الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رصيد الذهب


تدمع العين إذا ما رأت شابا معاقا أو فتاة من ذوى الاحتياجات الخاصة نموذجا للتحدى وعنوانا عريضا لتغيير الواقع وتحقيق الإنجاز .. أيا كان المجال أو الموقع .. دمعة إعجاب وحب صافى وتملأ الرئتين بهواء الفخر والاعتزاز لما نشهده من لحظة انتصار من نصيب من افتقد الحياة الطبيعية ورغم أنف الظروف و"قهر الإعاقة" تصنع هذه الكائنات الخرافية المستحيل وتصل إلى هدفها وترفع الرأس بينما يعجز الأصحاء وذوى الأجساد السليمة عن إسعاد الآخرين ويفشلون عند كل فرصة أمامهم مقارنة بمن يستحقون لقب "الأسوياء" قولا وفعلا!
- وقمة الاعتراف بقيمة ذوى الاحتياجات الخاصة فى حياتنا ومشروعاتنا تتجلى فى وقوف رئيس الجمهورية عند رأس كل فرد من هذه الفئة لتقبيلها وتشجيعها لتظل شامخة وراغبة فى العطاء وبذل الجهد والطاقة والإبداع .. وفى العام الماضى بلغ التكريم أقصى مدى بسن تشريع قانونى وافق البرلمان عليه يضمن حقوق وامتيازات لذوى الاحتياجات الخاصة مشمولة فى ٥٥ مادة .. وتجدد الأمل فى الاستماع إلى هذه الأصوات المُهمَّشة والتفكير فى متاعبها وتخفيف آلامها وبما يحفظ كرامتها وممارسة كافة شئونها دون نقصان أو تقصير .. وكان القرار واضحا وصادرا تحت رعاية أكبر مؤسسة فى الدولة .. دخول بنود القانون حيز التنفيذ بعد ٣ أشهر من إعلانه، ليكون الموعد المقرر فى مارس ٢٠١٩ .. ونحن الآن على مشارف نهاية العام والقانون محلك سر وداخل "ثلاجة" الإجراءات والتجميد البرلمانى والحكومى .. ولايملك أبناؤنا الموهوبون إلا الانتظار ودفع ضريبة الصبر على "ثقافة الحرمان" والعيش على الفضلات!.


- لقد حرَّم الله بعض مخلوقاته من أشياء، وعوَّضهم ببدائل وأدوات لحكمة لا مجال للخوض فيها، أما البشر فيتورطون فى مضاعفة أحزان "أنقى الناس" ومواجع أُسرهم بمثل هذه المواقف المُخجلة .. ولسنا بصدد مناقشة أسباب التقاعس عن تفعيل قانون ذوى الاحتياجات الخاصة والتذرع بالمخصصات المالية ومبرراتها الواهية..

 فبحكم القانون والضمير والدين، من حق كل ذى إعاقة أن يحظى بحياة أفضل ورعاية أكبر وتوفير المناخ النفسى والاجتماعى الملائم لتنمية مهاراته وإعادة تأهيله ودمجه مع المجتمع .. وتبدأ نقطة الانطلاقة من قطاعى الصحة والتعليم .. وما تحتاجه هذه الفئة ينصب على بناء الشخصية نفسيا وعقليا وفقا لقواعد وأسس علمية ومنهج علاجى مرسوم، ثم تخصيص مقاعد وأماكن "شرعية" لها داخل المدارس والجامعات والمعاهد الفنية والحرفية لامتصاص طاقاتها وتوظيف إمكانياتها بعد التطوير .. وبمجرد انتهاء مرحلتى التأهيل والتجهيز، يصبح أبناؤنا مادة خام لسوق العمل والإنتاج .. بل ويمكن الرهان عليهم فى مواقع حيوية ومراكز صنع واتخاذ القرار إن شئنا .. وكثيرا ما خرج من "رحم" الإعاقة علماء وعباقرة .. ورجال مسئولية ودولة!.


- نحن دائما لا نفرط فى "الذهب" إيمانا بأنه مصدر الأمان لنا فى كل أزمة وتحت أى ظرف .. وذوى الاحتياجات الخاصة هم "رصيد الذهب" فى بنك بلدنا، ومعدنهم الثمين لايصدأ أبدا، وإنما يزداد لمعانا وبريقا ويرتفع سعره وسط المحن والصعاب .. والتأخر أو التباطؤ فى حماية هذا الكنز جريمة "خيانة عظمى" لأنها لاتُجرِّد المحرومين من إنسانيتهم وحقوقهم فحسب، بل تحرم المجتمع والدولة أيضا من فوائدهم ونفعهم .. وكفانا تحركا واستجابة فقط مع إشارة "قرار جمهورى"!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط