الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليته فعلها


حين سئل صدام حسين عن سبب الحرب مع إيران في أوائل الثمانينات، قال: إن إيران تريد تصدير الثورة بالقوة، فاستمرت الحرب ثماني سنوات، لم يخرج صدام منها منتصرا، وإن ادعى غير ذلك، وأتاح برعونته تصدير إيران ثورتها بالقوة، وخسر قوة وعتادا لو أحسن استغلالها، لكان أنهى على الثورة الإيرانية، وجنب المنطقة ويلات تعيشها حتى الآن، بل تربصت إيران به، وظلت تخطط وتخطط إلى أن استطاعت في النهاية أن يكون القرار العراقي بيدها لا بيد أحد آخر.
ومنذ انتهاء حرب الخليج الأولى، كما اصطلح على تسميتها بهذا الاسم، وإيران تمد نفوذها وأذرعها في المنطقة بأسرها، بنعومة مرة وبقوة أخري، مستخدمة خطابا حماسيا ثوريا كفزاعة للمنطقة، وهو محاربة الشيطان الأعظم، أمريكا وحليفتها إسرائيل، ونجحت في كسب الخطاب، وامتدت نفوذها خلال السنوات الماضية إلى كل المنطقة، من سوريا إلى اليمن، ومن لبنان إلى فلسطين وغيرها، لكنها في البلدين الأخيرين اعتمدت على حركات المقاومة كى يسهل لها تنفيذ مآربها، فجعلتهم وقود حربها لتصدير الثورة الإيرانية، فلا يهمها من يموت، فالقاعدة عندها أن الدم يتجدد بينما النفط لا يتجدد، فحافظت على نفطها وعلاقاتها في كثير من الأحيان مع دول أوروبا وتركت حركات المقامة في لبنان وفلسطين مخلب القط الفارسي تحارب إسرائيل وتزيد من تدمير بنية البلاد التحتية والاقتصادية التي يعيشون فيها، حتى صارت تعانى أوضاعا اقتصادية مأساوية.
منذ 2006 وبعد انتهاء الحرب بين حزب الله وإسرائيل، لم يستطع حسن نصر الله زعيم الحزب أن يكرر فعلته التي دمرت لبنان مرة أخري، لكنه لا يترك مناسبة إلا ويتغنى بما ألحقه بإسرائيل من دمار، غير مبال بما أحدثه هو في لبنان من دمار وتدمير شاهد على ما فعله حتى الآن، بل لا يزال يقول إننا حائط صد لطهران، وكان من نتيجة ذلك أن لبنان كلما استطاع الوقوف مرة يسقط مرات، وكلما تحسن وضعه سياسيا كى يجلب استثمار لبلاده هربت من باب خفي، بسبب علاقات حزب الله بطهران، والتفاخر دوما بها.
أما حماس فهي ما فتئت تخرج لسانها لجيرانها، ولكل من يريد الوقوف معها، وأهمها بالطبع مصر والسعودية، فمنذ أقل من شهر زار وفد من حماس طهران، والتقي بالمرشد الإيراني علي خامنئي، ليؤكد كل التقارير أن إيران قامت بتزويد كل من حماس وحزب الله بـ "صواريخ دقيقة" كى يستخدموها ضد إسرائيل، وحين يتم ذلك تخرج إسرائيل كالعادة منتصرة، ويخرج كل من حماس وحزب الله بمزيد من الخسائر في الأرواح والبنيان، وقبل كل ذلك وبعده، تعيش البلاد في فقر مدقع، وتظل تابعة لإيران، بل يصرح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، أن حركته ملتزمة بالدفاع عن إيران، في إصرار غريب على إبراز علاقتها مع إيران والتأكيد على اصطفافها معها، رغم التهديدات التي تسببها في المنطقة وفي الخليج العربي، كما أن موقفها مخالف لموقف القيادة الفلسطينية، التي أكدت أكثر من مرة وقوفها مع دول الخليج العربي ضد أي اعتداءات وانتهاكات إيرانية، وعلى وجه التحديد مصر والسعودية.
هناك رسائل عديدة واضحة من هذه الزيارة، هي أن حماس في محور إيران، وهو المحور المعادى للخليج والسعودية على وجه التحديد، وكذلك مصر التي صرح الرئيس السيسي أكثر من مرة بأن أمن الخليج من أمن مصر، وأنه لن يسمح بأي اختراق لهذا الأمن، لكن حماس هنا وهو تقترب من إيران، تباعد الخطى أكثر وأكثر مع مصر والسعودية، برغم دورهما المعروف والمشهود من القضية الفلسطينية ومصالح الشعب الفلسطيني وتقديم كل أوجه الدعم السياسي والمالي للفلسطينيين، واستضافة مصر مئات الاجتماعات لحماس لتوحيد القرار الفلسطيني والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية، كما قامت السعودية برعاية اتفاق مكة من قبل بين حماس والسلطة الفلسطينية، فضلا عن دعمها المالى الدائم، فهل تدرك حماس قبل فوات الآوان، أم تسير في غيها، وتدمر غزة ومن فيها؟ هل تعود حماس إلى حضن الوطن العربي؟ وتفتح الباب له؟ أم تقطع الخير بيدها كما فعلت من قبل مرات ومرات؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط