الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحياة الخاصة وإعلام الإثارة


 في حياتي مأساة تسببت فيها لأسرة منذ سنوات ، ولازلت أعتذر عنها في كل وقت بيني وبين نفسي ، وبرغم أنني قدمت إعتذارًا لصاحبتها إلا أنني لازلت أشعر بتأنيب الضمير ، وأحيانًا أبحث عن وسيلة عقاب لنفسي ويدي غير التي أنفذها وتخذلني الأفكار .

منذ سنوات تخصصت في كتابة الجريمة ، أتابعها وأكشفها وأتفحص مستندات فساد وقضايا رشاوي ، لأكتب عنها وأكشفها لجهات التحقيق و للرأي العام حتى يتسنى إتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها.

وكان أستاذي الكاتب الصحفي الكبير محمود صلاح أحد أعمدة أخبار اليوم النقية ومؤسس جريدة أخبار الحوادث قد لقنا دروسًا في الحفاظ على الضمير المهني ، والتأكيد على القاعدة القانونية أن المتهم برئ حتى يثبت القضاء العادل إدانته ، وقبل السعي للسبق أو كتابة خبر أو موضوع مثير تذكروا أن من تكتب عنه له أسرة وعائلة يمكن أن تضار بكتاباتك.

هكذا قال وتعلمنا من أستاذنا الفاضل أطال الله عمره ، ومن بعده الكاتب الكبير استاذي محمد رجب أحد أعمدة أخبار اليوم حتى الآن وهو والد الإعلامي الشهير أحمد رجب ، ولكن مثل كثير غيري خالفت ما تعلمته وأفلتت مني عبارات أضرت فيما بعد أسرة أرجو الله أن تكون قد سامحتني .، كان قد وقع تحت يدي قضية فساد كبرى في رصف طريق يربط بين محافظتين في وسط الدلتا واستغلت الشركة المنفذة للمشروع طيبة مديرة الإسكان بالمحافظة، والمشرفة على استلام الطريق.

وتلاعبت في المواصفات القياسية لتنفيذ الطريق ، واستدرج شياطين شركة المقاولات السيدة وأغمروها بالرشاوي ، خاصة وأنها كانت تستعد لزفاف إبنتيها خريجتي كلية الطب وقاما شياطين المقاولات بشراء متطلبات الفتاتين كاملة وقدموها لمديرة الإسكان وحجزا لها قاعة فخمة بأحد الفنادق الراقية في مقابل استلام الطريق بكل ما فيه من عيوب فنية ، والتغاضي عنها وسرعة إمضاء الشيكات خاصة الشركة.

ولم تكن وحدها بل كانت تنسق الأمر مع قيادات أعلى و أقل منها ، وقدم لي مصدر خاص بي مستندات تثبت قضية الفساد وأوراق هامة قمت بنشرها ، وتلقفت الأجهزة الرقابية خيوط المؤامرة وكشفت الفساد ، وفي سرية تامة كانت تتم التحقيقات نظرًا لتورط مسؤولين أعلى في القضية. وعن طريق مصدر خاص بي علمت بأمر التحقيقات ، وبمساعدة أحد مصادري في النيابة تمكنت من الإطلاع على أوراق التحقيقات ، وقمت بسرعة بمتابعة القضية وكتابة موضوع صحفي ولم أراعي ما تعلمته من أساتذتي من مراعاة القاعدة القانونية أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.

وقمت بكتابة اسم مديرة الإسكان وصفتها ، وبالطبع صدرت الجريدة وانتشر خبر التحقيقات معها في محيط عائلتها ، ومكان إقامتها وقام خطيبي نجلتي المتهمة بفسخ الخطوبة ، وأرسلا للفتاتين صورة مما نشر في الجريدة ، واعتذرا لهن خاصة أنهما كانا يعملان في وظيفة حساسة ، وذات يوم حمل بريدي رسالة من إحدى الفتاتين تقص ما حدث بسبب نشري قضية والدتها.

وفي النهاية قالت منك لله خربت بيتنا كلنا و كمان أنا وأختي . حينها بكيت داخلي كما لم أبك من قبل، وشعرت بالندم ، وارسلت إعتذارا لها ولوالدتها غير أن ما هدأ من روعي ما قاله أساتذتي من أنني ذكرت الحقيقة ولم أتجنى ، وكشفت قضية فساد كادت تؤدي لكوارث على الطريق لكثير من الأسر ، وأن إعادة رصف الطريق وتحسينه انقذ كثير من المواطنيين من الكوارث . وتابعت جلسات المحاكمة وبعد إدنة السيدة وصدور حكم بحبسها وإلزام الشركة بتنفيذ المواصفات القياسية للرصف شعرت ببعض الراحة.

ويومًا بعد يوم كنت اشعر بأنني أديت واجبي ، غير أن الجوانب الإنسانية لما حدث لأسرة مديرة الإسكان ألمتني نفسيًا، برغم أنها السبب الرئيسي فيما حدث.

الأن ، تذكرت تلك القصة وأنا أتلقى مكالمة من صديقي المخرج خالد سالم يخبرني فيها بتعرض صديقتنا المذيعة رانيا الجبالي لقضية تشهير خسيسة ، قام بها أحد الفنانيين الصغار قيمة وعمل ، بعدها بقليل حدثتني رانيا وهي تتألم نفسيًا من قيام مواقع الإثارة والتهييج بنشر أخبار عنها غير صحيحة ، وبصوت حزين قالت لي تصور أكثر من ٥٠ موقع نشروا أكاذيب عني بدون ما يسالوني ، وينشرون صورتي ولا يراعون أسرتي وعائلتي ، وما حل بي وبهم ، كذب في كذب وسألتني رانيا وهي تبكي حزنًا : لماذا تسرع بعض المواقع بنشر أكاذيب عن المشاهير دون أن تكون هناك قضية، ولا تراعي حياتنا الخاصة ؟ أو حتي تتصل بنا لنقول رأينا ؟

قلت في نفسي : معك حق نعم لماذا؟

هناك مشاهير كثيرة اضيروا من جراء مواقع بير السلم الصحفي التي تسعي للإثارة لجذب القراء ، و دون مراعاة لأي شئ تنال سهامهم المسمومة خصوصيات المشاهير ، وتذكرت قضية الدكتور عبد الله بدر واتهامه للفنانة إلهام شاهين بأفظع الإتهامات ، الأمر الذي تداولته كثير من المواقع والسوشيال ميديا ، ونشرت صور مسيئة لها ، حينها تحدثت د. عبد الله وطلبت منه الحضور للجريدة لإجراء حوار صحفي ، وفي مكتب الأستاذ ممدوح الصغير رئيس تحرير أخبار الحوادث أجريت حوارًا معه.

وكذلك أجريت حوارًا مع الفنانة الرقيقة إلهام شاهين لإستكمال مصداقية النشر ، وبرغم إنه كان صديقي إلا أنني للحق ساندت الفنانة إلهام شاهين في محنتها وتعاطفت معها ، وحكت لي ما أصابها نفسيًا وهي تبكي من قذارة ما نشر عنها وأصابها بألم نفسي ، وتساءلت هي الأخرى : لماذا يسعى البعض لنشر فضائح الآخرين وبدون سند ؟ لماذا لا نتريث حتى تصدر الأحكام القضائية؟

قلت لها في حسرة معك حق .

وقريبًا أثيرت قضية المخرج الشهير والباحثات عن الشهرة والتي كشفت عن كم الشراهة في نفوس بعض الصغار لنشر الفضائح فقط التي أثرت علي عائلتي الفتاتين .. هناك مطبوعات تصدر تحيا على اصطناع فضائح وكتابة أكاذيب مبهمة ، وكلما أقرأ عناوين تلك الأكاذيب أتساءل :
لماذا لا نحارب الفساد فقط ، ولا نسعى وراء إثارة الفضائح واقتحام حياة الأخرين ؟

من منا يعلم بعض الإعلاميين إحترام خصوصيات الأسرة ؟


والبعد عن التجريح؟
تفتكروا من؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط