الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم التشاؤم من الزوجة.. على جمعة يجيب

حكم التشاؤم من الزوجة
حكم التشاؤم من الزوجة

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول صاحبه:" ابنتي تزوجت من زميل لها في العمل، ومنذ أن تزوجت منه وأهل زوجها يعتبرون أن قدمها شؤم عليهم بسبب ما أصابهم من نكبات وأمراض وخسائر وحوادث بعد زواجها منه، مع العلم بأن كثيرًا مما جرى لهم بعد زواجها منه كان يحدث لهم ما يشابهه قبل زواجها، ولكنهم مصرُّون على أن "وشها وحش عليهم"، حتى إن ابنته أصابها الضرر الشديد المعنوي والنفسي والمادي من جراء ترويج هذه المزاعم على سمعتها وكرامتها ونفسيتها، فما حكم الشرع فى التشاؤم من الزوجة؟" .

وأجاب الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، قائلًا: إن التشاؤم من الزوجة منهيٌّ عنه شرعًا؛ لأن الأمور تجري بأسبابها بقدرة الله تعالى، ولا تأثير للزوجة فيما ينال الإنسان من خير أو شر.

وأوضح " جمعة" في إجابته أن التطير والتشاؤم من عادات الجاهلية التي جاء الإسلام بهدمها والتحذير منها؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ»، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ»، متفق عليه.

واستشهد على أن التشاؤم ليس من الإسلام ولا من معتقدات المسلم الذى يفهم تعاليم دينه، بما روى عن قبيصة بن المخارق قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «الْعِيَافَةُ وَالطِّيَرَةُ وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ»، رواه أبو داود بإسناد حسن.

واستدل أيضًا بما ورد عن بريدة - رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ"، رواه أبو داود بسند صحيح.

وذكر ما رواه عروة بن عامر - رضي الله عنه- قال: ذُكِرَت الطِّيَرَةُ عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ لَا يَأْتِى بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ»، رواه أبو داود بسند صحيح.

ونوه عضو هيئة كبار العلماء، أنه إذا اعتقد المسلم شيئًا مما تشاءم منه موجب لما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله - سبحانه وتعالى- حيث أن التشاؤم  يعد سوء ظن بالمولى - عز وجل- ربما وقع به ذلك المكروه الذي اعتقده بعينه عقوبة له على اعتقاده الفاسد.

وأشار إلى أنه لا تنافي بين هذا وبين حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِى ثَلاَثٍ: فِى الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ» متفق عليه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم-  يشير في هذا الحديث ونحوه إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منه العداوة والفتنة، لا كما يفهم بعض الناس خطأً من التشاؤم بهذه الأشياء أو أن لها تأثيرًا.

واختتم" وذلك كما فسرته الرواية الأخرى عند الحاكم في المستدرك من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه-  أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «ثَلَاثٌ مِنَ السَّعَادَةِ، وَثَلَاثٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ، فَمِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ تَرَاهَا تُعْجِبُكَ، وَتَغِيبُ فَتَأْمَنُهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَمَالِكَ، وَالدَّابَّةُ تَكُونُ وَطِيَّةً فَتُلْحِقُكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُونُ وَاسِعَةً كَثِيرَةَ الْمَرَافِقِ، وَمِنَ الشَّقَاوَةِ: الْمَرْأَةُ تَرَاهَا فَتَسُوءُكَ، وَتَحْمِلُ لِسَانَهَا عَلَيْكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ تَأْمَنْهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَمَالِكَ، وَالدَّابَّةُ تَكُونُ قَطُوفًا، فَإِنْ ضَرَبْتَهَا أَتْعَبَتْكَ، وَإِنْ تَرْكَبْهَا لَمْ تُلْحِقْكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُونُ ضَيِّقَةً قَلِيلَةَ الْمَرَافِقِ».

التشاؤم كله مذموم والمؤمن ليس به هذه الصفة
قال الشيخ فيصل بن جميل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن من أمثلة المفاهيم المصححة ما جاء عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال (لاعَدْوَى وَلاطِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ) قوله ( لاعدوى ) على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وأن هذه الأمور تُعدي بطبعها وتنتقل بذاتها فجاء الشرع بإبطال هذا المعتقد وبين أن العدوى إذا انتقلت كان ذلك بقَدَر الله، لا بتأثير المرض ذاتِه.

وأضاف فى خطبته، أن التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم وهو مذموم كله لا يخرج من ذلك شيء والمؤمن شأنه أن يتفاءل لا أن يتشاءم تأسيا بالنبي صلى الله عليه .

واستشهد على ذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم- (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته لا يتم ركوعها ولاسجودها ولا خشوعها) فبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه حقيقة السرقة، بأن يصلي العبد ولكنه لا يطمئن في صلاته فيخلَّ بالركوع والسجود، ولا يحصلَ له الخشوع الذي هو روح الصلاة، فيخرجَ من صلاته وجوارحُه لم تتأثر.

وتابع أنه من الأمثلة كذلك قوله صلى الله عليه وسلم (أعجز الناس من عجز عن الدعاء) فإنه لا يترك دعاءَ الله ومسألتَه إلا أعجزُ الناس إذ لا مشقة فيه ولا كلفة وهو عبادة محبوبة لله تعالى إن هذا التقرير النبوي الجامع هو عكس ما يعتقده بعضُ الجهالِ المستكبرين، أن الدعاء هو سلاح الضعفاء أو حيلة العاجز والمهزوم أو أنه سلبية وضعف يلجأ إليها الكسالى الذين لا يبذلون وسعهم لبلوغ أمانيهم .

التشاؤم وتوقع الشر شرك بالله
قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن التشاؤم وتوقع الشر من الأمور غير المحمودة فى الإسلام، وأعدها النبي -صلى الله عليه وسلم- من أنواع الشرك.

واستشهد «الجندي»، خلال برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على فضائية «dmc»، ا باروي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (الطِّيَرَةُ شِرْكٌ) وما مِنَّا إلا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ». رواه أحمد ( 3687) والبخاري في الأدب( 909) وأبو داود (10/405 والترمذي (1614) وقال: حسن صحيح، ومعنى «التَطَيُّر» في اللغة: التشاؤم، وهو توقع حصول الشر.

وشدد على أن كل أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتصرفاته تدعونا إلى عدم التشاؤم، لأن المتشائم يضر نفسه بالإحباط، مستشهدًا بقول الله تعالى: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا» (سورة الإسراء: 13).

حكم التشاؤم من شهر صفر

التشاؤم من شهر صفر حرام شرعًا وهو من اعتقاد الجاهلية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ» رواه البخاري، فالعرب كانوا يتشاءمون في صفر فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. 

شهر صفر من الأشهر الهجرية، وهو الذي يلي شهر محرم، وترتيبه الشهر الثاني في التقويم الهجري، وشهر صفر ليس شهرًا منحوسًا كما يعتقد البعض، وليس من عقيدة المؤمن الذي يعلم أنَّ الحوادث بيد الله وأنَّ الأيام والشهور لا تدبير لها بل هي مدبرة مسخرة، ليس عن عقيدته أن يستاء من هذا الشهر، أو يتضجر، أو يمتنع من مزاولة أموره الشخصية، في شؤون حياته، بل هو كبقية الأشهر والأيام.