الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرئيس والفساد!


منذ أن قدم للحكم، والرئيس السيسى أعلن حربا مباشرة على الفساد، وهناك نتائج هائلة في هذا المجال، بقيادة العديد من أجهزة الدولة المصرية، وفي مقدمتها الرقابة الإدارية، لكن بالتأكيد كلنا نأمل نتائج أكثر وأسرع من ذلك، خاصة إن هناك نماذج لاتزال ظاهرة تشوه المشهد العام.

وكان للرئيس موقف جديد ضد الفساد بحواره العلنى غير التقليدى مع قائد بالجيش المصري ، خلال افتتاحه مرحلة جديدة من مشروع الصوبات الزراعية، ونال هذا الحوار اهتماما كبيرا من المصريين وغيرهم، لاسقاطاته الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن القصة تتعلق بملف الرواتب ونزاهة من يجلسون على الكراسي القيادية في كل الملفات وعلى المستويات، وبعدها المرتبط بحرب الدولة المصرية ضد الفساد.

سأل الرئيس اللّواء محمد عبد الحي رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للزراعات المحمية: "أنت بتقبض كام؟"، فرد عبد الحي: "بقبض 14 ألف و200 جنيه".. وألمح السيسي صراحة إلى أن هذا الضابط الكبير قادر على جني ملايين الجنيهات من مشروع بهذا الحجم، لو سولت له نفسه ذلك، في إشادة ضمنية بنزاهته.. وإشارة أيضا ليقظة الدولة مع كل القيادات في كل المستويات، فليس هناك أحد فوق المتابعة، رغم إنه من المقربين بشكل أو آخر من الرئيس، ويتواصل معه بشكل دائم .

الموقف الذي من المهم جدا الوقوف عنده كثيرا ، لم ينته عند هذا الحد ، بل كشف الرئيس إنه كان قد سأل هذا اللواء، في يوم من الأيام عن مكان سكنه، فقال لي إنه يسكن في مكان بعيد عن الشغل، فقلت له أنت تسكن في مكان بعيد يعني تقطع حوالي 40 كم ذهابا و40 كم إيابا وتستخدم سيارة الجيش، والبنزين".

وتابع: "قلت له إنه يجب أن ينقل مكان سكنه بالقرب من الشركة، فقال إنه لا يملك بيتا إلا ذلك الذي يقطن فيه، فقلت له بعه واشتر شقة في مكان قريب من مقر العمل"، توفيرا للمصاريف على الدولة!

إنتهى هنا التصريح الرئاسي، لكن لم ينته التلميح، ولن ينتهى، لأنه موقف في غاية التعقيد، يكشف عن مدى اهتمام الرئيس بمكافحة كل أنواع الفساد، ويبدأ بالمقربين منه، ويرفض أى إستغلال للمناصب، مهما كانت.. وهنا يقدم الرئيس نموذجا يحتذى به، ويجب على كل المسئولين كبار وصغار ، أن يقلدوا الرئيس ويحاربوا الفساد مهما كبر أو صغر، لكنه من أخطر المقوضات للتنمية الاقتصادية، ولأنه للأسف تحول لإسلوب حياة لدى البعض، ولن أقول الكثيرين!

وأكرر إنه رغم كل هذه الجهود والتعليمات الرئاسية المباشرة وغير المباشرة، لا تزال هناك نماذج فاسدة يستلزم استئصالها، وطبعا معروف إن مثل هذه الحروب تطول، كما هو الحال في الإرهاب، فللأسف هذان الخطران استوطنا مصر لوقت طويل ، وكونا البنية التحتية والاجتماعية، التى يصعب معها استئصالهما بسرعة.. لكننا ورائهما والزمن طويل، وسنفضح أى فاسد أو إرهابي مهما كان .. من أجل مصر والمصريين.

ومن هذا المنطلق، أتمنى مراجعة دورية للمناصب وشاغليها في كل المجالات مهما كبرت أو صغرت، والقوانين التى تحتاج لتغليظ أحكام وتطوير مستمر بسبب التطور الكبير في الفساد والإرهاب.. وعلى الإعلام والصحافة دور كبير، لكن كيف يتبلور دور قوى، وهذين الملفين في حاجة كبيرة لتمرير جهاز كشف الفساد والإرهاب على كيانهما، كما يمرر جهاز الأشعة على الشخص في المطارات والمناطق الحيوية.

الفكرة وما فيها، تتلخص في ضرورة الاستمرار في حرب الفساد بكل ضراوة، وعلى كل المستويات، وليس دور الرئيس أن يذكرنا كل فترة بما يستلزم علينا فعله، لأنه يرفع لواء محاربة الفساد منذ أن جاء للسلطة، ويجب أن نحارب كل أنواع الشائعات والحملات الكاذبة التى تشوه مواجهاتنا للفساد، والتى تتردد ما بين الحين والآخر، مع تلميع نماذج مريبة، أو ابتعاد نماذج كانت معروفة بنزاهتها وقوتها في مواجهة الفساد.

وحتى لا ننسي، فالرئيس قدم لنا نموذجا من القيادات المضحية، من الطبقة المتوسطة، الذي لا يملك سوى بيت واحد، وتركه يحدث له خلل في حياته، لكنه أمره ببيعه وشراء آخر قريب من العمل للتوفير على الدولة!!! .. وهنا يجب أن نسأل أنفسنا، كم مسئولا يفعل ذلك، أو يفكر مجرد تفكير في ذلك؟!، أتصور إنه لو لم تكن الإجابة بالنفي التام، سنكون متفائلين، ونقول قليلين طبعا!.. رغم أن مصر تحتاج هذه النوعية من المسئولين المضحين لا الانتهازيين.. وأتمنى أن يراجع الرئيس بنفسه مثل هذه النماذج من المسئولين، ويأمر فريق عمله المحترف بضرورة التركيز على ذلك، في كل المستويات وعلى كل الملفات.

الحرب طويلة، ومن المنطقي أن تعرقل ما بين الحين والآخر، لكن الرئيس مصر على المتابعة، ونحن معه، ولن نتوانى عن فضح أى نماذج فاسدة أو إرهابية، أو داعمة لهذين الخطرين، مهما كانت!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط