الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب وأردوغان ومسرحية الإرهاب


لطالما كان الإرهاب شماعة لمعظم الدكتاتوريين والمستبدين عبر التاريخ الورقة التي يتم استخدامها واستثمارها، لإطالة أعمارهم واستمرار سلطتهم وكأنهم سيبقون مخلدين على عرش السلطة هم ومن بعدهم أولادهم وأحفادهم.

إنها القاعدة الأساسية في محاولة تشكيل مجتمع متجانس يكون الكل فيه يعيش كما يريد المستبد والظالم ويضحك حينما يأمر الدكتاتور وكذلك نحزن عندما يريد لكن التفكير وإبداء الرأي يُعتبر من الذنوب الكبيرة التي إن حاول البعض من الناس الاستعانة بها لإدراك مستقبلهم وطالع حظهم عند يريدون التحرر ولو قليلًا من ملكوت الظلام والمستبدين.

ظاهرة تعيشها منطقتنا منذ فجر التاريخ وحتى راهننا وإن كانت تحت مسميات مختلفة وصفات عديدة يُطلقها المستبدون حينما يشعرون بخطرٍ يحيق بعروشهم. فكانوا السحرة والمشعوذين خلال عصر الظلمات التي كانت تعيشها أوروبا وسيطرة الكنيسة على مفاصل الحياة، ومن بعدها أصبحوا زنادقة وهراطقة وتلتها صفة الكفرة والمرتدين ومن بعدها الخوارج في الفترة الأموية والعباسية، وحتى ما وصلنا إلى ما نحن نعيشه الآن تهمة الخيانة والعمالة والارهابيين خلال القرن العشرين وما نجم عنه من حربين عالميتين ونحن على أعتاب الثالثة. 

مع العِلم أن هؤلاء كانوا متواجدين بالفعل وكما كانوا يحاولون زعزعة الاستقرار من أجل الوصول للسلطة التي فقدوها أو أنهم أرادوا الاستيلاء عليها. كثيرة هي الأمثلة التي يمكن استنباط العِبرة منها لمعرفة خبايا تلك الفئة الضالة التي ما انفكت تعمل في الظلام وخلف الستار. ومحاربة الفئات الضالة هذه كانت العمل الأهم في أية مجتمعات تسعى للحفاظ على أمنها وكذلك وحدتها الداخلية.

إلا أنه وبمرور الوقت استثمر الطغاة بهذه الورقة الرابحة دومًا وخاصة خلال العقود الخمسة الأخيرة والتي كان يبحث فيها الدكتاتوريين عن قشة يتمسكون بها علّها تنجيهم من مصيرهم المحتوم في الفشل والانهيار. فعلها هتلر خلال حربه ضد أوروبا وكذلك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وكان الشعب الافغاني كله ارهابي في نظر الامريكيين. والآن تركيا تريد أن تستثمر في هذه الورقة لتصف الكرد بالإرهاب من أجل تنفيذ أجنداتها في احتلال الشمال السوري مع العراقي مستغِلة حالة الفوضى التي تضرب هذين البلدين وكذلك بلدان أخرى.

الفوضى كمصطلح سياسي تم الاستثمار به في تسعينيات القرن المنصرم حينما ظهر من خلال المشروع الغربي تحت عنوان "الشرق الأوسط الكبير/الجديد"، وذلك لوصول هذا المشروع لمبتغاه كان لا بد من خلق فوضى وإلهاء الدول والحكومات والشعوب بها، ليتسنى لهم رسم المنطقة كما تحلو لهم مصالحهم وأجنداتهم. الفوضى هي أن يعيش الانسان حالة من عدم إدراك ما يحيط به ولا معرفة العدو من الصديق وكذلك أن يصل لنقطة من الاحباط واليأس من الوضع المعاش وكذلك المستقبل المجهول. خلال هذه الفوضى يتم التلاعب بعقول البشر من خلال المصطلحات وتمييعها وقلبها رأسًا على عقب، بحيث لا يمكننا تعريف ما يدور حولنا من أهوال ومصائب وعدم تسمية الأشياء بمسمياتها.

الجهادي أردوغان الذي تتلمذ على يد حكمتيار في أفغانسان في ثمانينات القرن العشرين، أصبح الآن رئيسًا لدولة حولها أردوغان بعقليته الإخوانية لدولة مارقة لا تتقبل أحدًا وحارقة تسعى لحرق كل من حولها ليبقى أردوغان لوحده الخليفة المزعوم على أرض يحتلها لإنشاء عثمانيته الجديدة بأيدي عملاء ومرتزقة يستثمر بهم كما كان جده عبد الحميد العثماني يستثمر في جيشه الانكشاري.

ترامب وأردوغان وخلال اجتماعهما الأخير راحا يصفون كل من يخالفهم الرأي والمشروع على أنهم ارهابيين وكذلك تفعل روسيا وغيرها من القوى الاقليمية. كل طرف يصف الآخر بالعمالة والخيانة والارهاب والمقسم والمشتت والانفصالي والكافر، على أساس أنهم وحدهم فقط الفئة الناجية والصالحة التي تعرف الحق والحقيقة. لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا. حيث هي نفسها وليس أحدٌ غيرها من يقتل بشعبه ويهجرهم ويجبرهم على الخنوع والذُل تحت مسمى الدين والقوموية. 

هو أردوغان الإخواني لا يختلف البتة عن الذي يلتحف العمامة السوداء وهذين الاثنين لا يختلفا أبدًا عن من يرتدي الكرافيتة والبدلة الأنيقة في الكرملين أو البيت الأبيض. جميعهم تربطهم مع بعضهم البعض مصالح الهيمنة على المنطقة ولتذهب الشعوب إلى الجحيم. 

الشعوب التواقة للحرية الكرامة ستواصل مقاومتها لهؤلاء المستبدين والدكتاتوريين من أمثال أردوغان ومن على شاكلته، ولن يستطيعوا النيل من إرادة وعزيمة الشعوب. الكرد والعرب والآشوريين والسريان والأرمن من قوات سوريا الديمقراطية سيبقون متحدين يلقنون أردوغان دروسًا في المقاومة لنيل الحقوق وكذلك دروسًا من الذل والفشل لأجنداته وللمرتزقة الذين معه من الانكشاريين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط