الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ريهام الزيني تكتب: لماذا الفلسطينيون وحدهم خونة ؟!

صدى البلد

جدل واسع وردود فعل غاضبة تتزايد وسط زخم من انتهاكات العرب للفلسطينيين، ومدى دعمهم وانتمائهم وولائهم لوطنهم وللأمة العربية.

فقد كثر الجدل في الأونة الأخيرة، بأن الفلسطينيين أسوأ شعب عرفته البشرية، يتوارثون الخسة والخيانة جيلا بعد جيل،باعوا الأرض والعرض، وعلى أتم الاستعداد ليبيعوا أهلهم و إخوانهم العرب.

وهناك جدل أيضا حول أنهم من أغنى الشعوب،ويستغلون قضية فلسطين ليسرقوا أموال العرب باسم الأقصى، والأقصى بريء منهم.

ولم يقتصر هذا الجدل علي ذلك،بل كثر الحديث بأن فلسطين أرض الفتن،والعرب ليسوا مسؤولين عن ضياعها،ولا مطالبين بتحمل الخطايا الفادحة التي ارتكبها الفلسطينيون جيلا بعد جيل، وأنهم يريدون أن يدفعوا العرب لتحرير فلسطين بدلا منهم، ليتسلوا بمنظر أشلاء وجثث العرب التي يمزقها الصهاينة.

وبعد كل هذا الجدل وامتلاء العرب بشعور الكراهية والرغبة بالانتقام من أهل فلسطين،مما دفعهم الي العمل بحمية لتفجير هذا الغضب،حتي أصبحت الشعوب العربية لا تكترث بالفلسطينيين ولا بقضية فلسطين، وتحولت"من قضية أمة الي قضية شعب".

والسؤال..لماذا الفلسطينيون وحدهم خونة؟

يبدو من سؤالي ربما يكون قاسيا وغريبا بعض الشيء،إنطلاقا من أن العرب دائما ما كانوا يعتبرون أهل فلسطين رمزا للصمود والتضحية،وكثيرا ما يعبرون عن غضبهم المطلق من خونة الأوطان، وما أن يقابل أي مواطن عربي أخر.. ليبي أو عراقي أو.. ضاع وطنه،حتى يبدأ بالحديث عن القطعة الغالية من الأرض العربية،وكأنه مجبر بالسؤال عنها والتعبير عن حبه لها، حتي أصبح هذا "الحب"يشكل عبئا على كاهله، مما يجعل صيغة السؤال ربما تكون غير صحيحة ويستوجب التعديل الى:-

هل الفلسطينيون وحدهم خونة؟!..

والإجابة بكل بساطة:

بالطبع.. لا..ولكن الحقيقة أن العرب أصبحوا يعتبرون الفلسطينيين وحدهم خونة،لأن قضية فلسطين أصبحت بالنسبة لأي مواطن عربي:

المرآة التي يرى فيها عجزه.

الشماعة التي تخرجه من دوامة فلسطين المملة.

ولكن اسمحوا لي أن أطرح بعض الأسئلة:

-علي كل مواطن عربي.

-وعلي كل من يحمل صفة إنسان.

*أليس في كل الشعوب الوطني والخائن والبائع لأرضه؟

*أليس في كل الأوطان الصالح والطالح والشريف والنذل؟

*أليس هناك دول تم احتلالها لعقود بسبب خيانة أبنائها ؟

فلماذا إذن.. يعتبر أهل فلسطين وحدهم يحملون صفة الخسة والخيانة؟

إنني أنتظر الإجابة الشافية التي تقنع عقلي.

يبدو أن الشعوب العربية تتناسي بأن الحدائق العنصرية والفاشية والنازية تروى النباتات بدماء الضحايا وصراخهم وآلامهم.

وبالمثل“حدائق” الصهاينة.. التي نبتت شقائق النعمان على دم طفل فلسطيني قتله شعار:

”ادفع دولارا تقتل فلسطينيا”

لمجرد أنهم يحملون علم فلسطين،أو يحملون حجرا، وعلى دموع أم فلسطينية فقيرة ذبح أطفالها أمام أعينيها كمذبحة دير ياسين.

ويبدو أن الشعوب العربية غيروا إستراتيجيتهم الوطنية وباعوا قضية فلسطين.

وقرروا أن يعاقبوا الشعب الفلسطيني الأعزل علي أخطاء:

*القيادات الفلسطينية.

*الفصائل الفلسطينية وعلي رأسهم"حماس الإرهابية"

نتبهوا، إن الغرض من ترديد المعلومات المغلوطة عن بيع الفلسطينيين لديارهم للصهاينة برغبتهم هو مخطط صهيوني هدفه منع التعاطف مع أهل فلسطين حتى نتركهم وحدهم يدافعون عن أنفسهم ومقدساتنا أمام العدوان الصهيوني.

وللأسف إننا متغافلون عن الأسباب القاهرة التي دفعت بعضهم لذلك والقوانين البريطانية الجائرة التي نفذت عليهم بالقوة لنقل أراضي الميري إليهم،وإن كانوا قد باعوا أراضيهم برغبتهم،أو كيف تم ذلك،وللأسف إن شعوبنا لم تتعلم ثقافة التساوؤل والبحث عن الحقيقية.

ألا يكفي هؤلاء أنهم شعب محتلة أرضه و مطرود منھا مشرد و مشتت بين ھذا البلد و ذاك؟

ألا يكفي أنهم شعب مھدمة منازله ومجرفة أراضيه،ومحاصر في مدنه،ومعرض في كل لحظة للقصف بالمدافع والمقاتلات والصواريخ والفوسفور اﻷبيض؟

ألا يكفي أنهم"شعب بلا جيش"يدافع عنهم،فلا يملكون غير الحجارة ليدافعوا عن أنفسهم؟

ألا يكفي هؤلاء شرفا أن تكون بلدهم أرضا للمحشر وأرضا للرسالات؟

أليس هؤلاء من أكثر الشعوب العربيه قوة وصبرا وتضحية؟ وتحملوا ما لا تستطيع شعوبنا أن تتحمله؟

ياسادة.. ليس من الإنسانية معاملة كل الفلسطينيين كخونة بسبب وجود أمثال فصيل سياسي مثل حماس.

ودعوني أذكركم بأن المدينة المنورة في عهد النبي"صلى الله عليه وسلم" كان فيها ابن سلول كبير المنافقين، فلا يمكن أن يكون اعتبار إجرام قلة من الشعب سببا في اتهام شعب كامل بالخيانة.

لا تستغربوا كلامي..

نعم هناك خونة في كل الأوطان..

والحقيقة.. لقد لجأت الشعوب العربية بإعلان كراهيتهم والانتقام من أهل فلسطين، فقط من أجل التخلي عن مسؤوليتهم في الدفاع عن قضية فلسطين،وشاركوا في تحقيق أهم أهداف الصهيونية العالمية بتحويل قضية العرب كافة لقضية الفلسطينيين وحدهم.

وتدريجيا نجح المخطط الصهيوني بتحول الفلسطيني من(الرقم الصعب)الى (صفر على الشمال).

وأقولها للمواطن الفلسطيني الأعزل:

ينبغي عليك أيها الفلسطيني أن تفهم من الأن أن العربي يخدعك بقوله لن نتعاون مع الصهاينة، لأنهم أول من تعاونوا مع الصهاينة لسلب حقوقك كمواطن وكإنسان.

إلى كل من تخلي عن قضية فلسطين:-

فلسطين ستتحرر يوما ما وسيزول عنها الصهاينة كغيرهم من الغزاة، ووقتها لا أريد أن أسمع صوتا لـ"مسلم"،أو"مسيحي"يطالب بزيارة مقدساته الدينية هناك.

ففي الوقت الذي يدافع فئة من اليهود عن حقوق الفلسطينيين، نجد المسلمين والمسيحيين يعلنون التخلي عن دورهم في الدفاع عن قضية الأمة بأكملها.

يبدو أن "الأخ" العربي وجد ضالته في منتديات ومواقع السوشيال ميديا للتعبير عن علاقته بـ"أخوه"الفلسطيني.

ويبدو أن"الأخ" العربي أصبح يحمل حقده وعجزه على"أخيه" الفلسطيني المعلق في سلسلة المفتاح على الجانب الآخر من عنقه،بل ويحرص جيدا على أن يورثه(الحقد بالطبع وليس المفتاح) لأبنائه وأحفاده.

نعم لقد تعبت فلسطين من الانتظار،وتعب الفلسطينيون من انتظارنا،وإن كان الكيان الصهيوني قد جرد الفلسطينيين من أرضهم،فقد جردت الأمة العربية الفلسطينيين من إنسانيتهم.

بكل صدق...لو كان الأمر بيدي لأعفيت الشعوب العربية من مسؤوليتهم تجاه فلسطين، ولا حاجة الى كل هذا الافتراء على أهل فلسطين واتهامهم بكل صغيرة وكبيرة تحصل في العالم العربي.

وبكل صدق... لو كانت علاقتي بالله مباشرة لطلبت منه أن يعيد كتابة التاريخ، وأن يجعل هذه"الفلسطين"جزيرة نائية،لكي لا تكون مسرحا لصراعات (توراتية..إنجيلية..إسلامية) جعلت منها (أرض السلام على الورق فقط)، بينما تخط تاريخها على أرض الواقع دماء سالت ولا تزال.

وها هو المخطط الصهيوني يعلن انتصارا جديدا بتغيير الشعوب العربية إستراتيجيتهم ليصبحوا أكثر جرأة في التخلي عن قضية فلسطين بكامل رغبتهم،"إننا العرب مطالبون فقط بأن ندافع عن الأرض التي نشأنا فيها ولسنا مطالبين بالدفاع عن أرض يشهد كل شبر فيها بالخيانة، وليذهب أهل فلسطين وقضية فلسطين إلى الجحيم.

وبناء عليه، أستطيع بل وأجزم القول، بأن الماسونية الصهيونية العالمية انتصرت انتصارا تاريخيا غير مسبوق في تنفيذ مخططها الشيطاني بعزل قضية فلسطين وتحويلها"من قضية أمة الي قضية شعب"، وذلك باستخدام (أسلوب التأطير الاجتماعي الماسوني) في كيفية توجيه الشعوب لما يخدم مخططاتهم والذي سبق وأن تحدثت عنه.

كلامي هذا غير موجه لكل العرب، فأعلم أنه مازال هناك من الإخوة العرب داعمين ومخلصين لقضية فلسطين،ولكن للأسف أصبحوا الفئة القليلة.

أعلم علم اليقين أن الكثير من الشعوب العربية،وإن لم نقل الغالبية الساحقة منهم يؤمنون بأن كل ما سبق ذكره صحيح مئة بالمئة، لكن للأسف ربما يتناسون بعض التفاصيل، ولذلك فلا بأس من التذكير بها الأن، كما لا بأس من نسيانها مجددا قبل الانتهاء من قراءة هذا المقال.

نعم إنها مواقف تجعلنا نبكي على أنفسنا.. وما حل بشعوبنا في هذا الزمان ..

فهل ستتوحد الشعوب العربية يوما ما؟

وهل مازال هناك شعاع أمل في هذه الأمة؟

سأترك الإجابة لحضراتكم..

وللحديث بقية..


-