الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الانتحار ودراما خالد يوسف والسبكي الواقعية!!


أين المشكلة؟ هل نبحث فى أسباب الحادثتين؟ أم أن الموضوع بات مكررا ونحن نعلم يقينا أسبابه، ولا نريد أن نحرك ساكنا ؟

بداية لا يوجد مجتمع يخلو من الحوادث الفردية الشاذة، ولحظات الانفصام النفسى التى تصيب البعض منه بين الحين والآخر، ولكن تتحول تلك المشاكل لظواهر اجتماعية بطريقتين : أولا إذا زادت تلك الحوادث بنسبة كبيرة لتتحول لظاهرة، وذلك شيء نادر جدا، ثانيا عندما يتوجه الإعلام أو ما شابه ليقنعك بأنها فعلا ظاهرة، ويوجهك بشكل ناعم ألا ترفضها بل تضع لها المبررات، وهى ليست إلا حوادث فردية، وهنا تقع المشكلة الحقيقية .

تحت مسمي السبق الصحفى يعطى من يكتب لنفسه الحق فى فعل أى شيء والحصول علي الخبر بأى وسيلة ونشره دون الأخذ فى الاعتبار لأى نسق اجتماعى أو أخلاقى او دينى، رغم أن مهنة الصحافة والإعلام هى مهنة المثقف الفيلسوف صاحب الرأى !!

ولكننا الآن تحت وطأة أكبر بكثير من حادثة الانتحار وهى تحويل مبادئ مجتمعنا لنقول علي القاتل (لم يكن يدرى أنه سيقتل ) وعلي المنتحر( مسكين لا ندرى ما الذى دفعه لذلك) أى مسكين !! 

ولأن مهنة الصحافة لدينا أصبحت متاحة للجميع وكل من يمتلك صفحة للتواصل الإجتماعى أصبح يري فى نفسه صحفيا، كما أعطت المواقع الإخبارية صفة السيولة فى النشر لتلك المهنة، فإننا كأفراد فى المجتمع علينا واجب لابد أن نتحمله، علي كل منا الحديث بكثرة والشرح بدون ملل لأبنائنا ومن حولنا وأصدقائنا وطلابنا فى الجامعات والمدارس، علينا ألا نمل من تكرار الحديث عن التجارب الناجحة، عن التحدى والإصرار والمواجهة، عن مجابهة الظروف والإحساس بالظلم .

عن أن كل ألم نعيشه ينتهى بشكل ما، وكل ليل طويل تطلع بعده الشمس مرة أخري .

ولكن المسؤولية الأكبر و الغائبة فى الحقيقة هى مسؤولية القائمين علي وضع المناهج الدراسية وخاصة للصغار والمراهقين لأنهم لا يواكبون سرعة التكنولوجيا الحديثة للعبث بتفكير أبنائنا، لا يدركون حتي الآن خطورة مواقع التواصل علي تشكيل وجدان وترتيب أفكار أجيال كاملة، ومازالوا عند تناول المبادئ الإجتماعية والدينية بشكلها التقليدى .

لماذا لا يكون من ضمن المناهج الندوات التى تتناول تلك الحوادث لكى لا يكون أبناؤنا عرضه لتناول المعلومة الخطأ، وأين الرحلات التعليمية والإستفادة من دخول أجهزة العرض الحديثة فى المدارس والإستفادة من معلمى الإعلام التربوى بشكل حقيقى فى عرض أفلام توعيه لجميع المسميات الحديثة لظواهر مرفوضة ( المثليين ) مثلا وتلك ظاهرة يري الكثير من أولادنا عنها أفلام وأغان أجنبية نتيجة التعليم الدولى الذى اجتاحنا، ولو لم نجابهها بنفس السرعة ستغلب جيلا لدينا لكونها غريبه وهو يبحث عن كل غريب، (أنا لا دينى ) تلك كلمة كبيرة جدا ولكن هل تعلمون أنه أصبح من شبابنا من يجاهر بها ويدافع عنها بكل وقاحة، تحت مسمي الحرية الشخصية، هل يعلم المسؤولون عن التعليم والإعلام أنها تنتشر بين المراهقين الآن ولا أحد منتبه لمجابهتها، أزيدك من الشعر بيتا فالدراما والفنانون والمخرجون الذين لا يعرفون عن الفن سوي عروض الأزياء علي السجاد الأحمر هم من أعطوا صورة ذهنية لمراهقينا وشبابنا ان كل شيء مباح، وأنك لتصبح من الطبقة العليا لابد أن يحتوى بيتك (بار) ومن المتطلبات الإجتماعيه أن تشرب الخمر، أو المخدرات، أو تصنع علاقة مع صديقتك بدون زواج( خليك كوول) من أجل أن تظهر أمام المجتمع أنك (شاب شيك ) عالم اللامبادئ تحت شعار حرية الفن .

ناهيك عن اختلاف ثقافات الأفراد والأهالى فمنهم من يستطيع إعادة توجيه أبنائه، ولكن منهم أيضا فى الطبقات الغنية من هو غير مكترث ويري أن ابنه لا بد أن يجرب كل شيء، ومن تخطي أسلوب كلام أبنائه أسلوبه فهو لا يستطيع مجاراتهم نتيجة توقف ثقافته، بينما فى الطبقات الفقيرة فحدث ولا حرج حيث آباء غير متعلمين، أو مشغولين لتوفير المعيشة، بينما باقة الإنترنت تعبث بتفكير أبنائهم دون أى انتباه .

لذلك قد وقعت المسؤولية علي واضعى المناهج، علي وزارة الثقافة التى لا تهتم بنشر أى ثقافة، علي الإعلام الذى لا يشعر بأى مسؤولية اجتماعية، باختصار تقع المسؤولية علي إدارة الدولة إن كنا نريد خلق جيل ناضج ومجتمع أفضل يحارب التطرف فكريا، ويصبح واعيا صاحب إرادة، لا نقلق عليه من اجتياح ثقافات غريبة، ذلك هو التحدى الأكبر و الأهم .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط