الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ورثة "الأستاذ"!






ليس كل فنان يطلق عليه "الأستاذ" .. فهى كلمة ذات مدلول شديد الخصوصية وتمنح الشخص وساما فريدا لايحصل عليه إلا من تمتع بالموهبة والثقافة ونضج الاختيار وقوة الإرادة .. وفاز الفنان "الظاهرة" فؤاد المهندس بلقب "الأستاذ" لما شهدناه فى مشواره العريق من محطات سينمائية وبصمات مسرحية ورؤي تليفزيونية التفت جميعها حول فلسفة "الكوميديا الواعية" .. ومن كل عمل فنى تحمل مسئولية بطولته تصل عشرات الرسائل وتتولد القيم والمبادئ ويرتوى الوجدان والعقل بمشاعر وأفكار بالغة الرقى والتأثير.
ونحن نحيى ذكرى "الأستاذ" نعاود قراءة تاريخه ورصيد إنتاجه الغزير لنتأمل كلماته وإيماءاته وتفاصيل أدواته عند التشخيص والرقص والغناء .. نستمتع بمخارج ألفاظه المتقنة وطلاقة لغته العربية التى تضرب نموذجا يحتذى به فى تعليم وتدريب الأجيال على الأداء المتمكن الرصين .. نستعيد نظراته أمام الكاميرا فى مختلف المواقف الدرامية ونصدقها ونتمنى ألا يغادر الكادر .. نعيش مع ضحكاته وهمساته على خشبة المسرح وإيقاعه المتدفق بالحياة والطاقة منفردا أو مع الجماعة .. نتعلم منه أسلوب الحوار والتفاعل مع الأطفال وأعمار البراءة فى "فوازيره المبهرة" على نحو يرفع من ترمومتر الحالة الفنية ويرتقى بمستوى وقدرة الطفل على التعبير والتألق أمام "المعلم الأكبر" .. نعشق مجرد "كلمتين وبس" من فمه الفصيح عن قضية اجتماعية معينة أو لقطة إنسانية ملفتة ويبقى صوته الإذاعى عالقا فى الأذهان وتتشوق له الآذان .. لانشعر أبدا بكونه مساعدا للبطل فى العمل من فرط حضوره وموهبته الطاغية، ونصفق لجدارته بأدوار البطولة عندما برع فى بناء مدرسة "الضحكة الصافية" وصناعة البسمة بأقل مجهود ومن أقصر الطرق .. وأعمقها!.
لقد فقد فؤاد المهندس أغلى محتوياته وألبومات ذكرياته فى حريق غرفته قبل الوفاة .. ولعل ما حدث كان وراء التعجيل برحيله نتيجة الحزن والحسرة على "كنزه الثمين" .. وأبسط هدية أو تعويض لـ "الأستاذ" الذى ظل أيقونة البهجة والمرح للكبار والصغار أن تبادر وزارة الثقافة بإعادة تجديد هذه الغرفة بنفس المحتويات والأركان ونقلها إلى أجنحة خاصة بالمعاهد الفنية المتخصصة فى السينما والمسرح .. ويتولى المركز القومى للمسرح بالتنسيق مع الهيئة العامة للكتاب إعداد سلسلة كتب ومجموعة أعمال الفنان الراحل فى نصوص مسرحية مكتوبة وموزعة على الطلبة فى أقسام التمثيل والإخراج كمراجع ومقررات دراسية يتشربون منها فن وحرفية الأداء .. وأتصور أن قيمة فنية وثقافية بحجم ووزن "المهندس" تحتاج إلى "ورثة" من أبنائه الموهوبين من خلال ابتكار ورش جديدة دورية تحت إشراف علمى ومنهجى مدروس مهمتها بناء "الفنان الشامل" واكتشاف مبدعين جدد يكملون مسيرة "الأستاذ" ويحافظون على أسوار مدرسته وننتظر على أيديهم إضافات ولمسات ساحرة من نفس "قماشة" المهندس الغنية بالكوميديا والألوان المبهرة .. وهى القماشة التى يمكن استخدامها لحماية الذوق والسلوك من "تيار" الخيال الفقير والفكر المستهلك والمضمون التافه!.
إن الحنين إلى "المهندس" لاينقطع .. ودائما جمهوره وعشاقه فى حالة تعطش لما زرعه من بذور الإبداع والتميز .. وبنفس القدر نتشوق إلى صناعة نجوم من مستودع موهبته ويحملون ذات الجينات ويرفعون راية "الضحك من القلب" .. إنهم ورثة "الأستاذ" المنتظرون الذين كثيرا ما كان يحلم بهم ويراهن عليهم حتى لايتسلل إلى "بيت الكوميديا" الأقزام ومرتزقة "الإيفيهات الرخيصة" .. وإنها لمسئولية حُماة الفن والثقافة والتنوير .. (مش كدة ولا إيييييييه)!.






المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط