الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لم يختلف عليه حتى الأعداء.. كيف ودع قادة العالم السلطان الحكيم قابوس ؟

السلطان قابوس بن
السلطان قابوس بن سعيد

أشاد زعماء العالم بسلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد آل سعيد، الحاكم العربي الأطول خدمة لوطنه، والذي وافته المنية عن عمر يناهز 79 عامًا، الجمعة الماضي

وصل رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون، وأمير ويلز، اليوم الأحد، إلى مسقط لحضور حفل تعزية حيث تحتفل البلاد بثلاثة أيام من الحداد.

ونظرًا لكون السلطان الراحل يتمتع بشعبية واسعة، فقد وضع «قابوس» سلطنة عمان على طريق التنمية بعد وصوله إلى السلطة خلفا لوالده عام 1970.

السلطان الحالي هو من اختاره قابوس في وصية سرية لم يفض خاتمها إلا في اليوم التالي لوفاته وهو أكثر المقربين منه وممثله الشخصي ابن عمه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور بن فيصل آل سعيد والذي أدى اليمين الدستورية خلفًا له.

لم يكن لدى قابوس وريث أو خليفة معين ليرث سلطانه، فما كان أمام مجلس الأسرة إلا ثلاثة أيام لاختيار الخليفة، ولكن في تحول سريع وسلس واضح، اختاروا فتح المغلف السري المختوم الذي تركه السلطان الراحل ويحتوي على اسم المرشح لخلافته والذي وقع اختيار قابوس عليه سرا.

وفي اليوم التالي لوفاة السلطان قابوس، تجمع حشود في مسجده الكبير في العاصمة مسقط، أمس السبت، قبل أن يوارى الثرى جسده في المقبرة السلطانية والتي تضم أفراد الأسرة الحاكمة.

وفاة السلطان قابوس لم يتم تأكيد سببها عند إعلان البلاط السلطاني في عمان وداعه، ولكن تقارير وسائل الإعلام العالمية تشير إلى أنه كان يعاني من سرطان القولون، منذ عام 2014 وكان يتلقى العلاج منه في اوروبا. 

قابوس، السلطان الحكيم، تمتعت دولته بالاستقرار والامن في عهده طوال الـ 50 عاما، إذ كانت سلطنة عمان من اكثر الدول توازنا في علاقاتها الخارجية، إذ اختار السلطان الراحل سياسة عدم الانحياز والوقوف من جميع الدول على مسافة متساوية تحكمها علاقة الحياد، وهو الأمر الذي انعكس اليوم، في مسقط في مشهد وداع وعزاء تسارع زعماء المنطقة على تقديمه لأسرة السلطان الفقيد 

أمراء وقادة الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وكذلك ملك البحرين والرئيس التونسي من بين الزعماء الذين سافروا إلى مسقط لحضور حفل وداع السلطان قابوس في قصر العلم، ومن المتوقع ايضا حضور رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الذي يقوم بجولة في المنطقة.

بوريس جونسون، والذي قال إن قابوس ترك «إرثًا عميقًا ليس فقط في سلطنة عمان، ولكن في جميع أنحاء المنطقة»، يجتمع أيضًا مع السلطان الجديد هيثم بن طارق في مسقط، وفقًا لما ذكره «داونينج ستريت» اليوم.

وقالت ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، عن السلطان قابوس، ناعية إياه بكلمات تفيض بالحزن والتقدير، قائلة في رسالة نشرها القصر الملكي، وتداولتها وسائل الإعلام البريطانية:«لقد شعرت بحزن عميق بعدما علمت بوفاة جلالة السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد»

وأضافت إليزا بيث الثانية: «لقد كان مخلصًا لسلطنة عمان وشعبها، وهو بفضل حرصه على إرساء دعائم التنمية، ورعاية الشعب العماني أصبح مصدر إلهام للجميع، سوف نتذكره بكل صفاته، وحكمته، والتزامه بالسلام والتواصل بين الأمم، وبين الأديان».

وعبرت عن قوة العلاقة بين سلطنة عمان والمملكة المتحدة، وعلى وجه التحديد بين الملكة إليزابيث والسلطان الراحل، بقولها: «لقد كان صديقًا رائعًا لعائلتي وللمملكة المتحدة، ونحن من جانبنا ممتنون لكل ما قام به من أجل تقوية روابط الصداقة بين عُمان وبريطانيا، سوف تبقى زيارتي الرسمية لسلطنة عمان عام 2010 من بين الذكريات العزيزة بالنسبة إليّ».

وفي ختام رسالتها، اعربت الملكة إليزابيث الثانية عن حرصها القوي على استمرار وتطوير العلاقات البريطانية - العمانية، قائلة «أتمنى أن يستمر ويتواصل هذا التاريخ الطويل من الصداقة المخلصة بين دولتينا».

وأشاد قادة ووزراء دول العالم الأجانب الآخرون بـ قابوس، ممن شهدوا بحياد بلاده في مواجهة الاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك:

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إن «قابوس كان شريكًا وصديقًا حقيقيًا للولايات المتحدة، وسلطنة عمان أظهرت جهودًا غير مسبوقة للدخول في حوار وتحقيق السلام في المنطقة أهمية الاستماع إلى جميع وجهات النظر»

ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصف السلطان قابوس بأنه «قائد عظيم عمل بلا كلل لتعزيز السلام والاستقرار في منطقتنا»

ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي سافر أيضًا إلى مسقط، لتقديم العزاء بأن فراق السلطان قابوس «خسارة للمنطقة»

في حين قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن عُمان فقدت «رجل ذا روح وثقافة ... يرتبط ارتباطًا عميقًا بجذوره العمانية ومنفتح على العالم»

كما امتدح الاتحاد الأوروبي السلطان قابوس وموقفه الفريد من نوعه، في حين قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس إن الراحل ظل طيلة حياته «ملتزم بنشر رسائل السلام والتفاهم والتعايش».

من كان قابوس؟
على مدار خمسة عقود تقريبًا، سيطر السلطان قابوس بالكامل على الحياة السياسية في عُمان، والتي تضم 4.6 مليون نسمة، منهم حوالي 43٪ من المغتربين

وفي سن التاسعة والعشرين، بدعم بريطاني، خلف قابوس والده، سعيد بن تيمور، وكان سلطانا مطلقًا قاد ثورة تنمية في عمان ونقلها إلى مصاف الدول الغنية، منتهجا طريقًا محايدًا في الشؤون الخارجية 

ومن أهم مساهمات السلطان الراحل قابوس بن سعيد أنه ذا إسهام واضح في الملف الذي يثير خلافا خطيرا جدا اليوم في الشرق الأوسط فقد كان قادرا على تسهيل المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران في عام 2013 والتي أدت إلى اتفاق نووي تاريخي بعد عامين

عهد جديد بدأ يوم السبت بأداء السلطان هيثم بن طارق حكم سلطنة عمان، والذي تعهد في خطاب متلفز بعد أداء اليمين الدستورية، بمواصلة سياسات سلفه في العلاقات الودية مع جميع الدول مع مواصلة تطوير البلاد.

السلطان هو صاحب القرار الأول والأهم في عمان، كما يشغل مناصب رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير المالية وزير الخارجية.