الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المعز والنابلسى.. فهل من معتبر؟





 اختلفت أراء المؤرخين القدماء في الدولة
الفاطمية التي احتلت مصر سنة 969، ومكثت بها اثنتين ومائتى سنة، كانت -مع ما
أوجدوه من المساجد الكبرى التي تخلد ذكرهم بمصرنا المباركة وغيرها- شوكة في خاصرة
الأمة الإسلامية، ووبالا على أجدادنا المصريين القدماء، عامتهم وعلمائهم، لكن مع
هذا الغبن والقهر الذى عاشوه، كانت النهاية الطبيعية لأهل المذهب الرافضى العبيدى
الشيعى الذى انطلق سهمه من إفريقية -تونس موطن حكمهم آنذاك-، بزواله على يد القائد
الفذ المجاهد السنى صلاح الدين الأيوبى، الذى استأصل شأفتهم من مصرنا الحبيبة،
محلا ومسترجعا مذهبها السنى الذى أراد الرافضون الفاطميون تمكين مذهبهم الشيعي
بدلا منه، لكن هيهات هيهات، ومصرنا العزيزة محفوظة من الله، بنص قوله سبحانه:
"ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".



ورغم
تباين آراء المؤرخين في هذه الدولة التي حكمت مصرنا قرنين من الزمان، إلا أن
الشواهد التاريخية التي قام بها أمراؤها، تدل دلالة قاطعة على هذا القهر الذى عاشه
أجدادنا المصريون، ولا أدل على هذا من هذه الواقعة التاريخية التي وجدتها
"كبوست" على أحد الصفحات بالفيس، فأعدت نشرها على صفحاتى بالفيس بعد
التأكد من صحتها، وتأريخها من قبل مؤرخين وعلماء ثقات قدامى، نثق فيهم وفى علمهم،
وما قدمته أيديهم الوضاءة للأمة من علم ينتفع به الى يوم الدين، ومنهم الإمام شمس
الدين الذهبي في مؤلفاته "تاريخ الإسلام"، و"العبر في خبر من غبر"،
و"سير أعلام النبلاء"، وابن العماد الحنبلي في مؤلفه "شذرات الذهب
في أخبار من ذهب"، والإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في مؤلفه "المنتظم
في التاريخ"، والإمام عز الدين ابن الأثير في مؤلفه "الكامل في التاريخ"،
الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية".



يقول
البوست: "احتل الشيعة مصر 202 سنة تحت اسم الدولة الفاطمية وكانت القاهرة
عاصمة لهم ومحرمة علي المصريين لذا نجد ان المثل الشهير "خليك ماشي جنب
الحيط" كان يقال ايام الدولة العبيدية والحائط المقصود هو حائط القاهرة، ولكن
لماذا نتغني ونفتخر بترديد كلمة قاهرة المعز وشارع المعز لدين الله الفاطمي، وهذا
المعز كان شيعيًا رافضيا زنديقا بإجماع أهل العلم و المؤرخين.



ومن
أبشع المواقف التي ارتكبها المعز لدين الشيطان هو قتله لإمام أهل السنة أبو بكر
النابلسي - رحمه الله - عندما قال "لو معي عشرة أسهم لرميت الشيعة بتسعة
والروم بواحد"، فأمر به ذلك الشيطان فأحضروه فقال للنابلسي اقلت هذا؟، فقال
الامام النابلسي لا والله فقد قلت غير ذلك فقال المعز الشيطان: ماذا قلت؟ فقال
النابلسي "قلت: لو ان معي عشرة أسهم لرميت الشيعة بتسعة ورميت العاشر فيكم
ايضًا، لأنكم غيرتم الدين وقتلتم الصالحين."



فأمر
المعز بإشهاره في أول يوم، ثم ضُرب في اليوم الثاني بالسياط ضربا شديدا مبرحا، وفي
اليوم الثالث، أمر جزارا يهوديًا بعد رفض الجزارين المسلمين بسلخه، فسُلخ من مفرق
رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العضد، فرحمه السلاخ وأخذته
رقة عليه، فوكز السكين في موضع القلب، فقضى عليه، وحشا جلده تبنًا وصلبه في
الشارع.



كانت
حوائط وجوامع القاهرة مليئة بالسباب لأمهات المؤمنين والصحابة، وكثرت الامثال
الشعبية عن الاستهزاء بالصحابة - رضي الله عنهم - وظل الأمر كذلك إلى أن سخر الله
صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - فقطع دابر الدولة الفاطمية الشيعية وطرد
الفاطميين من مصر، ونشر فيها السنة النبوية مرة أخرى، فجزاه الله خيرا عن مصر وأهلها.



فبعد
هذا كله، هل نردد ونقول: قاهرة المعز وشارع المعز، ونفتخر بذلك؟ بل
هي قاهرة صلاح الدين الأيوبي وقاهرة قطز وقاهرة بيبرس وقاهرة قلاوون.. طابوا
وطابت فعالهم، هذا تاريخنا الذي لا ندرسه ولا نعرف عنه شيئا كأنه سر حربى وتبقى
الأسباب مجهولة! فهل من معتبر؟"



والإمام
أبو بكر النابلسي المتوفى سنة 367هـ -رحمه الله- لمن لا يعرفه هو محمد بن أحمد بن
سهل بن نصر أبو بكر الرملي الشهيد المعروف بابن النابلسي، من أئمة السنة والجماعة،
عاش ومات زاهدا، عابدا، صالحا، صائم للدهر، صداعا بالحق، كبير الصولة عند الخاصة والعامة،
إماما في الحديث والفقه، فكان من المحدثين الكبار، إذ حدّث عن سعيد الطبراني،
ومحمد بن قتيبة، وابن شيبان الرملي، كما حدّث عنه تمام الرازي، والدارقطني، وعبد
الوهاب الميداني، وغيرهم.



كان
من حجة الإمام النابلسي على المعز ما ردده بقوة في وجهه، وقبل أن يقتله قوله: لأنكم
غيرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وأطفأتم نور الإلهية، وادعيتم ما ليس لكم، ومن
مظاهر ثباته: إنه لما أُدخل مصر، قال له بعض الأشراف ممن يعانده: الحمد لله على
سلامتك، فقال: الحمد لله على سلامة ديني وسلامة دنياك، وكان لا يردد وهو يسلخ إلا
الآية الكريمة: " كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا"، ومن كراماته
أنه لما سلخ كان يسمع من جسده قراءة القرآن، ويذكر ابن السعساع المصري أنه رآه في
النوم بعدما قتل، وهو في أحسن هيئة، قال: فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: حباني مالكي
بدوام عز.. وواعدني بقرب الانتصار.. وقربني وأدناني إليه.. وقال: أنعم بعيش في
جواري.



من سيرة المعز لدين الله أيضا، أننا كمصريين نعرف المثل
الشعبى المتداول بيننا "أول القصيدة كفر"، وقصته أنه ‏لما جاء جوهر
الصقلي مصر بأمر المعز لدين الله وبني القاهرة والقصر الكبير الذي سيمكث به
الأخير، وجاء المعز واستقبل كبار الناس في القصر، سأله رجل من الناس: أيها الملك
عرفنا أنك من بيت النبوة، فمن يكون حسبك ونسبك؟ فأشار المعز لصندوق العطايا،
قائلا: هذا حسبي، واشار الي سيفه، وقال هذا نسبي، وكان بين الحضور الشاعر ابن هانئ
الأندلسي فأنشد قصيدة في مدح المعز قال فيها:



‏ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ.. فاحكُمْ فأنتَ الواحد
القهّارُ



وكأنّما أنتَ النبيُّ محمّدٌ.. وكأنّما أنصاركَ الانصارُ



أمُعِزَّ دينِ الله إنّ زمانَنا.. بكَ فيه بأوٌ جلَّ
واستكبار



ها إنّ مِصرَ غداة َ صرْتَ قَطينَها.. أحرى لتحسدها بك
الأقطار



ولما سمع أجدادنا المصريون القصيدة وما فيها من مبالغة مقيته
في مدح المعز ورفع مرتبته للذات الإلهية، قال الناس: "أول القصيدة كفر".



[email protected]



 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط