الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشارقة تعيد إحياء معجم يؤرخ للغة والحضارة العربية على امتداد ١٧ قرنا

الأمين العام لمجمع
الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة محمد صافي المستغان

كشف الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة محمد صافي المستغانمي عن أن المعجم التاريخي للغة العربية الذي تعمل عليه إمارة الشارقة بتوجيهات ودعم من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مشروع عظيم سيكون فاتحة عصر حديث للغة العربية، واصفًا إياه بالمعجم العملاق الذي يمثل ذاكرة الأمة العربية وديوان ألفاظها وسجل أشعارها وأخبارها وحامل مخرجات ومنتجات أبنائها وبناتها.

وأكد المستغانمي أن حاكم الشارقة أعاد إحياء العمل على المعجم من جديد بعد أن حاول العمل عليه الكثير من الجهات وتوقفت نتيجة عظمة وضخامة المشروع، مؤكدًا أن الشارقة قطعت أشواطًا كبيرة في إنجازه، وسيرى النور قريبًا.

وأشار إلى أن المعجم يؤرخ للغة والحضارة العربية على امتداد 17 قرنًا، تتوزع على ثلاث مراحل بحثية هي مرحلة النقوش القديمة، واللغات السامية التي تنتمي إليها العربية، والثالثة هي مرحلة اللغة واستخدامها، ويشمل المعجم خمسة عصور؛ العصر الجاهلي، العصر الإسلامي والأموي، والعصر العباسي، وعصر الدويلات والمماليك، والعصر الحديث، مؤكدًا أن العمل يجري عليه بمشاركة أكثر من 300 باحث ومختص من كبار علماء اللغة العربية، ويضم لجان في 9 دول بمشاركة نخبة من الخبراء والمراجعين والمدققين، وتحتضن الشارقة اللجنة التنفيذية للمشروع، كما تحتضن القاهرة اللجنة العليا للتدقيق في اتحاد المجامع اللغوية العلمية.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات الدورة الرابعة مع مهرجان الثقافة واللغة العربية -الذي تنظمه جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في ميلانو بإيطاليا، بشراكة استراتيجية مع هيئة الشارقة للكتاب-، شارك فيها الدكتور امحمد صافي المستغانمي، وحاورته فيها البروفسورة ماريا زنولا رئيسة قسم اللسانيات والآداب بالجامعة الكاثوليكية، استعرض خلالها مسيرة العمل على إصدار "المعجم التاريخي للغة العربية" الذي أطلقه صاحب السمو حاكم الشارقة، بهدف بحث تاريخ المفردة في العربية، وتطورها منذ الجاهلية إلى اليوم، إلى جانب البحث في نشأة العلوم اللغوية والنحوية.

وتناولت الجلسة ضرورة وجود المعجم، وأهم التّحدّيات التي تواجه إتمامه، وأبرز ملامح الخطّة العلميّة المتّبعة لإنجازه، كما كشفت المعايير التي يختلف فيها المعجم عن سائر المعاجم العربية، وفريق عمل الباحثين والعلماء العاملين على المشروع، إضافة إلى المراحل التي وصل إليها إنجازه.

وقال المستغانمي: "على الرغم من كثرة ما تمتلك الأمة العربية من معاجم إلا أنّها لا تغني عن المعجم التاريخي الذي يؤرّخ لجميع ألفاظ اللغة العربية منذ نشأتها الأولى إلى عصرنا الرّاهن، فهو مشروع كبير وشامل وقفت العديد من العوامل دون إنجازه سابقًا، كان أهمها: ضخامة العمل إذ لا ينبغي للذي يؤرّخ للغة العربيّة أن يستند إلى مصادر محددة من الشعر، ويترك مصادر أخرى، ولا يصحّ أن يضع في المدوّنة اللغوية الحاسوبية كتبا تتعلّق بالأدب وأجناسه التعبيرية، ويهمل كتب الفلسفة والمنطق والتاريخ والمواد العلمية الأخرى".

وأضاف: "يعنى المعجم بتتبّع اللفظ العربي في أوّل استعمال له، ويجيب على أسئلة: من هو المستعمِل الأوّل للفظ؟ وفي أيّ سياق ورد؟ وما الدلالة التي كان يحملها؟ وهل تغيّر من ناحية الشكل والصوت والتّهجية؟ وهل طرأ عليه تغيير في البنية الصرفيّة، وهل تحوّلت دلالته من معنى إلى معنى؟ ومتى تمّ ذلك؟ هذه الأسئلة ومثيلاتها لا تجيب عنها القواميس والمعاجم اللغوية العادية، وإنّما يجيب عنها المعجم التاريخي".

وتحدث مستغانمي حول التجارب العالمية التي عملت على المعاجم التاريخية في لغاتها، قائلًا: "كان الألمان هم الأوائل الذين عملوا على المعجم التاريخي، وتوفي الشخصان اللذان كانا يعملان على المشروع قبل الانتهاء منه، حيث توقف المشروع وعاد العمل عليه بعد 120 سنة من تلك البدايات". وأكد أن المعجم التاريخي للغة العربية يستفيد في عمله من المنهج الألماني والفرنسي للمعاجم التاريخية حيث يتتبع التغير الدلالي وتطور معاني الألفاظ أو انقراضها واندثارها.

ولفت في ختام حديثه إلى الميزات التي جاء فيها المعجم التاريخي ليكون مواكبًا لمتغيرات العصر المتسارعة، بقوله: "نحن الآن في العصر الذهبي للتواصل العالمي والعمل قديمًا على المعاجم كان يدويًا فقط، لذلك سننشئ مدونة حاسوبية رقمية تساعد على إيجاد اَي كلمة بسهولة".

يشار إلى أن مهرجان الثقافة واللغة العربية في ميلانو يحتفي سنويًا بالإنجاز المعرفي والثقافي العربي ويقدم رموزه المعاصرين والقدماء أمام المثقفين الأوروبيين، ويجمع في دورته الرابعة أبرز المثقفين والكتاب العرب من روائيين وكتاب وباحثين ومؤرخين، واختار هذا العام أن يتناول دور الأديبة والعالمة العربية في مسيرة الثقافة الإنسانية.

-