الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالأدلة التاريخية.. عالم آثار: حجر رشيد عثر عليه في قلعة قايتباي وليس صا الحجر

صدى البلد

في عام 1799 تم العثور على حجر رشيد في قلعة قايتباي في رشيد، ومنذ ذلك الحين ظل الحجر مثار اهتمام وجدل المهتمين بالتاريخ، واخر ذلك ما جاء علي لسان الدكتوة بينيلوب ويلسون رئيسة البعثة الإنجليزية في صا الحجر في الغربية.

قالت بينيلوب ويلسون، إن حجر رشيد تم اكتشافه في صا الحجر وتم نقله منها الي رشيد، وهو ما أثار لغطا كثيرًا في أوساط الأثريين وعلماء التاريخ، ومنهم الدكتور محمود أحمد درويش أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا.

من جانبه قال درويش لـ صدى البلد ردا على ويلسون: "ما ذكر أن الحجر الذي تم اكتشافه في صا الحجر ثم نقله عبر النيل إلى رشيد، ليعثروا عليه مرة أخرى، وهذا حديث لا يخلو من الطرافة إذ عثر على الحجر في موقع ثم نقل ليتم العثور عليه في موقع آخر، ولم يذكر في ما ورد لماذا تم نقله إلى رشيد؟.

وتابع: الحقيقة ان ما ورد بهذا الموضوع لا يستند إلى أي دليل علمي جملة تفصيلا، ولا يمت للحقيقة بأي صلة، فالحجر في الأصل كان بمعبد بولبتينوم بمدينة بولبتين التي تقع جنوبي المدينة الإسلامية، كما أنه كان جزءا من أحد الجدران بقلعة رشيد التي ترجع أصولها إلى الملك رمسيس الثالث وعمرها الملك بسماتيك الأول،واستخدم في ترميمها في العصر الإسلامي الأحجار المنقولة من أطلال مدينة بولبتين.

وعندما قمنا بحفائر بالقلعة عام 1985 تمهيدا لترميمها تم العثور على ثلاثة عشر حجرا جرانيتيا كان ضمن بناء الجدران ولا تزال موجودة بالقلعة حتى الآن وعليها نصوص هيروغليفية، ويوجد أحدها على يسار المدخل وعليه اسم الملك نخاو، وثبت بالوثائق والمصادر بما لا يدع مجالا للشك أن الحجر كان جزءا من البناء ولم يعثر عليه منفردا، وتم اكتشافه أثناء ترميم الفرنسيين للقلعة بعد هزيمتهم في أبو قير.

وقال: كان الحجر ضمن مجموعة من المراسيم التي تؤكد على العقيدة الملكية لبطليموس الخامس (أبيفانس)، في الذكرى السنوية الأولى لتتويجه ملكا على مصر،وعلى الحجر ثلاثة خطوط الهيروغليفية وهى اللغة الرسمية في مصر القديمة وهي اللغة الدينية المقدسة المتداولة في المعابد، والديموطيقية وهى الكتابة الشعبية في مصر القديمة “العامية المصرية”،والإغريقية القديمة وهى لغة البطالمة وملوك اليونان.

وتابع: يمثل النص الموجود بحجر رشيد قرارا أصدره الكهنة في الثالث والعشرين من مارس عام (196 ق.م) على شرف الملك بطلميوس الخامس (أبيفانس) الذي كان في عمر الثالثة عشرة وقتها، وفي الجزء الأخير نجد الغرض الأصلي من كتابة هذا النص، وهو تأسيس عبادة الملك بطلميوس الخامس في المعابد والتي سيقوم بها الكهنة في معابد مصر ثلاث مرات يوميا.

وكشف أنه عندما قدم الفرنسيون إلى مصر ، أرسل بونابرت فرقة إلى رشيد بقيادة الجنرال مينو الذي تم له الاستيلاء عليها في يوليو (1798)، وتقرر أن يتقلد وظيفة الحاكم العسكري لرشيد بمجرد الاستيلاء عليها، كما عين كليبر حاكما عسكريا للإسكندرية،وبعد هزيمة الفرنسيين في أبي قير (1799)، اهتموا بتحصين قلعة قايتباي "سان جوليان" خشية أن يدخل الأسطول الإنجليزي إلى فرع رشيد.

وكلف مينو القائد العسكري لرشيد الجنرال بيير فرانسوا كسافييه بوشار عام 1799، الذي أشرف على هذه الأعمال، وكان ضابطا مهندسا بالحملة الفرنسية، وفي 19 يوليو 1799، تم العثور على الحجر الذي عرف بحجر رشيد تحت أنقاض أحد الجدران، أثناء إجراء تعديلات وإعادة بناءها وترميمها لتلائم الأسلحة الفرنسية الحديثة من مدافع وبنادق عندئذ وقع بصره على حجر البازلت الذي يبلغ ارتفاعه مترا واحدا، ويصل عرضه الى (73) سنتيمترا وسمكه (27) سنتيمترا.

وأشار إلي أن بوشارد أسرع إلى قائده الجنرال مينو بالحجر فاحتفظ به الأخير في منزله بالإسكندرية. على أن خبر ذلك تناهى إلى بونابرت فأمر بتسليم الحجر إلى أعضاء المجمع العلمي المصري لدراسته وتحقيق رموزه، فلما استعصى عليهم ذلك، أمر باستنساخه وإرسال نسخ منه إلى علماء أوروبا آنذاك،وفي التاسع عشر من يوليو عام (1799) أعلن المعهد المصري الذي تقيم فيه البعثة العلمية المصاحبة للحملة الفرنسية على مصر بالكشف عن كتابات مهمة في رشيد سيكون لها شأن.

وبدأ النص يظهر للعامة في الشهر التالي أي في سبتمبر عام (1799) بعد أن طبع في مقال في مجلة البعثة الفرنسية كوريير دو ليجيبت، ومنذ الكشف عن الحجر أدرك جان جوزيف مارسيل وريميه ريج أن الخط غير المعروف الديموطيقي، ولكنهما لم يستطيعا قراءته، ونسخ جوزيف مارسيل وجالان الحجر تنفيذا لأوامر نابليون، وقاما بتغطية سطح الحجر بحبر طباعة وقطع من الورق المقوى.
وقال:أما عن السبب في حيازة انجلترا لحجر رشيد فالمعرف أنه بعد العثور عليه أسرع بوشارد إلى قائده الجنرال مينو وسلمه إياه، فاحتفظ به الأخير في منزله في الإسكندرية لمدة عامين. على أن خبر ذلك تناهى إلى بونابرت فأمر بتسليمه إلى أعضاء المجمع العلمي المصري لدراسته وتحقيق رموزه، فلما استعصى عليهم ذلك، أمر باستنساخه وإرسال نسخ منه إلى علماء أوروبا آنذاك، وظل حجر رشيد مع علماء الحملة حتي جاء موعد الرحيل عن مصر عام (1801).

ولما كانت الاتفاقية تقضي بخروج جنود الحملة مصر ونقلهم إلي فرنسا على سفن الأسطول الإنجليزي الذي يحاصر شواطئ الإسكندرية، فإن قائد الأسطول الإنجليزي هتشنسون أصر أن يسلم الفرنسيين كل ما في حوزتهم من اكتشافات أثرية عثروا عليها في مصر إلي الإنجليز ومنها حجر رشيد. وتم لهم ذلك بالفعل، وأخذ الإنجليز حجر رشيد ووضعوه في المتحف البريطاني عام (1802) والذي مازال قابعًا فيه حتى الآن،والطريف أن الإنجليز يعترفون بسرقة حجر رشيد، ففي خلف الحجر وفي أسفل قاعدته مكتوب: "تم الاستيلاء عليه في مصر بواسطة الجيش البريطاني عام (1801).

وأضاف:ما ذكرته الباحثة الانجليزية ينم عن مغالطة تاريخية واضحة،إذ أن جميع المصادر الفرنسية ذكرت أن الحجر عثر عليه تحت أنقاض أحد الجدران بقلعة قايتباي برشيد،ولكن الباحثة لازالت تسير على درب الكراهية لرشيد حتى تنسب الحجر المكتشف بها إلى موقع آخر، وكأنها تعمد إلى تفريغ المكتشف من قيمته المكانية، وعليها الذهاب إلى القلعة لترى ثلاثة عشر حجرا آخر تم اكتشافها عام 1985 أثناء الحفائر التي قمت بها بالقلعة، ولو لم يكتشف بوشار هذا الحجر عام 1899 لكنت قد اكتشفته أثناء الحفائر.