الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثورة «بين السرايات»!


من أجمل البصمات الدرامية التى تناولت ثورة ٢٥ يناير وتسللت إلى أحداثها وهضمت فلسفتها ما طرحه مسلسل "بين السرايات" منذ ٥ سنوات .. من الميدان حيث رائحة الحرية وأوكسجين التغيير السياسى والاجتماعى .. إلى شكل وطبيعة سلوك المصريين بعد التخلص من النظام الاستبدادى والوجوه القديمة والدولة البوليسية العميقة .. وكتب المؤلف أحمد عبد الله .. وسارت كاميرا المخرج سامح عبد العزيز فى الشوارع وتجولت داخل الحدائق، ورصدت سواعد شباب "التحرير" وهو يبنى وينظف ويزين الميادين والمبانى بكل ما هو جديد ومبهج .. وبعد أن دفع الأبطال من المتظاهرين ضد الفساد والفجور الثمن من أرواحهم وهدوئهم وسلامهم، تحولت المؤسسات والقطاعات الحكومية إلى خلية نحل وشعلة طاقة وإنتاج .. وذهب الطلبة إلى مدارسهم وجامعاتهم .. واستقر الأساتذة داخل محاضراتهم ومعاملهم لتحصيل العلم وتلقينه لجيل يناير الناهض.
واختفت الفوضى وساد النظام وترتيب البيت من الداخل .. وهدأت نار الغضب لتنشط روح العمل وهمة البناء وثقافة التسامح بابتسامة الأمل والرغبة فى العطاء .. وكانت هذه هى الصور والتابلوهات الفنية التى رسمتها ثورة "بين السرايات" داخل مشاهدها الإنسانية ولقطاتها الحضارية .. فقد أراد فريق العمل أن يبرز وجه الثورة الحقيقى الذى نبغيه ونصبو إليه وكان حلما ورديا فى ذهن كل الذين التفوا حول الميدان طوال ١٨ يوما متصلة دون كلل أو يأس، واتحدت قواهم وتشابكت أيديهم ليصلوا معا إلى مصر الجديدة التى كانوا يتشوقون لولادتها بعد سنوات التجريف والتدمير المنظم.
ورغم اختطاف الثورة من حُماتها، وفقدان بوصلتها بفعل تيارات سياسية وأجندات معروفة الأهداف والسيناريوهات، إلا أن تظل محتفظة بنبلها وشرف مبادئها ودوافع شعبها المناضل من أجل حريته وكرامته حتى وإن اختلفنا حول أسلوب قيادتها وإدارة أشواطها .. ويعيش المولود الجميل عامه التاسع، ولايفرط فى حلمه نحو النمو والارتقاء والحياة الصحية السليمة .. والحلم مرهون بجوهر الثورة وما جسدته بانوراما "بين السرايات" والتى أرجو أن يعيد القارئ العزيز مشاهدتها واستيعاب تفاصيلها ليفهم ويعى أن رياح التغيير لاتؤتى ثمارها إلا بمنطق العمل وركوب قطار التطور ومضاعفة الجهد فى المصانع والمزارع، ورفع شعار  العلم والتربية والتعليم فى فصل المدرسة ومدرج الكلية .. ومنح الثقة للكفاءات وذوى المواهب وتجريد المنتفعين والفاشلين من كل امتيازات أو مناصب أو صلاحيات .. ولتسود دولة القانون والحريات وترحل أجواء المؤامرات وتصمت أبواق الدعايات والإعلام الأجوف!.
والآن .. يسير المولود على قدميه محدقا فى كل من حوله، وباحثا عن الجدية والضمير والأمانة فى كل شئ .. وهذا هو دور الدولة المصرية الحالى فى الحفاظ علي مكتسبات "يناير" وحماية حلم الملايين الذين تحملوا ضريبة    الثورة وشقاء الاعتصامات وإرهاق أيام حظر التجول وليالى التشرد الباردة .. والنظام السياسى على وعى تام وإيمان صادق بكل ما نطق به شباب ٢٥ يناير من صدورهم وقلوبهم قبل حناجرهم .. وتظل الرسالة الأكبر والأهم موجهة على لسان أحد أبطال ملحمة "بين السرايات" الشعبية الفنان سيد رجب عندما قالها صارخة مدوية لزوج ابنته "الناشط السياسى المزيف" : "الثورة يعنى شغل يا إبراهيم" … الثورة يعنى شغل يامصريين!!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط