الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمز الحب والعدالة وحامية المواليد وربة السماء.. حكايات مثيرة عن الأم في مصر الفرعونية.. صور

أحد تماثيل الأمومة
أحد تماثيل الأمومة

تمتلئ صفحات الحضارة المصرية القديمة بعدد لا حصر له من قصص الأمهات، واللاتي صنعن أمجادا كثيرة وكبيرة، حيث أنه لا تعرف البشرية أمة من الأمم رفعت مكانة الأم ووضعتها فى موضعها من القدسية كما فعل المصريون على طول تاريخهم العريق.

هذه القصص كشفها لنا د.اشرف أبو اليزيد مدير عام متحف النسيج كشف لنا عددا من قصص الأمهات في الحضارة المصرية القديمة،حيث قال أنه منذ عصور ما قبل التاريخ فى مصر وكانت الأم هي الملهمة فى الفنون،فكان من أولى أشكال الفن التى مارسها المصريون فى فن النحت، تلك التماثيل التى تعرف بتماثيل الأمومة والتى تظهر فيها الأم تحمل طفلها.

كما أن واحدة من أشهر الأساطير التى كان لها دور كبير فى تشكيل وعى المصريين ومعرفتهم بالأديان كانت أسطورة إيزيس وأوزريس ، تلك الأسطورة التى لابد وأنها أخذت فى أصلها من قصة حقيقية لحكام مصر الأوائل.

ثم زادت عليها خيالات المصريين من التفاصيل ما أكسبها تلك الشهرة العريضة عن الأم إيزيس التى تكافح وتجاهد الشر متمثلا فى المعبود ست فتنتصر لزوجها أوزوريس فى وفاء وتربي ابنها حورس وتحميه حتى يسترد عرش أبيه على ملك مصر .

وتابع: اتخذ المصريون كثيرا من الأمهات رموزًا لقوى إلهية عديدة غير ايزيس التى كانت رمزًا للوفاء والإخلاص ، فكان منهن حتحور رمز الحب وأم حورس الثانية التى يعنى اسمها " سكن حور أو بيته"،وكان منهن ماعت رمز العدالة وسخمت رمز القوة و تاورت العظيمة حامية الأمهات والمواليد.

وكان منهن نوت ربة السماء التى تسبغ حمايتها على أبنائها المصريين من الحسد والأرواح الشريرة، والتى احتفظ المصريون حتى اليوم باعتقادهم ان اللون الأزرق يحمى من الحسد،لأن ذلك ما كان يعتقده أجدادهم حيث يمثل اللون الأزرق لون السماء التى تسكنها المعبودة"نوت".

وبلغ المصريون من تقديرهم للمرأة عمومًا والأم بوجه خاص، أنهم رفعنهن على عرش مصر فكان منهن ملكات منذ الأسرة  المصرية الأولى على اقل تقدير ،مثل الملكة مريت نيت ( حوالى 5 آلاف عام تقريبا )، وخنتكاوس من الدولة القديمة وحتشبسوت الشهيرة من الدولة الحديثة .

كما كان لبعضهن أدوار كبرى حرص معها ابنائهن أو أزواجهن على إظهار ذلك، فنرى الملك خوفو صاحب هرم الجيزة الأكبر يخصص مقبرة عظيمة لأمه الملكة حتب حرس بجوار هرمه، ويؤسسها بما يليق بمكانتها ونرى تى زوجة الملك امنحتب الثالث وام اخناتون تجلس فى تماثيل ضخمة بجوار زوجها بأحجام لم تتكرر فى الحضارة المصرية القديمة.

ونرى نفرتيتي زوجة اخناتون كيف تظهر فى مشاهد رقيقة مع اطفالها ،وكيف تقف الأم نفرتارى زوجة رمسيس الثانى معه فى تماثيله، بل انه يخصص لها معبدا بكامله على بوابة مصر الجنوبية بجوار معبده فى أبوسمبل.

وتابع أبو اليزيد:ووقفت الأمهات فى الصفوف الأولى فى معارك مصر وقتالها ضد الطامعين والمغامرين، فقادت الأم إياح حتب حركة تحرير مصر من الهكسوس،فى فترة غاية فى الصعوبة فى تاريخ مصر فى بداية الدولة الحديثة، وقدمت زوجها وأكبر أبنائها شهداء من أجل مصر.

‏ثم وقفت مع ابنها أحمس حتى تم التحرير،ولم ينس لها المصريون ما قدمته من جهد فى كفاحها وإصرارها، فكرموها ومنحوها أعلى الأوسمة والنياشين العسكرية وفاء لما قدمته لبلادها، وحرص المصريون القدماء على تعظيم الأمهات فلقبوهن بألقاب تظهر مدى الاحترام مثل طاهرة اليدين، العظيمة فى القصر، سيدة الحب، سيدة الجمال، عظيمة البهجة.

وامتلأت نصوص الحكماء والأدباء بوصايا جميلة، تذكرنا بما نادت به الكتب السماوية بعد ذلك بكثير من بر الأم والاهتمام بها،فيوصى الحكيم آنى ابنه بأمه قائلًا:ضاعف مقدار الخبز الذي تعطيه لوالدتك واحملها كما حملتك,لقد كان عبؤها ثقيلا في حملك ولم تتركك لأحد قط ، وحين ولدتك حملتك كذلك ثانية بعد شهور حملك.

‏ وقد أعطتك ثديها ثلاث سنوات ولم تنفر من فضلاتك ولم تكن متبرمة،ولقد ألحقتك بالمدرسة عندما تعلمت الكتابة وقد وقفت هناك يوميًا بالخبز من بيتها،وحينما تصبح شابا وتتخذ لنفسك زوجة وتستقر في بيتك اجعلها نصب عينيك كيفما وضعتك أمك و كيفما ربتك بكل الوسائل ،  وليتها لا تضرك بألا ترفع أكف الضراعة إلى الله وليته لا يسمع عويلها بسبب عقوقك".