الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلام .. لف وارجع تاني


غالبًا ما يبتعد الكاتب عن انتقاد مجال يشمله أو يشمل زملاء وأصدقاء يعملون في ذات الإطار الذي يسير فيه، خِشية أن ينال غضبه البعض أو لوم وعتاب الزملاء, أو هجوم البعض, ولكن أن تطهر نفسك وعملك ومن حولك أعتقد أنه شيء مقدس لتشمل الطهارة كل المجالات, ونضع أُولى أقدامنا على الطريق الصحيح, ابدأ بنفسك أولًا, والنفس هنا هي أي إنسان تصل إليه معلومة ويحاول أن يستغلها في الإتجاه الذي يروق له, متخطيًا مصالح وطنه أو متسببًا في أضرار قد تلحق بمسيرة الوطن وعلاقاته, وأقرب النماذج ممن ينطبق عليهم منظومة الطهارة والإصلاح هؤلاء الإعلاميون الذين بيدهم يُسَّيرون الحركة الفكرية, وتأصيل وثبات ما يصل لأذهانهم, وأحيانًا كثيرة يساهم هؤلاء في نشر الفتنة والتعصب دون أن يشعروا. 

وكثيرًا ما اشتكى الرئيس "عبد الفتاح السيسي" من الإعلام والإعلاميين, وفي كل مناسبة خاصة بالمجال الإعلامي يُبدي الرئيس ملحوظة على مسيرة بعض الإعلاميين, وهو ما يشير لاهتمام الدولة بما يُنشر وما يًذاع, باعتبارها تؤمن بأهمية الدور التنموي والتوعوي الذي يقوم به الإعلام, لكن البعض لا يراعي مخاطر الكلمة سواء المقروءة أو المسموعة, ويأتي التخبط و التسرع لعمل حلقة والسلام ولملء وقت برامج أو سطور مكتوبة في صحيفة.  

مؤخرًا بدأت بعض الأقلام والأصوات تتعالى ضد تصريحات نُسبت إلى السيد آبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي من أنه يستعد لإرسال مليون مواطن أثيوبي لحماية سد النهضة من هجمات محتملة تشنها مصر عليه, وبدأت الأفواه سواء في الصحف أو البرامج تناقش وتهاجم تلك التصريحات المنسوبة إليه دون التحقق من صحتها, حتى امتلأت صدور المصريين بحالة من الغضب تجاه المسئول الأثيوبي من جراء تلك التصريحات, والتي نفاها المسئول الأثيوبي أثناء لقائه بالرئيس "عبد الفتاح السيسي" في قمة سوتشي, وأكد أن تصريحاته تم تحريفها, وأنه يكن كل تقدير واحترام لمصر قيادة وشعبا, وبالتالي كانت تصريحات الرئيس المصري تتسم بالمودة واللياقة للقيادة الأثيوبية.
 
وبزاوية ١٨٠ درجة تراجعت الأصوات التي كانت تُهاجم رئيس الوزراء الأثيوبي, وبدأت في طرح حالة من المدح لتصريحاته التي أعلنها تجاه مصر, واعتلى البعض طريقة "لف وارجع تاني".

وتبدل الحال و الرأي لدي البعض في لحظة .. أي قناعة وأي مبدأ تسير عليه تلك الأقلام والأصوات, التي من الممكن أن تهدد علاقة دولة بأخرى,  أذكر انه في برنامجي الحدث المصري على قناة العربية ذات يوم أن استضفت السفير الأثيوبي في مصر "محمود درير" وكان لا يزال سفيرًا لأثيوبيا في مصر, وبالطبع كان الحوار حول سد النهضة, وكان السفير يتسم بعدم اللياقة في الردود على الأسئلة وكان مذيع البرنامج الإعلامي الكبير محمود الورواري الذي التزم الثبات أمام استفزاز السفير, وسيطر على انفعالاته تجنبًا لحدوث أزمة دبلوماسية بين البلدين, وأعطى الورواري نموذجًا للإعلامي الذي يحرص على علاقة بلده بالآخرين دون ان يساهم في اشعال بذور الفتنة بين البلدين .

بينما على جانب آخر حدث أن قامت إعلامية في قناة فضائية بالتطرق لعلاقة مصر مع المغرب, وكان وقتها تُوجد همسات بوجود أزمة بين البلدين, واستغلت الإعلامية الموقف, وأرادت الظهور على حساب المصلحة الوطنية بشن هجوم على المغرب, واتهمته بأن اقتصاده يقوم على الأموال المحصلة من بيوت الدعارة المنتشرة هناك, وفور إذاعة الحلقة نشبت أزمة دبلوماسية, حينها أدت لإقالة المذيعة واعتذار القناة, ولا تزال ذاكرتي تحمل تلك الصورة التي كنا نراها للقائد الليبي الراحل "معمر القذافي" الذي كان يتهمه البعض بالجنون, ورسمه البعض بصورة الرجل المجنون, وعندما تحسنت العلاقات بين البلدين ظهر في أبهى صوره في إعلامنا, الآن يُمارس البعض نفس الأساليب المقيتة, وبرغم اعتراضي على ما يقوم به الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" سواء في الشمال السوري أو بالداخل التركي إلا أنني أربأ بإعلامنا أن يتهم تركيا بانتشار بيوت الدعارة, واعتماد الاقتصاد التركي على الأموال المتدفقة من منح تراخيص بيوت الدعارة المنتشرة في تركيا, كيف يمكن أن نتفوه بذلك, أو أن يعتقد البعض في ذلك سوى قناعة البعض للأسف بأن استخدام أي وسيلة هجوم على من يُخالف الدولة هو ظهور قوي للإعلامي, تفاهة في التفكير ما بعدها تفاهة, والمشاهد والقارئ المصري أصبح يحمل ثقافة النقد والتمييز, ويستطيع أن يفسر أي رأي يسمعه دون الحاجة لضخ مزيد من الأكاذيب في أذنيه . 

البعض يسير تجاه خطوات السعي للإرضاء, ومن هو ضدنا نكيل له الإتهام, وعندما نتصالح نصفق حتى الثمالة, دون أن تكون هناك قناعة الإيمان بالرأي, الإعلام يا سادة هو نقل ورصد الحقيقة بضمير مهني وعدم الإتهام دون دليل, و تقريب وجهات النظر بين الدول في حالة الأزمات وليس إفتعال الأزمات فمتى نتخلص من بعض الذين يعملون في إعلامنا بطريقة لف وارجع تاني؟.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط