الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجامعة العربية وإعداد بيانات الشجب


أثارت تصريحات بنيامين نتنياهو -رئيس وزراء العدو الصهيوني- برغبته المؤكدة في فرض السيادة الإسرائيلية على عدد كبير من المستوطنات في الضفة الغربية بضم منطقة غور الأردن أو وادي الأردن وشمال البحر الميت حال فوزه في الانتخابات -التي ستجرى في إسرائيل يوم ١٧ سبتمبر- لتؤكد قدرة "نتنياهو" على تنفيذ وعوده للناخب الإسرائيلي, وخاصةً المتشددين منهم, وأيضًا هي مغازلة للمجتمع الصهيوني لجمع أكبر عدد من الأصوات في صراعه على مقعد تشكيل الحكومة.

وتأتي التصريحات لتعبر عن حالة الخزي والعار التى تُسيطر على العالم العربي, وحال القضية الفلسطينية أمام الغطرسة الصهيونية التي تساندها الإدارة الأمريكية بقوة, وأكد "نتنياهو" أنه على ثقة من قدرته على تنفيذ وعوده بفرض السيادة على غور الأردن وشمال البحر الميت في حالة إعادة انتخابه, وهي تصريحات لا تجاري لعبة الوعود الانتخابية؛ لكنها تشير للقدرة على التنفيذ في ظل الصمت العربي والغربي المتواصل والداعم له في تحقيق أطماع العدو الصهيوني في الشرق الأوسط وليست فلسطين وحدها.

وهي خطة صهيونية تسير عليها مؤسساتهم مهما تغيرت القيادات, فهم يخططون وينفذون بدعم اللوبي الصهيوأمريكي في ظل تجاهل ردود الأفعال العربية؛ التي تبدو في بيانات الشجب والتنديد والاحتجاجات فقط, وهي قوة لا يقدر عليها ولا يمارسها سوى العرب فقط, نحن نمتلك حناجر قوية نشاطر بها الأحزان, كما أننا نمتلك أيادي مرتعشة تكتب فقط بيانات الشجب والتنديد, غير أننا لا نمتلك شجاعة التوحد والمواجهة لتلك الغطرسة الصهيوأمريكية, لذلك ضرب "نتنياهو" بكل وعود السلام عرض الحائط, وتحلل من التزامه بالجلوس على طاولة المفاوضات كثيرا, متعللًا بحجة وهي : من هو المتحدث بإسم الشعب الفلسطيني المنقسم على نفسه لأكثر من فصيل - لكن أبرزهم منظمة فتح وحركة حماس- ومع من يجلس؟ المؤسف أنه إذا تفاوضت منظمة فتح مع العدو الإسرائيلي ترفض الملفات النهائية حركة حماس التي تؤمن بشئ لا تنفذه سوى مع الفلسطينيين أنفسهم وهو القتال فقط, بينما تشير الشرعية الفلسطينية إلى منظمة فتح التي تقود النضال الفلسطيني -وينتمي لها الرئيس الفلسطيني محمود عباس- لكنها لا تُسيطر إداريًا على كل الأراضي الفلسطينية, فحركة حماس الإخوانية -التي تمتلك القوة- تُسيطر على قطاع غزة بالكامل, وتسير في الاتجاه المضاد لتحركات حكومة منظمة فتح بالأخص .

وهنا تبرز القوتان المتضادتان المتقاتلتان -مع بعضهما فقط- وتأتي الحجة التي تتذرع بها حكومة العدو الصهيوأمريكي وهي: من الذي يقود مفاوضات الحل في ملف الصراع والقضية الفلسطينية ومع من يكون الجلوس؟ سيظل صراع الفصائل الفلسطينية على من يقود ملف المفاوضات قائمًا, طالما يغذيها العدو الصهيوأمريكي الذي يرغب في استمرار حالة التشتت في القرار الفلسطيني, وفي تلك الأثناء تستطيع إسرائيل ضم ما تريد من الأراضي والمستوطنات لها, فمن الذي يواجهها إذًا أو يجلس قبالتها؟ لكن الدور الأبرز سيكون لقادة الجامعة العربية, سوف تصدر الجامعة بيانات الشجب والإدانة و التنديد ورفض قرار الضم, وهي بيانات تمتلئ بها سلال مكاتب العدو الصهيوأمريكي,

"نتنياهو" أعلن بغرور أنه سيضم غور الأردن وشمال البحر الميت, ومن قبل ضم الجولان ومن قبلهما القدس, وستظل الصفحة متاحة لكتابات ضم أخرى, وأراضي أخرى مع استمرار حالة الفرقة الفلسطينية العربية, وهي هدية قيمة جدًا يتم تقديمها لـ "نتنياهو" بالصمت في حالة الضم, ومنطقة غور الأردن وشمال البحر الميت التي أعلن "نتنياهو" عن ضمهما حال فوزه في الانتخابات هي ضمن أراضي الضفة الغربية التي يحتلها العدو الصهيوأمريكي, وتقع بمحازاة الأردن, وتأتي استراتيجية "نتنياهو" في إثارة الرعب والخوف لدى الناخب الإسرائيلي من العرب لإبراز عامل رئيسي في الانتخابات, وهو إثبات وإبراز قدرته وقوته وإقناعهم بأنه الوحيد القادر على حمايتهم ومواجهة الفلسطينيين في أي مكان, وعدم التفافه لبيانات الشجب والأدانة التي يُطلقها العرب, وهي استراتيجية مكنته من الفوز بمقعد رئيس الوزراء 4 مرات, استطاع خلالها استقطاب الإدارة الأمريكية, وإبراز دور اللوبي الصهيوأمريكي في تدعيم متطلبات إسرائيل ومساندتها في أي محفل, والتصدي لأية قرارات يمنعها من تنفيذ مخططاتها الاستيطانية, وفي حال تنفيذ وعود "نتنياهو" سيكون بذلك تهديدًا مباشرًا لدولة الأردن الشقيقة, ولكن لماذا منطقة غور الأردن بالذات التي يهتم "نتنياهو" بضمها للأراضي المحتلة لكسب أصوات الناخب الإسرائيلي المتشدد وكسب مزيد من الأراضي؟

أهمية منطقة غور الأردن الاستراتيجية
غور الأردن -أو وادي الأردن- هي منطقة سهل خصيب, تبلغ مساحته حوالي 400 كم٢, ويقع على امتداد نهر الأردن, وتمر عبر غور الأردن المنطقة الحدودية الفاصلة بين الأردن على الضفة الشرقية لنهر الأردن من ناحية والضفة الغربية التي تحتلها وتسيطر عليها إسرائيل الصهيوأمريكية, ومناخ غور الأردن يتميز بأنه دافئ, وهو من أخصب الأراضي الزراعية, ويعتبر سلة خضار الأردن؛ لأن مناخه دافئ شتاءً وحار جدًا صيفًا, فهو مناسب للكثير من الخضار والفاكهة, وللغور أهمية دينية, حيث يوجد به مقامات بعض الصحابة منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح, وضرار بن الأزور, وشرحبيل بن حسنة, ومعاذ بن جبل وغيرهم من الصحابة والتابعين, الذين أصبحت مقاماتهم مقصدًا للسياحة الدينية بعد الإعمار الهاشمي لأضرحة ومقامات الصحابة في غور الأردن، ومن أشهر معالم غور الأردن البحر الميت, وكثير من الفنادق السياحية التي يأتي لها سياح من كل أنحاء العالم.

ايضا ولكونها تقع عند أول بحر الجليل في الشمال, وتمتد حوالي ٤٠ كم, تعتبر منطقة هامة لتأمين الحدود, بينما تضاريسها تؤكد عدم أهميتها العسكرية؛ لكنها ستكون قوة استراتيحية لتأمين أراضي الاحتلال لكونها تمتد حتى البحر الميت حوالي ٤٠ كم, وتأتي المنطقة التي يحتلها العدو الإسرائيلي بين البحر الميت وحتى نهايته داخل الضفة الغربية التي احتلتها عام 1967, بالإضافة إلى وادي الأردن, وهو ما أدى لهروب السكان العرب نتيجة الممارسات الصهيونية تجاههم, حتى وصل عددهم لأقل من خمسة الآف نسمة من بين حوالي ٧٠ ألف كانوا سكانها الأصليين, ومنطقة غور الأردن وشمال البحر الميت تقع في حوالي ٣٥ % من مساحة الضفة الغربية يعيش فيها حوالي ١٥ ألف مستوطن صهيوني, وسط ما يقرب من ٦٠ ألف من الفلسطينيين,

وبرغم هذا تُسيطر إسرائيل على كل أمور المنطقة, وتمنع إقامة منازل جديدة للفلسطينين, بينما تسمح فقط للإسرائيليين لتوسعة الاستيطان, وتمنع أيضًا الفلسطينيين من استخدام مصادر المياه لري أراضيهم الزراعية, مضايقات للإجبار على الرحيل, وسط صراع الفصائل الفلسطينية وحالة الفرقة العربية بينما لا يجد هؤلاء السكان المخذولين في الأرض المحتلة من يتبؤ المقعد الرئيسي في مفاوضات الحل ويتبني مشاكلهم وما يتعرضون له...

سؤال سيظل يفرض نفسه دون إجابة طالما بقي صراع القتال الفلسطيني قائم ويومًا ما أرجو الله تعالي أن لا نقول بكل أسف : كان هنا فلسطيني.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط