الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حاجات لو عرفتوها تبقوا عُمد.. !


صديقي القاهري، كاد يسقط متضاحكًا من فوق كرسيه، ساخرًا حينما رأى مقطع فيديو قمت بنشره، وبعض أصدقائي، نتراقص على أنغام الطبل الصعيدي، والمزمار البلدي، وحينما سألته عن سبب ذلك، أجابني "أنا مش عارف إيه اللي بتعملوه ده.. انتوا بتهشوا ناموس بالعصيان دي".

لم أندهش من ردة فعله تجاه ما شاهده، وكذلك لم تستفزني سطحيته تجاه ما أعتز به، فزميلي العزيز المحبوب دائم الجلوس بجواري، يتسلل من سماعته دائمًا صوت أغاني المهرجانات الهابطة، "عالم فاسد وميسنا بميسه والجن وغاندي وعم الطري"، فكيف سيستوقفني ذوق صاحبنا "الطري"، وتعليقه على فننا العتيق، وذوقنا الأصيل، وفلكورنا الشعبي الضارب بجذوره تاريخيًا عبر مئات السنين.

المزمار البلدي من الآلات الفرعونية المصرية الأصيلة التى نستخدمها إلى الآن كآلة أساسية ضمن الآلات الموسيقية المعروفة، حيث يعد المزمار أداة موسيقية بكل فرح ومناسبة فى صعيد مصر، وتعد آلة من آلات النفخ الخشبية التى تطورت فيما بعد على يد الغرب.

كيف لا يؤثرنا "صانع السعادة"، بكفيه المُجعدين حينما يقرعان على الطبل بكل قوتهما، ومزماره يتمايل مع دقاته الصاخبة، وجلباب بجوار الآخر يتراقصان في الهواء عبر نغمات تطرب أذان سامعيها قبل أن تجبر أجسادهم على التراقص يتوسطهم قائد أوركسترا "الطبل البلدي" ومنشد أهل الصعيد.

عام 1939 كرم الملك فاروق عازف المزمار البلدي في أسيوط، حينما حضر ليشهد تعليه القناطر آنذاك، ومن قنا، وسوهاج، وأسيوط، والمنيا تتغنى فرق الطبل البلدي الشعبية بإيقاعات المزمار، والناي، وتحتل مكانة كبيرة ومميزة ترتبط بوجدان "الصعايدة"، وتلازمهم في أفراحهم، ومناسباتهم السارة.

في التراث الصعيدي، تتغير طرق الاحتفال بالمزمار، ومناسباته، كالأفراح والموالد والذهاب لأداء فريضة الحج وطهور الأطفال، فتلك عادات لم يبلها الزمن رغم غزو "الدي جي" الخاص بأولئك الراقصين في البارات والملاهي لقرى الجنوب وأفرح المحروسة.

اللهجة الصعيدية، واللغة الرصينة، والألفاظ التراثية، والابتعاد عن الموضة الصارخة والتقاليع المستهجنه، وعدم لبس السلاسل للصبيان، والكرم، والتكافل رغم الفقر، وعدم وجود أطفال شوارع، تقاليد وعادات صعيدية تراثية نعتز بها ونفخر على مر الزمان حتى لو روحنا أمريكا، لأنكم "لو عرفتوها تبقوا عُمد".


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط