الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رأس الأفعى!


لم تصدمنى فضيحة الخروج المبكر من البطولة الإفريقية نظرا لأنها نتيجة منطقية لمقدمات سبقتها .. ولم أندهش من قرار العفو عن أحد اللاعبي المستهتر عمرو وردة لمجرد أن بصفوف المنتخب الوطنى عنصرا فاسدا أو عضوا معطوبا .. وإنما الصدمة الكبرى عندما ترى قيادات جالسة على مقعد اتخاذ القرار وتحديد المصير وهم أبعد ما يكونون عن الإحساس بالمسئولية، وتعبر مواقفهم وبصماتهم عن خلل إدارى رهيب وعقم فى الخيال والرؤية، ناهيك عن غياب الضمير وضعف الشخصية!.

وقرار قبول اعتذار اللاعب فى توقيت حرج كنا نحلم فيه بتجديد أمجاد الماضى، يكشف عورات كيانيْن تتوقف عليهما مبادئ اللعبة ومستقبل أجيالها .. أولهما الجهاز الفنى الذى أثبتت الواقعة أنه يسير بلا رأس أو عقل يدير شئونه ويحمى صورته وهيبته، ولا يقبل أى إنسان غيور على الفريق وسمعة بلاده أن تُترك قيادة المنتخب لشخص يعتنى فقط براتبه ونزهته ورفاهية حياته تحت غطاء الاحتراف هو ومن معه من معاونيه وأتباعه، بينما صفوف الفريق ملعب مفتوح للممارسات الخاطئة والسلوكيات الشاذة وأحيانا الاختيارات وتحديد التشكيلة الفنية داخل المستطيل الأخضر يحسمها صغار النجوم أو "أقزام" الجبلاية .. فأين المدرب؟! .. بروحه وما يتمتع به من كاريزما وذكاء وإرادة صلبة؟! .. وكيف يسمح بشيوع الفوضى فى معسكره إلي حد طرد لاعب من الفريق بتعليمات عليا .. ثم التراجع عنه دون أدنى اعتبار لـ "الدمية المتحركة" على خط الملعب؟!.

والطامة الأكبر تتجسد فى أداء رؤوس اتحاد الكرة .. الذين لم يتعلموا شيئا من "مهزلة" مونديال روسيا ٢٠١٨ على مستوى مظهرنا ونتائجنا المُخزية .. ولم يقفوا أمام قامات جلست على نفس مقعد الشرف والمسئولية وأثمرت بسياستها الرشيدة ومواقفها الصائبة الواعية عن أعظم الإنجازات والأرقام القياسية، وصدَّرت للعالم نجوما ومواهب كروية أضافت إلى رصيد مصر الرياضى .. ولا مجال لذكر أسماء وحصر هذه الجواهر، فهى معروفة ومحفورة فى الأذهان وذاكرة التاريخ .. ولكن ما يبعث على الخجل والغضب أن يستمر "الهواة الفاسدون" فى مناصبهم وينغمسوا فى فضائحهم ذات الروائح الكريهة بما يلوث المناخ الرياضى والبيئة السياسية ويهدم كل ما نحاول بناءه وترميمه من أجل استئصال جذور الفساد والانهيار الأخلاقى والإدارى!.

إن الأمر الآن يقتضى محاكمة عاجلة وباترة من النوع العسكرى .. فلا يكفينا طوفان الاستقالات الجماعية أو سيل الاعتذارات والتبريرات الساذجة .. فما نعيشه داخل "وكر" الجبلاية إلا نسخة كربونية من أوكار مماثلة داخل مواقع أخرى يجب اصطيادها ودك معاقلها لإقامة دولة المؤسسات وسيادة نظام القانون وتقدير الكفاءات والشرفاء .. وقطع رأس الأفعى فى أى موقع مسئولية يحجب الرؤية عن بقية القطيع الشارد عن طريق الحق ويقضى على "البطانة العفنة" التى تتغذى على أطماع وفساد "أصحاب الكراسى" .. والمسألة أكبر وأخطر بكثير من مجرد بطولة أو حدث رياضى، لأنها ببساطة ودون مبالغة أو تضخيم تتعلق بـ "ثقافة شعب" و"منطق نظام" .. ومن العار أن نرتضى الإهانة لهذين الجناحين ونحن فى مرحلة بناء أمة خالية من الميكروبات وفصيلة المنحرفين .. ولتكن "الجبلاية" أولى معارك التطهير بعد أن عرضنا حيثيات القضية وأدلة الإدانة .. وبعد إطلاق صفارة نهاية وجودنا في عرس الأميرة الأفريقية، يبدأ "شوط" التخلص من عبيد المال والسلطة رحمة بأعصاب وقلوب الملايين من الناس وحقهم البسيط في الفرحة لو لدقائق لتخفيف همومهم ومتاعبهم، وكفانا يا شرفاء الوطن ورعاته كوابيس أخرى .. ونهايات حزينة!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط