟ هل نحن في وضع اقتصادي يسمح بهدر أموال في تجارب تثبت فشلها مع الوقت؟ هل وصل بِنَا الحال ونحن بناة الأهرامات التي ما زالت من عجائب الدنيا إلي عدم القدرة علي تخطيط شارع بصورة سليمة تحمي المواطنين من العبث؟ من يتحمل الخسائر التي تقع علي كلا الطرفين، المواطن من جهة والدولة من جهة أخري؟ إلي متي ستظل الشوارع المصري تتعرض لسوء التخطيط؟.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط