الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. مجدي بدران يكتب: الشتاء بريء من المضادات الحيوية

صدى البلد

أظهرت دراسة مسحية أجريت فى 12 بلدا (بربادوس، الصين، مصر، الهند، إندونيسيا، المكسيك، نيجيريا، روسيا، صربيا، جنوب أفريقيا، السودان وفيتنام)، على 10 آلاف شخص، أنهم لا يعلمون على وجه التحديد كيف تؤثر عليهم هذه القضية، وما يمكنهم القيام به للتصدي لهذه المشكلة.

ويعتقد 64% ممن شملهم المسح أن المضادات الحيوية قد تستخدم في علاج نزلات البرد والإنفلونزا على الرغم من أنها لا تؤثر على الفيروسات، ويعتقد 32% أنه يتعين عليهم التوقف عن تناول المضادات الحيوية عندما يشعرون بتحسن بدلا من استكمال العلاج.

تنتشر حاليا في العالم كله العدوى بفيروسات البرد والإنفلونزا، وبالتالي استخدام المضادات الحيوية في علاجها مضيعة للوقت، فالمضادات الحيوية لا تعمل ضد الفيروسات.

بدأ العالم فى معرفة المضادات الحيوية منذ سنة 1928، واستخدمت فى أوائل الخمسينات فى علاج الالتهابات الناشئة عن البكتيريا الضارة، وأدى ذلك إلى ثورة فى الطب، وأصبحت الأمراض البكتيرية الفتاكة قابلة للعلاج والشفاء لأول مرة فى تاريخ البشرية.

لكن سرعان ما عرفنا أن المضاد الحيوى يقتل بلا رحمة، وبلا تمييز، فهو يقتل البكتيريا الضارة، ولكنه فى الوقت نفسه يقتل الملايين من البكتيريا النافعة للإنسان التى خلقها الله لحمايتنا من البكتيريا الضارة، وبالتالى يصبح الإنسان بعد تناول المضاد الحيوى محرومًا من البكتيريا النافعة التى ترفع المناعة وتقلل من الحساسية.

ظهرت البكتيريا الفائقة (السوبر) القوية بسبب الإكثار والعشوائية في وصف المضادات الحيوية للناس والحيوانات مما سبب نشأة مناعة تدريجية لدى البكتيريا، وأصبحت قادرة على التغلب على تأثيرات المضادات الحيوية المتوفرة.

وجد حديثًا أنه حتى الإنسان الذى يعيش مع أفراد آخرين يتناولون المضادات الحيوية باستمرار يجعل منهم أيضًا حاملين لهذا النوع من البكتيريا العاصية، وهذا موجود فى أطقم التمريض فى المستشفيات الكبرى، والأغرب من ذلك أن المزارعين الذين يستخدمون المضادات الحيوية فى تربية الحيوانات هم أيضًا يجملون العديد من البكتيريا العاصية.

تحدث مقاومة مضادات الميكروبات عندما تطرأ على الكائنات المجهرية طفرات جينية تؤدي إلى إيقاف عمل الأدوية المضادة للميكروبات، وبمرور الأيام نشأت مجموعة من الجراثيم الخارقة المستأسدة التى تقاوم معظم المضادات، مما يعنى أن المجال يصبح مفتوحا على مصراعيه للعدوى التى تهدد بحدوث أوبئة عضال قد تودي بحياة المصابين بالجراثيم الخارقة، وزيادة فى تكاليف العلاج.

تزايد خطر مقاومة مضادات الميكروبات يعنى إطالة فترات الأمراض المعدية، وزيادة معدلات الإعاقات والوفيات نتيجة العدوى، وزيادة مضاعفات العمليات الجراحية وعمليات زرع الأعضاء.

كل عام، في الولايات المتحدة وحدها، تسبب البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أكثر من مليوني مرض وحوالي 23000 حالة وفاة.

حذرت منظمة الصحة العالمية من ازدياد السلالات البكتيرية ذات المناعة ضد المضادات الحيوية. نشأ ذلك من الاستخدام العشوائى للمضادات الحيوية بواسطة المرضى والصيادلة والأطباء حتى أصبح 60% من العدوى داخل المستشفيات نتيجة لهذه البكتيريا الخارقة التى ربما تقاوم ثلاثين نوعًا مختلفًا من أقوى المضادات الحيوية. أدت المضادات الحيوية إلى نشأة سلالات جديدة عديدة أصبحت تعيش داخل الإنسان الذى جعلت منه حاملًا لها.

وصلت نسبة مقاومة فيروسات الإيدز إلى 20% للعلاج. ارتفاع نسب مقاومة مضادات الميكروبات مشكلة خطيرة لها آثار اقتصادية، لأن العلاج بأدوية الخط الثاني وأدوية الخط الثالث هو أكثر تكلفة من العلاج بأدوية الخط الأول بثلاثة أضعاف و18 ضعفا على التوالي.

عندما لا يمكن معالجة العدوى بالمضادات الحيوية من الخط الأول، يجب استخدام أدوية أكثر تكلفة، وتزداد مدة المرض والعلاج في المستشفيات غالبا، وترتفع تكاليف الرعاية الصحية.

عالميًا، تستخدم المضادات الحيوية بغزارة فى مزارع الأسماك والحيوانات، وهناك حوالى ستة مجموعات من المضادات الحيوية تستخدم بغزارة لمحاربة العدوى البكتيريا الضارة، مع أن المضادات الحيوية تستخدم بجرعات خفيفة لكنها جعلت الأسماك أكثر وزنًا.

هناك ثمة مؤشرات قوية على أن تناول أو ملامسة لحوم الدواجن، التي تمت تربيتها بطريقة تغذيتها بالمضادات الحيوية، يحمل مخاطر صحية على الإنسان، ومن أهم المخاطر الإصابة بأنواع البكتيريا المقاومة لمفعول وتأثير المضادات الحيوية العلاجية المعتادة.

مقاومة المضادات الحيوية تضع إنجازات الطب الحديثة في خطر، مما يهدد عمليات زراعة الأعضاء، والعمليات الجراحية تصبح أكثر خطورة بدون مضادات حيوية فعالة للوقاية والعلاج من العدوى.

ينبغي ألا تستعمل المضادات الحيوية لعلاج الالتهابات التي تسببها البكتيريا إلا في حالة وصفها من جانب طبيب ماهر، وينبغي أن تستكمل دورة العلاج بها كاملة، وألا يحتفظ بها لاستعمالها مستقبلا بواسطة المرضى بدون مشورة طبية.