الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الضغوط وتأثيرها على عقول أطفالنا


مع عجلة الحياة المستمرة واللهث وراء لقمة العيش، وتأثيرات البيئة المحيطة بنا من تلوث سمعى وهوائى وأخلاقى، وانكماش الحيز الشخصى والازدحام ونقص الخصوصية، والصراعات العائلية، ومشاكل العمل، ورعاية الأبناء، والأزمات الإقتصادية الطاحنة، والبحث عن مصدر للرزق، أصبحنا حقا نعيش فى عصر الضغوط النفسية والقلق حتى أصبح هناك ما يعرف بالنمذجة بين الضغوط وحياة الكثير من المصريين، فأصبح للضغط النفسي نصيب كبير من الاعتياد عليه لدى العديد من أسرنا وأبنائنا الصغار.

هذا ويمكن تعريف الضغط أو التأزم بأنه الاستجابة الفسيولوجية لإدراك الفرد لفقدانه السيطرة أو التحكم نتيجة لموقف أو حدث أو لشخص يمثل محنة أو أزمة، إن الشعور بالتأزم مفيد لنا جميعًا على أن يحدث من الحين والآخر، فهو يدعم الجهاز المناعى ويساعد فى بناء الصمود، أما الضغوط المزمنة والحادة التى يعيشها أطفال البيئات الفقيرة فإنها تترك بصمة مدمرة على حياتهم.

ونقصد بالضغوط الحادة الضغوط العنيفة القاسية الناتجة عن التعرض للصدمات، كسوء المعاملة والعنف، أما الضغوط المزمنة فتشير إلى ضغوط شديدة ومستمرة عبر الزمن.

ونجد أن أطفال البيئات ذات المستوى الاجتماعى الإقتصادى المنخفض أكثر عرضة لنوعى الضغوط مقارنة بأقرانهم من ميسورى الحال، ولكن الضغوط المزمنة أكثر تأثيرًا على حياة الأطفال اليومية.

فالأطفال الذين يعيشون فى فقر يعيشون الضغوط المزمنة بدرجة أكبر كثيرًا من رفاقهم ميسورى الحال، فتأثير الضغوط المستمرة والمزمنة له تأثير يستمر بشكل يومى ليدمر الوظائف الفيزيقية والنفسية والانفعالية والعقلية لهؤلاء الأطفال، وبالتالى نجد أن وظائف المخ وتطوره وارتقائه تتأثر، والتحصيل المدرسي يتأثر والكفاءة الاجتماعية ويمرون بمشكلات سلوكية ومهارية تؤثر على تطورهم مستقبلا.

وهنا أرجع بالذاكرة إلى الوراء، لأجد أن كثيرا من الأجيال الحالية والأجيال التى سبقتهم، أجيال لها السبق فى نشر المعرفة والعلم على المستوى الثقافى الأدبي والمستوى العلمى والهندسي والجغرافى ومنهم الفنانين والأدباء والمفكرين النابغين وإذا بحثنا نجد أن الغالبية كانت تنحدر من أسر فقيرة من الريف المصرى أو أولاد طبقة فقيرة من أبناء الأحياء الشعبية المصرية القديمة، وكان البعض منهم يعيش فى ظروف بيئية قاسية للغاية وضغوط مزمنة مستمرة حتى شكل وجدانه وتطوره الذهنى وإدراكه لأدوات النجاح التى صنعت منه شخصية ذات أعمدة راسخة
وهنا أرجع البناء النفسي والانفعالي والوجدانى والعقلى وتطورهم للتربية ودور الأسرة فى مساعدة الأطفال على الوصول للشخصية وبنائها وتدعيم ثوابتها وسماتها وخصائصها، حيث أجد أن الافتقار للإشراف الأسرى الجيد وإهمال وسوء المعاملة ورعاية يومية غير واعية أو مهتمة، هذه العوامل تجتمع وتشكل ضغوطًا لا حدود لها تعوق نمو الأطفال.

فسوء المعاملة والقسوة أو الإهمال أو الحماية الزائدة تمثل مصدر إحباط أساسي للأطفال فى الأسر سواء فقيرة أو ميسورة الحال.

وهناك العديد من الأبحاث تشير إلى أن الآباء من أصحاب الدخول المنخفضة بصفة عامة أكثر تسلطا مع أطفالهم، ويستخدمون العقاب البدنى، وهذا ينتج عنه أن تظل الخبرات السيئة والمحبطة والقاسية متجذرة ومتأصلة ولا تتغير فى مخ الأطفال فى مراحل النمو والتطور وتخلق أثارًا مدمرة تتراكم مع الزمن.

وفى النهاية نجد أن الضغوط التى يعانى منها الآباء والأمهات لها تأثير قاسي ومدمر على الأبناء ويعوق من نموهم نمو طبيعى وبالتالى ينعكس على تطور البناء المعرفى والنفسي والسلوكى، لذا علينا كآباء وأمهات ومجتمع أن نوفر البيئة الصحية الآمنة لرعاية أبنائنا علينا أن نطور من أنفسنا ونتسلح بالعلم والمعرفة قبل الإقدام على استقبال مولود جديد بالأسرة، علينا أن نعلم جيدا قبل قدوم طفل للأسرة أن نكون على دراية كاملة بمتطلبات رعاية المولود الجديد وهل نحن مؤهلين لتحمل مسؤوليته ورعايته ولا نختزل رعاية الأبناء فى توفير المأكل والملبس والتعليم فقط بل الرعاية النفسية والسلوكية وتطور النمو المعرفى لأطفالنا وللحديث بقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط