الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرقابة الإدارية والفساد!


كلنا نرقب ونسعد بالإنجازات الكبيرة للرقابة الإدارية في مواجهة الفساد، بالذات خلال السنوات الأخيرة.. بطولاتهم أكدت للجميع إنه لا كبير أمام القانون، وطالما توفر الدليل فلن يتركوا فاسدا، كبر أو صغر، والرئيس السيسي يثق فى مؤسسة الرقابة الإدارية كامل الثقة، ويدعمها بقوة، وبشكل متواصل.

هذا الكلام، أصبح من البديهيات، وتأصل في الصورة الذهنية المصرية مدى إصرار الدولة المصرية على مواجهة الفساد بالدليل الحقيقي، مهما صغر.. وكان مفرحا للغاية أن الرقابة الإدارية طورت حربها للفساد بالاعتماد على المواطنين، وبمختلف الوسائل التكنولوجية، من خط ساخن وإميل وماسنجر فيس بوك وواتس وخلافه، بالإضافة للحملات التوعوية عبر مختلف وسائل الإعلام، بالحقوق والواجبات ومكافحة الفساد الصغير والكبير.

وأتمنى على المسئولين عن هذه الحملات، أن يزيدوها أكثر وأكثر، خاصة وكما ذكرت في مقالى الأخير "الرئيس والفساد"، الذي حقق ردود فعل، إنه للأسف، للفساد بنية تحتية ما، اصطلح عليها بعبارة " الفساد معشش فينا، وبالتالى علينا أن نسأل، هل الرقابة الإدارية وحدها الملزمة بمواجهة الفساد، على كل قوتها وإنجازاتها وبطولاتها؟!

من وجهة نظرى، الإجابة لا، فالمعركة كبيرة والخطر عنقودى ومعقد ومتطور وموجود في عدة ملفات على كل المستويات، وبالتالى فالمعركة، معركة كل مؤسسات الدولة والمجتمع.. يجب أن يشارك فيها الكل، وبالذات التعليم والثقافة والفن والمؤسسات الدينية من الأزهر والكنيسة والإعلام والصحافة والإصلاح الإدارى والبرلمان.

هناك خطاب تحتى وقناعات شعبوية يحرض علي تأصيلها أعداء الوطن، تدعو للمعاندة والتشجيع على الرشاوى بمختلف المستويات، بحجة استمرار الفساد في القطاعات المتماسة مع المواطنين يوميا !.. من نوعية "الدرج الشمال"، و"كرمش له كذا" .. و"كذا" هذا، يشير للمبلغ، الذي يتحدد حسب المستوى وشكل الخدمة، ويبدأ بالمئات ويصل لمليارات!.. وفق القضايا التى كشفتها الرقابة الإدارية والجهات الرقابية المختلفة.

وكل هذا وغيره، نحن في حاجة لمواجهته تعليميا وثقافيا وإعلاميا ودينيا وإداريا وتشريعيا ، في إطار ما أدعو له دائما، وهو "غسيل المخ الإيجابي"!.

فلا يمكن على سبيل المثال أن يتم تلميع متهم سابق بالفساد، مهما كان السبب، ولا أن يظهر فنان محبوب في شخصية فاسد بمسلسل أو فيلم، ولا يعاقب في النهاية خلال الأحداث.. مما يحوله لقدوة ومراد المراهقين والمراهقات.. وهذا أمر في منتهى الخطورة، يدمر كل حربنا ضد الفساد.

وبالتالى، فمواجهة الفساد، ليست حرب الرقابة الإدارية فقط، بل هى حرب المجتمع كله، فيجب أن نطهر أنفسنا كلنا من إلتصاق هذه الظاهرة بمجتمعنا، والسبيل الوحيد هو، القضاء على فكرة تعشيش الفساد في المجتمع المصرى، وما لا يعرفه الكثيرون أن الرقابة الإدارية مختصة فقط بالمال العام، ونحن في حاجة لمواجهة كل أنواع الفساد العام والخاص، ويجب أن نتعلم المواجهة بلا خوف، وبالدليل، وليس الكلام المرسل والشائعات.

ووفق علمى فإن الجهات الرقابية تسير وراء كل الخيوط الممكنة وغير الممكنة، وهناك قضايا يطول البحث فيها كثيرا لخبرة الفاسدين وقدرتهم على التملص والاحترافية في جرائمهم، وهناك قضايا تكتمل، وقضايا أخرى تستمر فيها المحاولات حتى يقع الفاسدون، مع التطور في أدوات أبطالنا المواجهين للفساد في كل الجهات الرقابية، وفي مقدمتها الرقابة الإدارية.

أعان الله كل محارب من أجل الوطن في كل مجال، لكن على المواطن دور أكبر في معاونة الأجهزة الرقابية بكل تصنيفاتها، وفي مقدمتها أبطال الرقابة الإدارية، أتمنى أن يتجرأ المواطن أكثر وأكثر للقيام بهذا الدور في مواجهة الفساد الكبير والفساد الصغير، وعلى الدولة أن تحمى هؤلاء المواطنين الشجعان من براثن الفاسدين، خاصة لأن الفساد متنوع ومرتبط بكل أنواع الجرائم، ومنها الإرهاب والسلاح وتجارة الأراضي والاعضاء والمخدرات وغسيل الأموال، وغيرها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط