الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قارون .. ملياردير الفراعنة!


أغلب الناس يعتبرون أن المال غاية وليس وسيلة، ويقيسون نجاح الإنسان بقدرته على جمع المال، ويعتبرون أن الغني لو سكن أفخم القصور، وارتدى أغلى الملابس والمجوهرات، وامتلك أحدث السيارات، فهذا من إظهار نعمة الله عليه والتحدث بها، مستشهدين بقوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الضحى 11.

فهل هذا معنى الآية؟، وهل للغني الحق بصرف ماله كما يريد؟، قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف 31، والآية تأمر بالتزين وبالأكل والشرب بدون إسراف.

وبالتالي فعلى من يملك المال صرفه بالحق: (فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الزمر 50-49، وإذا لم يصرفه بالحق فسيكون فتنة لصاحبه في الدنيا، وعذاب له يوم القيامة.

ومثال لذلك قارون، وهو رمز للغنى الفاحش باعتباره ملياردير الفراعنة: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) القصص 76، فالآيات من 76 إلى 83 من سورة القصص، تصف قارون بأنه يملك أموالًا طائلة، ويتفاخر بذلك مغرورًا، وكان عليه بدلًا من التفاخر أن ينفق من ماله في الخير.

ويعلن قارون عن منطقه المالي: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) القصص 78، وهو منطق أغلب الأغنياء، أن المال ماله وهو حر في التصرف فيه كما يريد، ويخرج قارون على الناس متكبرًا بزينته وبأمواله، ويتمنى الناس لو كان لديهم مثله، لكن المؤمنين يعلمون أن الجنة لن يدخلها من يتكبر في الأرض وينشر الفساد.

فالمؤمن لا ينسى أن ينفق من ماله في الخير بالرغم من حب النفس للمال: (.. وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ..) البقرة 177، ويتذكر أن المال لا يجب جمعه وصرفه حسب الهوى.

أما قوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)، فإن سورة الضحى تؤكد للنبي عليه الصلاة والسلام أن الله يؤيده بما أنعم عليه بالكثير من النعم، ولذلك عليه أن يحدث بها شكرًا لله، ولا تعني الآية إظهار النعمة تفاخرًا بها، وبالتالي فالاستشهاد بالآية على صرف المال كما نريد لأنه ملكنا هو استشهاد غير صحيح.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط