الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبير يكشف بالأدلة: موقع مدين موسى ما بين شرم الشيخ ودهب

صدى البلد

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بأنه لم يتم تحديد موقع مدين المذكورة فى القرآن الكريم مرتبطة ببئر نبى الله موسى.

وذكر فى التفاسير بشكل عام بأنها تقع شمال غرب الحجاز دون تحديد موقع بعينه ، وذكرت فى التوراة أنه تقع فى النقب، وذكرت فى القرآن الكريم حين مخاطبة أهل مدين }وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيد{ ،وقوم لوط فى موقع الأردن حاليًا وأقرب موقع للأردن هى سيناء من شرم الشيخ إلى طابا بامتداد خليج العقبة.

وقال إن التوصيف الذى ذكره كل المؤرخين لتفسير الأيكة ينطبق على أشجار المانجروف وهى أحد أجناس الأيكات الساحلية، ويُقال بأن كلمة مانجروف وصف لهذه الأشجار التي تنمو في البيئة الشاطئية المالحة، والمانجروف شجرة صغيرة نسبيا، حيث يتراوح ارتفاعها من 1 إلى 3  أمتار وأوراقها ذات لون أخضر فاتح من أعلى ولون رمادي باهت من أسفل.

أمّا الأزهار فهي صفراء اللون وتنمو أشجار المانجروف في المياه المالحة ولديها آلية خاصة لتحلية مياه البحر حيث تقوم جذور المانجروف بامتصاص الماء المالح من البحر ثم تتخلص من الملح الذى يظهر فى شكل حبيبات أو بللورات صغيرة على أوراق النبات ويتوافر شجر المانجروف بالمنطقة بين شرم الشيخ ودهب حيث يتواجد برأس محمد وهناك محمية نبق بين دهب وشرم الشيخ التى تتميز بشجر المانجروف.

وقال ريحان إن طبيعة البئر الذى قابل عنده نبى الله موسى بنات العبد الصالح شعيب وتزوج من إحداهما هى بئر لسقى الدواب بنص القرآن "يسقون" ولا يشربون أى يسقون الدواب وأن البئر الموجود داخل دير سانت كاترين ويطلق عليه بئر موسى فهى تسمية خاطئة لأن مياهه عذبة وصالحة للآدميين، أما بئر نبى الله موسى فهو صالح للحيوانات فقط وهناك آبار كثيرة فى سيناء حتى الآن منها آبار صالحة للآدميين وآبار للحيوانات فقط تستسيغها الحيوانات وهى غير ضارة.

وقد وصف أحد الرحالة الذين زاروا سيناء عام 1837 منطقة شرم البير بشرم الشيخ بأن بها آبارًا محمية بمظلات خفيفة وبها مياه غير صالحة للشرب ولكن الجمال تأتى لتشرب منها ووجد فتاة آتية لترعى غنمها فاستحضر قصة نبى الله موسى وبئر مدين وربط بين الماضى والحاضر وأورد ما ذكرته التوراة عن هذه القصة بعد أن رأى أن هذه المنطقة مرعى خصب وتوجد به آبار كافية لسقى الأغنام وآبار للمياه العذبة أيضًا.

وقد قام ريحان بأعمال حفائر فى دهب عام 1989 بمنطقة يطلق عليها تل المشربة وسأل أهل المنطقة عن سبب هذه التسمية،قالوا له أن الجمال كانت تأتى عند هذه المنطقة وتشرب من مياه قرب خليج العقبة المالح واكتشفوا وجود آبار مياه صالحة لشرب الدواب قرب شاطئ البحر ومن هنا بدأ يفكر ويبحث فى ماهية وجود مدين نبى الله موسى ما بين شرم الشيخ ودهب وليس البئر المعروف بهذا الإسم داخل دير سانت كاترين.

وتابع : نبى الله موسى عاش بمدين عشر سنوات ثم عاد إلى مصر ليبقى عدة سنين حتى خرج الخروج الثانى مع بنى إسرائيل وأراد سبحانه وتعالى أن يدربه على معالم الطريق فى سيناء فى الخروج الأول، لذلك فمن المستحيل أن تكون مدين الذى عاش بها نبى الله موسى بالشام لأن كل القصة لم تخرج عن حدود سيناء، وسار بنى إسرائيل ونبى الله موسى فى خروجهم عبر سيناء وجهتهم الأرض المقدسة فى طريق منتظم معروف من عيون موسى إلى سرابيت الخادم إلى مكان عبادة العجل (طور سيناء الحالية) .

وعبروا الوادى الشهير حتى الآن وهو وادى حبران من الطور إلى موقع الجبل المقدس الذى تلقى عنده ألواح الشريعة ثم سار إلى الأرض المقدسة، وبعد رفضهم دخولها قدّر الله عليهم التيه أربعون سنة إضافية فى سيناء حتى مات كل الجيل ومات نبى الله موسى ونبى الله هارون بسيناء ولم يدخلا الأرض المقدسة حتى تم دخولها على يد فتى نبى الله موسى يوشع بن نون.

وواصل ريحان أدلته مؤكدًا أن نبى الله موسى حين وصوله إلى مدين تحدث مع بنات العبد الصالح شعيب كما فى الآية الكريمة }وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ{ .

ومعنى هذا أنهم كانوا يتحدثون بلغة يفهمها ويعرفها نبى الله موسى والذى كان يعرف لغة أهله وبيئته، ويعرف المصرية القديمة الذى يتحدث بها كل أهل مصر لأنه تربى فى بلاط فرعون، ولأن نبى الله موسى لم يكن يعرف أهل مدين قبل ذلك وقد تعرف عليهم حين قابل بنات العبد الصالح شعيب، وبالتالى فهم ليسوا من العبرانيين، وهم بذلك فى منطقة داخل حدود دولة مصر القديمة يتحدثون بلغتها لكنها بعيدة عن السلطة المركزية والأنشطة الرئيسية للدولة.

وبالتالى فقد تيسّر استضافتهم لنبى الله موسى مدة العشر سنوات الذى قضاها هناك دون تهديد،منوها إلى اتضاح ذلك حين قال العبد الصالح شعيب لنبى الله موسى نجوت من القوم الظالمين ،وهذا حقيقى لأن هذا المنطقة كانت بعيدة تمامًا عن سيطرة المصريين القدماء ولم تكتشف بها أى آثار مصرية قديمة .

وقال أن الآثار المصرية القديمة بجنوب سيناء تركزت فى طريق التعدين القديم من القلزم (السويس) حتى معبد سرابيت الخادم والمنطقة حوله، أمَا الشام وفلسطين فكانت مغرمًا لحملات المصريين القدماء المستمرة وكانوا يحتلون هذه البلاد من وقت لآخر، وهناك آثار مصرية قديمة مكتشفة فى منطقة تمنة بالنقب بفلسطين، ولو ذهب نبى الله موسى إلى هذه المنطقة التى حددها المفسرون لموقع مدين فإنه سيكون غير آمن على نفسه وأهله.

وقد عاش فيها مدة ليست بالقليلة ما بين ثمان إلى عشر سنوات، كما أن موقع مدين يجب أن يكون قريبًا وفى نفس اتجاه موقع شجرة العليقة المقدسة إلى مصر الموجودة حاليًا داخل دير سانت كاترين لأنه عاد إلى مصر بعد قضاء المدة بمدين متجهًا من الجنوب إلى الشمال الغربى ليدخل بعدها وادى النيل عن طريق الصحراء الشرقية.