الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأمة الديمقراطية كحل أمثل لأزمة المنطقة


ما زالت الأزمة التي تعاني منها شعوب المطقة مستمرة وآكلةً مما تبقى من حالة الصبر الذي بدأ بالنفاذ والوصول إلى أدنى مستوى له، نتيجة الفوضى التي ضربت الحالة الفكرية والإدراكية للمثقفين والمفكرين والسياسيين، بالإضافة للنظم الحاكمة التي تعيش مركز الأزمة بكل تجلياتها وتداعياتها وإن كانت هي السبب الأساسي فيما يحصل وسيحصل وكذلك الحل إن هي غيرت من نمطها ومقاربتها لحالة العقم الفكرية التي أصابتها.



معضلة المفاهيم والمصطلحات التي حفظناها عن ظهر قلب في القرن العشرين، لم تعد لها أية قيمة في المعنى والمفهوم والمقصد. الإصرار على السابق وعدم الاعتراف بأن هذا السابق هو أساس الأزمة التي نعانيها الآن ربما يمكن اعتباره إلحاحًا على تعويم نفس الذهنية والعقلية الاستبدادية وإطالة عمر الأزمة وتأجيلها ولو بعد حين.



الاعتراف والإقرار بوجود قضايا مؤجلة لم يتم حلها تعتبر بداية المسير في طريق إعادة بناء المجتمع وكذلك رسم الأطر الكفيلة لتحديد المستقبل المنشود من قبل الجميع. وبعد ذلك تأتي الخطوة الثانية وهي البدء بالخطوات العملية لحل تلك القضايا والمعضلات بدءً من المفاهيم والمصطلحات وكذلك الآليات والوسائل وانتهاءً بشكل تنظيم المجتمع لنفسه من جديد. الاكتفاء فقط باعتراف بوجود أزمة وبعد ذلك الاستمرار بنفس التقربات والعقلية وعدم البدء بالحلول ما هو إلا مواقف ديماغوجية وانتهازية تزيد من حالة الاحتقان المجتمعي والتنافر مع النظم الحاكمة والمتسلطة على مقدرات الدولة وآلياتها.



مفاهيم من قبيل الدولة والمجتمع يلزمها مقاربات جديدة تعطي تعريفات مغايرة لما كان مسلمًا به خلال الفترات السابقة، وكذلك ثمة تعريفات كثيرة ينبغي مراجعتها من جديد وربطها فلسفيًا بالانسان الذي هو غاية الحياة وهدفها. بناء الجيوش وتسليحها فقط من أجل الحفاظ على الزعيم والرئيس وهيكلية الدولة التي هي بيد فئة من الشخوص المتمسكة بزمام الأمور واقصاء المجتمع بكل موجوداته، هو لبّ العلة التي نعانيها حتى الآن..



التعصب بالقومية والتطرف بالدين لن يكون الحل للقضايا والأزمات المنتشرة في المنطقة، بل يمكن اعتبار هذه التقربات هي أس المشكلة المتراكمة خلال المرحلة السابقة. لأن المنطقة التي نعيش فيها بقدر ما هي غنية بشعوبها وثقافاتها ومكوناتها، هي غنية بمقارباتها للحلول بنفس الوقت لأي مشكلة تعتريها. الخروج من هكذا مواقف عبر اجراء ثورة ذهنية بكل معنى الكلمة يعتبر الشيفرة لتجاوز الصعوبات التي نعيشها. الثورة الذهنية أشدّ ما نحن بحاجة إليه في هذه المرحلة. لأن ما كنا نعتقده حقيقة منذ عقود خلت أصبح الآن مجرد سراب ليس له أي أساس من الصحة، وما كنا نؤمن به مسبقًا أثبت فشله الآن على أنه يمكن العيش من دون هذه المصطلحات المقدسة التي كنا أسرى لها؟؟؟



تجاوز تلك المصطلحات الضيقة والمفاهيم والتعريفات أيضًا والبحث من خلال إجراء الدراسات والتحليلات المجتمعية لإيجاد مفاهيم جديدة يعتبر من المهام الأساسية لنا للخروج من عنق الزجاجة التي أدخلنا أنفسنا فيها وإن كان عن حسن نية.



الأمة الديمقراطية ربما تعتبر المدخل البديل لإجراء البحوث والدراسات على أنه المصطلح المناسب والمفهوم الأمثل لحل معظم القضايا التي ما زالت معشعشة في وعينا وإدراكنا. الأمة الديمقراطية هي الحالة النظرية لحياة جديدة يمكن البناء عليها لتشكيل مجتمع جديد على أساس أخوة الشعوب والتعايش السلمي بين كافة شعوب المنطقة، بعيدًا عن التقربات القوموية الضيقة وكذلك المواقف الدينية المتطرفة. الأمة الديمقراطية التي بمقدورها أن تحتضن
كافة القوميات من عرب وكرد وآشور وتركمان وسريان وأرمن وأمازيغ وبربر وكل القوميات والشعوب الأخرى، يمكن أن تعيش نفسها وتُدير ذاتها عبر آليات خاصة بها تتواءم بخصوصياتها وثقافاتها المحلية والتي تصب في النهاية في خدمة الكل الجامع لهذه الأجزاء في بوتقة الوطن والانتماء الوطني.



ربما ما طرحه المفكر عبد الله أوجلان من فلسفة حياتية جديدة هي من حقيقة المنطقة التي نعيشها، ستكون العنوان الرئيس لمعظم القضايا المجتمعية والسياسية التي نعيشها وتعترض طريق تطورنا وتقدمنافلا المشروع التركي العثماني سيكون هو الحل لمشاكل المنطقة بسبب ما عانته شعوب المنطقة من جراء الاحتلال العثماني للمنطقة خلال ستة قرون من القتل والتهجير والدمار والجهل، ولا المشروع الايراني الفارسي سيكون الحل أيضًا. وبنفس الوقت أيضا المشروع الغربي لن يكون هو الحل لأنه يعتمد على مصالح القوى الغربية على حساب شعوب
المنطقة.



لذا، من الممكن أن يكون مشروع السيد أوجلان الذي طرح كونفدرالية الشرق الأوسط الديمقراطي، هو البديل
الذي مكن تجربته واعتماده لإيقاف المجازر والحروب والقتل والدمار الذي يتم تحت مسميات عدة من قبل الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط