الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرئيس والقبول بكلية الشرطة


منذ عدة سنوات خرج علينا الرئيس الامريكى المثير للجدل دونالد ترامب بقرار منع دخول المواطنين من عدة دول حول العالم الى الولايات المتحدة الامريكية , في إطار سياسة عقاب جماعى لأبرياء لا ذنب لهم , وهى سياسة خاطئة وثبت فشلها , والافضل منها هى سياسة الاحتواء والدمج فى المجتمعات .

تذكرت هذا القرار الخاطئ للسيد ترامب وأنا أسمع أحاديث بعض الناس فى الشارع الصعيدى حول تحريات القبول فى كلية الشرطة هذه الايام , وهى تحريات تقوم بها الاجهزة الشرطية المتنوعة من أجل اختيار أفضل العناصر للانضمام الى جهاز الشرطة فى مصر , وهى شيء ضرورى وأساسى من أجل ضمان أمن واستقرار المجتمع من خلال حُسن اختيار رجل الشرطة منذ البداية , وهى تحريات تدور حول كل من تم ذكرهم فى وثيقة تعارف الطالب.. الى هنا والوضع طبيعى فى كل مكان فى مصر باستثناء الصعيد .

لأنه فى الصعيد تجد المواطن الصعيدى عادة ما يرتبط اسمه باسم آخر جد يمكنه تذكره , فيما يعرف بالعيلة أو القبيلة , فالبعض يرتبط اسمه بجده الذى كان يعيش منذ مائة سنة والبعض يرتبط اسمه بجده الذى كان يعيش منذ الف سنة والبعض يرتبط اسمه بجده الذى كان يعيش وقت دخول العرب الى مصر , ولذا قد تجد مائة الف شخص أو اكثر معظمهم لا يعرفون أسماء بعض أو حتى محال إقامتهم , ولكنهم ينتمون من ناحية الاسم الى عائلة أو قبيلة واحدة , وهنا تكمن مشكلة تحريات طلاب الصعيد .

فلأننا نعشق التجويد لا يكتفى بعض ممن يجمعون هذه التحريات فى القرية أو الحى أو المركز بالتحرى عن الشق الجنائى لطالب الالتحاق وجميع أفراد أسرته وأعمامه وأخواله وعماته وخالاته وازواجهم وزوجاتهم وابنائهم , بل قد يمتد الى أقاربه من جده الذى هاجر الى مصر منذ الف عام , ويا حبذا لو كان أحد أفراد القبيلة أو العائلة الضخمة الموزعة على عدة قرى أو محافظات فيها شخص على خصومة مع شخص من عائلة أخرى لا يعرف طالب الالتحاق عنها شيئًا .

عندئذ يتوقف كل شيء بمجرد اضافة الجملة التقليدية فى ملف التحريات وهى ان طالب الالتحاق ينتمى الى عائلة بينها خصومة مع عائلة كذا , ويضيع مستقبل الطالب وحلم أسرته لمجرد أن شخصا لا يعرفه أو حتى يعرف عنه شيئاَ تربطه به صلة قرابة مع جده منذ الف عام أو أكثر وربما تكون قرابة لفظية وليست وراثية , وعلى الرغم من الامور فى الصعيد قد تغيرت تمامًا , فلم تعد الخصومات - عافانا الله منها- بين قبيلة وقبيلة أو بين عائلة وعائلة بل صارت بين بيت وبيت , الا ان فلسفة جمع التحريات لم تتغير .

ولذا أتمنى ان يتم مراجعة هذا الموضوع ووضع تعريف محدد لكلمة ( عائلة ) وما هو نطاق العائلة ؟ وأين حدودها ؟ ومتى يعتبر الطالب وأقاربه المقربون طرفا فى خصومة ما فى الصعيد ؟ لأن من يقرأ التحريات قد لا يكون ملمًا بطبيعة المسميات فى الصعيد ويعتقد ان كلمة عائلة مقصود بها أقارب الطالب من أب أو أم او جد او خال أو عم أو ابناؤهم ويتم استبعاده على سبب لا ذنب له ولا لأقاربه فيه ولا يعرف عنه شيئًا , فيما يشبه الى حد كبير قرار ترامب بالمنع الجماعى .

وهو ما يأخذنا الى ضرورة مراجعة قواعد جمع التحريات وتطويرها بما يتناسب مع تطور الاوضاع فى الصعيد وما وصل اليه من تحضر وتقدم مقارنة بالماضى , وخاصة بعدما أولى سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى مزيدًا من الاهتمام بإجراءات القبول بكلية الشرطة وحضر بنفسه ما يعرف بكشف الهيئة , ذلك الكشف الذى ارتبط فى أذهان بعض الناس بالشائعات والقصص التى لم يحضرها أحد ممن يروُنها على المقاهى والطرقات , وحضور سيادته بنفسه أعطى يقينا لكل المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة فى أنهم جميعًا فرصهم متساوية فى القبول دون النظر الى أية أعتبارات أخرى , فلا شيء غير المساواة فى ظل حضور رئيس الجمهورية , أعلى سلطة فى الدولة .

وفى ختام مقالى أكرر ما تمنيته فى ان يتم تحديد معنى جملة ( عائلة طالب الالتحاق ) وعدم التوسع فيها لتشمل كل أفراد القبيلة أو القرية او الحى الذى نشأ فيه الطالب , من أجل مزيد من العدالة والمساواة فى الفرص بين الجميع , وأيضًا كى لا يتم استخدامها كذريعة لأشياء أخرى أو ظلم مصريين أبرياء , ونسأل الله أن يحفظ مصرنا وكل أبنائها متحابين متساوين فى كل الحقوق والالتزامات , وأن يحفظ لنا شرطة مصر التى هى منا ولا غنى لنا عنها ولا غنى لها عنا .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط