الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طلب سيجارة قبل الإعدام.. قصة سفاح كرموز الذي استدرج ضحاياه بوسامته

صدى البلد

بابتسامته اللطيفة وعيناه الساحرتان أوقع ضحاياه، وسامته كانت سلاحه الأخاذ لاستدراجهم إلى براثنه، جذب إليه الفتيات وحير الشرطة، فأصبح بمثابة الكابوس في الاسكندرية، لا يقل دموية عن ريا وسكينة بل أشد دهاء وأكثر عنفا، وبات سعد إسكندر الوحش الخفي بين شوارع كرموز الذي أرعب الأهالي.


سعد إسكندر عبد المسيح، من أشهر السفاحين الذي ظهر في القرن الماضي، ابن الصعيد الذي عمل مع أخيه في مصنع الغزل والنسيج، فأحب المال وعشق امتلاكه، حتى أصابته الشراسة لجنيه بأي طريقة ممكنة حتى وإن لم تكن مشروعة، ومع نشأته وعمله لاحظ انجذاب السيدات له بسبب وسامته، فعمل على استغلالها.

كانت بداية اسكندر في عالم الإجرام، في أسيوط، عندما وقعت في حبه سيدة تكبره في السن، لم يردها ولكن أحب مالها، فجعلها تقع في شباكه التي أحاكها بدهائه، وفي يوم من الأيام طعنها ليردها ميتة في الحال، وجمع أموالها ومقتنياتها وهرب إلى الإسكندرية.

قام سعد إسكندر باستئجار مخزن صغير للقطن وغزل النسيج في حي راغب باشا في كرموز، فاستدرج الفتيات به، وقام بقتلهن لسرقتهن، وبرع في طرق إيقاعهن، مستغلا حب الفتيات له، وبدأ مسلسل اختفاء الفتيات يظهر في الحي، مما دفع الأهالي لحبس بناتهن، وأصبح شبح سفاح الفتيات يخيف الأهالي في شوارع اسكندرية 


وفي 1948، ارتبط إسكندر بفتاة تدعى فاطمة بعلاقة غرامية، واعتادا المقابلة في منزلها حتى ارتاب الجيران من سلوكها فزعمت أنه شقيقها، وأثناء حديثهما أخبرته بجارتهم المسنة التي تمتلك نقودا لا حصر لها وليس لها أحد وتعيش وحيدة في شقتها، حديث عابر بينهما، لم يمر بباله مرور الكرام، فخطط ذات ليلة لينال منها، فتسلل لمنزلها حاملا ساطوره، فقضى عليها، وشعرت به جارتها، فهمت للاطمئنان عليها، إلا أنه عاجلها بالساطور هي الأخرى على رأسها وفر هاربا ظنا منه أنها ماتت، لكنها نجت بأعجوبة، وأخبرت الشرطة أن القاتل هو أخو فاطمة، فاعترفت فاطمة على سعد إسكندر.

لم يكن محاميه أقل ذكاء ودهاء منه، فاستطاعا الإفلات من قبضة القضاء، مستغلين تناقض أقوال السيدة قطقوطة ليعلن براءة موكله، وبعد هذه الجريمة التي ذاع صيته بعدها، هدأت جرائمه قليلا وابتعد عن الأنظار فرحل عن الإسكندرية في الخمسينيات.

ضحاياه لم يقتصروا على الفتيات فقط، بل بسبب المال قد يقتل أي شخص أمامه، فبعد جريمته في الإسكندرية رحل عنها، واستأجر شونة على ترعة المحمودية لكي يخزن الغلال وخيوط النسيج، ومر من أمامه تاجر أقمشة متجول، فدعاه إلى الدخول وقتله بساطوره قاطعا رأسه، ودفنه في أرض الشونة.


كان مقتل تاجر الحبوب ذلك بداية سقوط السفاح المغرور الذي وثق في دهائه وخططه، إلا أنه ترك أثرا لتتبع الشرطة خطواته، وهرب بعدها، وأصبح اسمه على قائمة المطلوبين والمجرم الأول المطلوب في الإسكندرية، ليقرر ترك المدينة بأكملها ويعود أدراجه ليختفي عن الأنظار.

بالرغم من ذكائه ودهائه وخططه التي أحاكها بدقه، كانت لكنته هي السبب في وقوعه في قبضة الشرطة، وبسبب "فلتة" لسان سلم نفسه للشرطة ولم يتمكن من الإفلات منها هذه المرة مثل السابقة، ففي طريقة إلى بلدته، وعلى مشارف أسيوط توقفت الحافلة التي يستقلها السفاح لتفتيش روتيني، فرأى الملازم ملامحه قريبة للشخص المطلوب، فسأله عن اسمه فقال: جورج عبد السلام، فسأله مرة أخرى فقال: جورج عبد الملك، عندها انتبه الملازم لاختلاف الإجابة، وقال له: أنت سعد إسكندر، وقام باعتقاله.

قدم للمحاكمة وحاول سعد إنكار التهم الموجة إليه دون جدوى، ليتم الحكم عليه بالإعدام شنقا حتى الموت، وتم التنفيذ الحكم عام 1953.

بكل هدوء وبابتسامته التي اعتاد إيقاع ضحاياه بها، لم يتمكن من إقناع المحكمة ببرائته، برود أعصابه أثناء اقتياده لحبل المشنقة لا مثيل له، وكان طلبه الأخير كوب ماء وسيجارة، وبوفاته عمت الأفراح أحياء الإسكندرية، وحي كرموز بالتحديد، ليسدل الستار بذلك على حياة سفاح من أخطر السفاحين الذين عرفتهم مصر في القرن العشرين.