الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيران باقية .. وتتمدد


بعد غياب استمر شهورا عديدة، وبعد شائعات عن مرضه، خرج السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله اللبناني عبر شاشة الميادين المدعومة إيرانيا، بحديث ملتهب وغاضب، مشيدا بإيران في المنطقة، ومهددا إسرائيل كالعادة، ولم تمض أيام حتى ألقي خطابا في الذكري الأربعين للثورة الإيرانية، وهو الخطاب الذي مهد لزيارة جواد ظريف وزير خارجية إيران إلى لبنان، عارضا دعم إيران بالسلاح والمال لمواجهة إسرائيل.

هذه المشاهد المتتالية، التي تأتي في ظل احتفالات طهران بذكري مرور 40 سنة على الثورة الإيرانية، يؤكد أنها باقية وتتمدد، فتمد أذرعها في كل نقطة من نقاط العالم، في العراق كما في لبنان، من اليمن إلى باكستان، من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا، وفي مصر حاولت كثيرا وطرقت جميع الأبواب، لكن محاولاتها فشلت وطرقها أغلقت، حتى أوروبا لم تتركها، ولم تسلم من سياسة طهران إيران التدميرية تحت ستار الدبلوماسية، ومن ثمّ تزايدت الانتقادات الأوروبية ضد إيران، وأصبح الأوروبيون يعبرون عن انتقادهم بشكل علني أكثر من الماضي، غير أن هذه الانتقادات، في ظل الاختلافات السياسية والاقتصادية التي تضرب بلدان الاتحاد، جعلت من الصعب على الأوروبيين صياغة سياسة متماسكة تجاه إيران.

ومع ذلك فإن محاولات الاغتيالات الإيرانية التي تم كشفها مؤخرًا على الأراضي الأوروبية (خلال يونيو الماضي في فرنسا، وأكتوبر في الدنمارك وهولندا في 2015 و2017)، أدت إلى توتر الأجواء بين إيران وأوروبا وزادت من حدة التهديد الذي يشكله السلوك الإيراني، إزاء ذلك وافق وزراء الخارجية الأوروبيون في يناير الماضي على إضافة إدارة الأمن الداخلي التابعة للاستخبارات الإيرانية، واثنين من كبار المسئولين، إلى قائمة الإرهاب الأوروبية، تشمل العقوبات الناتجة عن هذا القرار تجميد حسابات وأصول مالية وحظر تحويل أموال إلى هذه الكيانات.

تمسّك أوروبا بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب مخاوفها من أنشطتها الإرهابية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدانهم، فبعد توقيع العقوبات غضبت إيران بشدة من هذه الخطوة لأنها تشكل ضربة لها وتعمق انعدام ثقتها بأوروبا، خاصة في ظل الأهمية الاقتصادية لأوروبا، والانخفاض المتوقع في الناتج الإجمالي وموازنة العملات الأجنبية. 

لم يعد ما تمر به إيران من أزمة اقتصادية حادة محل شك، خاصة في ظل سياستها التوسعية لتصدير الثورة الإسلامية إلى دول أخرى، واستمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية عليها، مما حدا بها خفض ميزانياتها لصالح حركات المقاومة التي تدعمها إيران، مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، حيث باتت أولي ضحايا الأزمة الاقتصادية في إيران، فحركة حماس على سبيل المثال تعاني من أزمة اقتصادية حادة، لأن أموال الدعم الإيراني قد خفضت بشكل كبير، مما يجعل من الصعب عليها دفع الرواتب لأعضائها في غزة، حتى أصبح كبار حركة حماس ينتقدون سلوك إيران وعدم الوفاء بالتزامها تحويل الأموال إلى الحركة، وبدأوا يولون وجهتهم حول إمكانية إنشاء شراكات مع دول أخرى في المنطقة كبديل عن الدعم الإيراني المفقود.

في النهاية، فإن اجتماع وزراء الخارجية العرب مؤخرا في الأردن، من أجل البحث في أمن واستقرار المنطقة، وكذلك مؤتمر وارسو بشأن " مستقبل السلام والأمن فى الشرق الأوسط" هل يضعا حدا لهذه السياسة التدميرية والتوسعية في الذكري الأربعين للثورة الإسلامية في طهران؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط