الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"كلمتين وبس"!!


كلنا نتساءل داخل مهنة الصحافة والإعلام: ما المصير؟ .. وما الذى يحدث لنا؟؟ .. وغالبا ما تحصل على إجابة موحدة من "كلمتين وبس" مع حفظ الحق الأدبى لأستاذنا أحمد بهجت والعظيم فؤاد المهندس .. "المهنة تحتضر!" .. فما تعيشه صاحبة الجلالة فى أيامنا "المُرة" هو نتاج لميراث ثقيل وموجع من الإهمال والتراخى فى فهم وتطوير آليات جديدة للعمل الصحفى وانعكاس الوضع على المنظومة الإعلامية وانبطاحها أمام الظروف السياسية الراهنة!.

وما صدر مؤخرا من الحكومة حول أوضاع المؤسسات الصحفية القومية وكيفية التعاطى مع ملف التعيينات والمعاشات أيقظ الجرح العميق فى الجسد العليل منذ سنوات .. والجرح تتضاعف نوباته وتتجدد صرخاته فى ظل اختفاء متعمد للوجوه الجديدة والدماء الشابة فى شرايين الملكة، حيث لم تعد الصحف القومية سوى كيان يعانى من شيخوخة الروح والعطاء لعدم توافر الطاقة الواعدة التى تمتلك أدوات العصر من علم وثقافة ووعى مهنى وإلمام كامل بتكنيك وأساليب الأداء الصحفى والإعلامى .. وماذا ننتظر من المهنة بعد أن احتل النماذج المتحجرة - فكرا وإدارة - مقاعد القيادة وتوجيه الدفة؟! .. علما بأن الدولة المصرية تنفست هواءً صحيا تحت مظلة صحافة مستقلة حرة بأقلام شابة وإدارة تحريرية تجمع بين أصول المهنة وخيال الرؤية وجرأة المعالجة لقضايا وأزمات المجتمع، وتمخضت التجارب الجريئة بأموال رجال الأعمال عن مشروعات "الدستور" و"المصرى اليوم" ومواقع نابضة كـ "صدى البلد" و "اليوم السابع"، وصولا إلى "الشروق" و"الوطن" .. وكانت هذه الحالة استفزازا وتحديا للمؤسسات الكبرى والصحف الحزبية، فعكف المسئولون داخلها على إعادة تشكيل جلدهم وتغيير لونهم بما يخاطب ويغازل القارئ العادى .. وأفرز التنافس المفتوح أجيالا من شباب المهنة مطعمين بخبرات أساتذتهم وشيوخ صاحبة الجلالة المتمرسين دون تكبر أو استعلاء أو لفظ من الآباء لقدرات الأبناء!.
واليوم تدرس الحكومة علاج المرض بمزيد من المسكنات أو سكب ماء النار على الجرح القديم .. وتمنح قيادات "الآنسة المهذبة" العليا صك حرمان مؤسساتها المتجمدة "عن عمد" من تدفق شباب كليات الإعلام وأقسام الصحافة فى المحافظات والأقاليم، على نحو يدلل بقوة على أننا بصدد خطة منهجية ومنظمة لتقليم أظافر الرسالة الصحفية وترويض بعدها التنويرى والإنسانى .. وفضلا عن ذلك، تخطط الدولة لاستبعاد العناصر الثمينة من المعاشات رغم تميزهم بالخبرة وعمق التجربة الصحفية، ويمكن الاستعانة بهم كمستشارين ومهندسى استراتيجية حديثة للإنتاج الصحفى.

إن التغيير سنة الحياة .. إن لم يكن فرضا وواجبا مقدسا .. ووقف تعيين الشباب وتجديد المكان الصحفى أو الإعلامى هو حيلة العاجز و"حجة البليد"، والقيادة الذكية هى التى تتقن فن المزج بين الموهبة والخبرة، وتصنع من تلك التركيبة معادلات نجاح وتفوق سواء فى صحيفة ورقية أو موقع إلكترونى .. أو حتى مجلة حائط أو مشروع تخرج طلابى! .. وألمح رائحة تراجع عن القرار تحت ضغط غضب واستنكار الجماعة الصحفية، ولكننا نطمح إلى ما هو أكثر من الاستجابة لمطالب الزملاء ولانكتفى بها.. وإنما نلتمس من الدولة فتح الباب بقواعد منضبطة ومدروسة أمام الجيل الجديد لإنقاذ ما تبقى من رصيد وسمعة وتاريخ لصاحبة الجلالة ولكى تتوقف دموعها!.

وقياسا على هذا المشهد، ينسحب المنطق ذاته إلى مهن أخرى مؤثرة فى حياتنا تحتاج إلى ثورة تصحيح والتزام سياسى وحكومى بترتيب أوضاعها وتطهيرها من الشوائب والنفايات .. وأى حديث عن خطة تطوير أو روشتة إصلاح يتجاهل حقوق الإنسان وطموحات المشروعة، لايجد آذانا تسمعه ولا عقلا يقبله .. والزلزال الذى هز البيت الصحفى يهدد بيوتا ومصائر مشابهة .. وكم من المهن مجروحة وأصحابها يتألمون .. ويحتضرون!.

  
                   

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط