الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سفير استثنائي


ثماني سنوات مرت كلمح البصر، تشرفت خلالها بالعمل مع الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة سفير مملكة البحرين لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية عميد السلك الدبلوماسي العربي، مستشارا إعلاميا.

علاقتي معه لم تكن علاقة عمل فقط، بل امتدت إلى الجانب الإنساني الذي يتميز به ويشهد له كل زملائي بالسفارة وكل من يعرفه، فهو كان لي ولهم أيضا منذ الوهلة الأولى أخا وصديقا غاليا، أعتز به في صداقة تمتد العمر كله.

الإنسانية وحب الناس والتواضع، بجانب دبلوماسيته الراقية، كانت عنوانا له منذ صدور الأمر الملكي السامي بتوليه مسئولية تمثيل بلاده بمصر في عام 2011، هو سفير استثنائي بكل المقاييس، بصمته واضحة للعيان في تعزيز العلاقات بين مصر والبحرين بصورة ملموسة يشهد له بها الجميع في كل مؤسسات الدولة المصرية وفي الدوائر الإعلامية والشعبية أيضا، حيث رسخ لعلاقة البلدين الضاربة في جذور التاريخ، مضيفا لجهود كل السفراء الذين سبقوه الكثير، لتأكيد عمق العلاقات الرسمية والشعبية، خصوصا في ضوء ما تعرضت له مصر من أزمات بعد ثورة 25 يناير 2011 ومحاولة خفافيش الظلام في الداخل والخارج إسقاط مصر بتأجيجهم الفوضى وتمويل الإرهاب والعنف، وكان خلالها السند القوي لبلاده في عودة مصر لدورها الريادي بعد تصحيح المصريين لمسار ثورتهم في 30 يونيو 2013.

محطات عديدة وكثيرة، تعلمت منه خلالها الكثير، حيث كان له الفضل بعد المولى عزوجل في صقل خبرتي الإعلامية في منحى مختلف، في دهاليز وأروقة السياسة بجانب بيتي مؤسسة الأهرام الصحفية، كونه إعلاميا قبل أن يكون دبلوماسيا وسفيرا، لأتعلم منه أصول الدبلوماسية وأهميتها في العمل الإعلامي.

فكتاب "مصر والبحرين.. عامين على ثورة 30 يونيو"، هو أحد المحطات المهمة للشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة، فهو عمل وثائقي فريد سيخلده التاريخ، تشرفت بالعمل معه فيه، ليؤكد هذا الكتاب الدور المحوري الدعم البحريني لمصر وخصوصا في وقت الشدائد وأن أمنها واستقرارها هو أمن واستقرار للبحرين والخليج ككل.

ليس هذا فقط ما أدين له به، بل على المستوى الشخصي كان بمثابة الأخ الصدوق بإنسانيته، وكان سندا لي، في صبيحة كل يوم كان يحرص على أن يطمئن عليَّ وعلى أولادي ووالديَّ، ولن أنسى له طالما حييت كيف وقف بجانبي وكان بمثابة صمام الأمان النفسي لي يوم وفاة أمي في عام 2016، فكانت مشاعره الإنسانية النبيلة الصادقة جلية حيث كان أول الحاضرين لتعزيتي رغم وصوله من السفر في نفس وقت العزاء.

أيضا أدين له، في أنه كان داعما لي في عملي الصحفي بجريدة الأهرام، ومنحني الثقة تماما، وكان ذلك واضحا بإسهامه في تحقيق طموحي بلقاء جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، والانفراد بمحاورتهما مع بعثة الأهرام في مارس 2018، بعد أن تحمس لمشروعي الإعلامي بإقامة مهرجان الأهرام الثقافي في دورته الثانية بمملكة البحرين وهو الحلم الذي تحقق في أكتوبر 2018.

لن أنسى له أيضا، يوم أن شرفني برعايته لمعرض والدي للفن التشكيلي الذي أقيم في متحف مؤسسة الأهرام للفنون في شهر نوفمبر عام 2018، وافتتاحه للمعرض الذي ضم أكثر من 100 لوحة فنية، وكانت بادرة إنسانية أخوية منه، تؤكد إنسانيته بعيدا عن الدبلوماسية، وأنه سندا وأخا غاليا، وتأكيده بهذه البادرة على أن العلاقات الإنسانية هي التي تبقى، وتدوم.

حبه لمصر لا حدود له، وهو امتداد وتأكيد لمحبة ملك البحرين والقيادة السياسية والشعب البحريني لمصر، وهو الحب الممتد عبر صفخات التاريخ الذي يجمع بين أقدم حضارتين عرفتهما البشرية الفراعنة ودلمون.

ذلك الحب الصادق، زاد من إيماني بأن مصر والبحرين وطن واحد، حيث ارتبطت بشكل أكبر ببيتي الثاني البحرين الذي لا يقل في غلاوته وحبه عن حبي لمصر. فلم أشعر لوهلة أنني غريب عنهم عند وجودي في البحرين بين الحين والآخر، شأني شأن كل المصريين الذين يعيشون في وطن السلام والتعايش والتسامح.

لن أنسى الكلمة التي كان يقولها دائما الشيخ راشد بأن المصريين في البحرين لا نسميهم وافدين، فيقول نسميهم "الأخوة الأشقاء"، وذلك ما لمسته في زياراتي المتعددة والدائمة لمملكة البحرين، وأيضا خلال عملي في عام 2006 في بيتي الصحفي الثاني جريدة الوطن البحرينية التي شرفت بالعمل فيها في العام الأول لتأسيسها وانطلاقها.

الكلمات لن تفي الشيخ راشد "الإنسان" حقه، مهما قلت وكتبت، ولا يمكنني القول له (وداعًا) في نهاية فترة عمله الدبلوماسية سفيرا مشرفا لبلاده في مصر، لأنني على ثقة ويقين بأن علاقته وحبه لمصر لن تنتهي أبدا، لأنه سيكون في بيته الثاني مواطنا مصريا بين الحين والآخر بعيدا عن رداء الدبلوماسية، وأن صداقتي وأخوتي له لن تنتهي أبدا، فالود موصول.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط