الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بوليس موائد رمضان


أحد الطلاب المصريين قرر أن يستكمل دراسته في ألمانيا ، وما أن وصل الى هامبورج –مدينة ألمانية ساحرة-حيث اصطحبه أحد أصدقائه لتناول طعام الغداء في ضاحية التجار (التي تتميز بأبنيتها ذات الحجارة الحمراء) ليتناولا الطعام سويا على ضفاف النهر وقضاء الليل في الهواء الطلق في حي الجامعة.

وبعد أن عبَر المصري برسائل إعجاب لصديقه ، لاحظ أن المطعم به الكثير من الطاولات الفارغة، باستثناء طاولتين [الأولى] يجلس عليها "فتاة وشاب" لم يكن أمامهما سوى اثنين من الأطباق البسيطة وكوبين من الماء، و[الثانية] يجلس عليها عدد قليل من السيدات المسنات.

ذبذبات المائدة المصرية المتفجرة من كل ما هب ودب من أجل "سد بُقّ" الضيف حتى لا يلقي عبارة البخل في صندوق بريد الأسرة " المستضيفة" [جعلت] الطالب المصري يتسائل إذا كانت هذه الوجبة البسيطة يمكن أن تكون رومانسية ! وماذا ستقول الفتاة عن بخل وشُح هذا الشاب؟

ولم يستيقظ من غفوة "سرحانه" حول بساطة كميات الطعام [إلا] على دقات أقدام الجرسون ليفاجئ به أمامه يقول "أؤمرني يا فندم".

فطلب "مينيو" مزدحم بكل ما لذ وطاب من قائمة المطعم، دون أن يترك شيئا تقريبا من البروتينات والنشويات والدهون والفيتامينات-كعادة المصريين-

وبما أن المطعم كان هادئا وصل الطعام سريعا.

ولم ينقض الكثير من الوقت حتى التهم المصري طعامه، فَهَمّ هو وصديقه لمغادرة المكان،وكان هناك حوالي ثلث الطعام متبقي في الأطباق.

ولم يكد يصل إلي باب المطعم إلا وصوت يناديهما!

إنه مالك المطعم!

حيث إن السيدات كبيرات السن تحدثن إلى "أونير" المطعم .. متأففين لإضاعة الكثير من الطعام المتبقي.

استعجل المصري الرد فقال " لقد دفعنا ثمن الطعام، فلماذا تمنعوننا من المغادرة ؟

فنظرت إحدى السيدات إليه بغضب شديد، قائله كيف تترك هذا الكم من الطعام ؟ واتجهت نحو الهاتف، واستدعت شخصًا ما شرحت له عبر التليفون ما فعله المصري من إهدار للطعام !

بعد فترة وجيزة وصل رجل في زي رسمي قدم نفسه على أنه ضابط من مؤسسة التضامن الاجتماعي وحرر مخالفة بقيمة 50 يورو.

وقال الضابط بلهجة حازمة: "اطلب كمية الطعام التي يمكنك استهلاكها .. المال لك لكن الموارد للجميع".

احمر وجه المصري خجلا .. ودفع الغرامة .. وقدم اعتذاره للجميع .. وغادر المكان.. وما زال حتى اليوم يحتفظ بنسخة المخالفة.

ضربت هذا المثال لأننا فعلا بحاجة إلى التفكير في الإسراف في الطعام ، خاصة ونحن علي مشارف شهر رمضان الكريم ، حيث التباهي بخزان وقود الطعام والشراب المعبأ داخل الثلاجات وأماكن التخزين بالمطابخ ، واستعراض عضلات التبذير والبذخ ببراميل أصناف الوجبات الساكنة علي مائدة الإفطار والسحور، دون اعتبار لقول الله عز وجل " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " ودون عظة من انفجار هذا الوقود علي الصحة العامة.

فهل نعتبر رمضان القادم آخر محطة للتوبة من عاداتنا السيئة!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط