الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما بين المعروف والاستغلال




تغيرت أحوال البشر وتطورت الأخلاق للأسوأ بصورة مفزعة، وطرق الاستغلال والالتواء ازدادت وتنوعت وأصبح البعض يُبدع في استغلال الظروف ومحاولات تطويع الآخرين لما يفيد مصالحه الشخصية.

أسوأ أنواع الاستغلال أن يتعامل معك أحد الأشخاص تحت مسمي قضاء حوائج الناس ، ويقف بجانبك في أحد الأمور مرتديًا ثوب الفضيلة والأخلاق وأنه يعاملك لوجه الله تعالي باحثًا عن الأجر والثواب عند الله، ولكنه في أعماق فؤاده يرسم الطريق لاستغلالك وقتما يشاء وكيفما يشاء.

ارتداء ثوب العفة والطهارة والمباديء أصبح نوع جديد من الخداع يستخدمه البعض ، فيتحول المعروف إلي طوق حول رقبة الانسان، يطالبه به من ادعي الأخلاق وقت اللزوم، ويتغير مفهومه إلي مَن وأذي واستغلال ، ويفقد جوهره ، وبالطبع يفقد معناه.

من أراد أن يفعل معروفًا بأحد ، يجب أن يكون هذا المعروف بنية صادقة حقيقية لا يلاحقها أي استغلال أو رغبة في السيطرة علي الآخرين بنظام ليّ الأذرع ، ودوام التذكير بالفضل ، فهذا لا يمت بصلة لما ذكره المولي عز وجل في المعاملات التي أقرتها الشرائع السماوية .

الأفضل في مثل تلك الحالات الوضوح التام ، فإذا أردت أن تخدم أحد نظير مقابل مادي فحدد المقابل قبل تقديم الخدمة، فإذا وافق وارتضي فقدمها له، وإذا لم يوافق فانصرف عنه دون تجريح أو إطالة، ولكن لا توهم من أمامك بأنك تخدم من باب الخدمة، ثم تفاجئه بأنك تطلب الثمن ، وتحدد المبلغ كما يترائي لك دون موافقته ، فهذا يخرج عن حدود الأعراف بين البشر، ويدخل تحت بند الابتزاز والاستغلال.

الشهامة لا تتجزأ، والمباديء ثابتة لِمن يُؤْمِن بها ، فلا يجب أن يتلاعب المرء بالآخرين مستخدمًا تلك الكلمات الرنانة ويتشدق بها وقتما يشاء وكيفما يشاء، فالبركة لا تأتي بالتحايل والاستغلال بل تأتي دائما بصفاء القلب والنية، إذا أردت أن يزيدك المولي عز وجل نورًا وتقوي فأعد النظر في أسلوب التعامل مع البشر ، وأخلص النية في المعاملات وانبذ عن نفسك التحايل والاستغلال.

وحين الاختلاف يظهر ألد الخصام، ويتفنن من اختلفت معه علي مبدأ ما في مطاردتك بشكل لم تكن تتوقعه منه، فتظهر الأوجه الحقيقية أمام عينيك وتسقط الأقنعة ، وتنطوي ملابس العفة لتظهر القلوب علي حقيقتها ، وتجد نفسك في محاولات مستمرة للاستغلال والتسلق من الآخرين.

في هذا الزمن لا تصدق بسهولة من يدعي الشهامة فحين يحدث خلاف سوف تتبدل الوجوه، وتظهر ملامح الاستغلال والمن والابتزاز ، أحيانًا كثيرة ينخدع الانسان في القول اللين الحسن علي الرغم من أن المولي عز وجل حذرنا في كتابه الكريم في قوله تعالي (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ).

من أراد الثمن نظير التعامل مع البشر فليحدده مسبقًا ، ولا يُقْدم علي فعل أمر ما في ظاهره المعروف وفِي باطنه الاستغلال، أن تكون واضحًا وتطلب ثمن ما تقدمه من خدمه لأحد ما من البداية أفضل بكثير من التلون واستخدام الشعارات الرنانة، لتستغله بعد حين ، مرتديًا ثوب الأفضال.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-