الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مبارك.. الزعيم المُفترى عليه


جاءت الجنازة العسكرية للرئيس الأسبق حسنى مبارك، وحضور الرئيس السيسى تشييع الجنازة لتعيد كثيرا من الاعتبار لمبارك بعد سنوات الإفك التي أحاطت به وبعصره.

ولا يمكن أن نخفي، أننا جميعا خرجنا في ثورة أو بالأحرى فوضى يناير 2011 وكنا نسير مع القطيع بعدما صورت آلة إعلامية بشعة ومسعورة عصر مبارك آنذاك ووسط حالة غير مسبوقة من الشحن الجماهيري والإعلامي كأنه كان شرًا مستطيرا على مصر. ورفعنا آنذاك رايات الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

الخطأ الذي يمكن أن نقف جميعا أمامه اليوم، أنه اذا كانت هناك مطالب للإصلاح في مصر أو في أي بلد، فلا ينبغي أن يصاحب ذلك وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص دعوة إلى إسقاط النظام.

 فهنا يكمن الشر والضرر.

 فسقوط نظام يعني سقوط دولة، لأنه باختصار ليست هناك آليات ديمقراطية عتيدة في كافة البلدان العربية، ومصر ليست حالة شاذة علاوة على أن هناك متأمرون كثر على العالم العربي، وكلهم يودون لو سقطت "دوله الكبيرة" وضاعت في الفوضى وهذا للأسف تحقق مع أكثر من دولة طالها الربيع الفوضوي عام 2011.

وبعد 9 سنوات وهى ليست مدة كافية في حياة الأمم للحكم التام وبموضوعية على ما سميت بثورة يناير عام 2011.. لكنها كافية الى حد ما للتجرد من الهوى والنظر الى ما كان وما جرى يمكن القول ان الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان واحدًا من الزعماء الكبار والتاريخيين في المنطقة العربية.

فالرجل حكم لنحو أكثر من 30 سنة، وهى أكبر فترة حكم في مصر بعد محمد علي وخلال هذه المدة الطويلة ووسط اضطرابات وعواصف وأزمات لم تنته استطاع الرجل حكم القاهرة وتوفير نوع من الاستقرار والحفاظ على السلام مع إسرائيل والحفاظ على الوطن دولة واحدة وهذا يعني الكثير.

فحياة الدول لا تقاس فقط وبالذات في منطقتنا، التي تحتشد بالعواصف والمؤامرات بمقدار ما يتوفر لشعوبها من مستوى معيشة هانئة ولكن باستقرار الدولة ذاتها. ويمكن النظر الى العراق كبلد عتي قوى انفرط عقده في عام 2003 ولا يزال حتى اللحظة وربما لنحو 20 عامًا آخرين يتخبط في الفوضى.

كما يمكن النظر إلى ما حدث في السودان في عهد الرئيس السابق عمر البشير، عندما أجبر أو تهاون أو هزم، أيا كان الوصف،  أمام مطالب الانفصال وتجزأت السودان الى السودان وجنوب السودان.

مبارك حافظ على وحدة الوطن طوال اكثر من 30 عاما، وحافظ على علاقات هادئة مع إسرائيل. كما أنه وللحق خلق هامشا كبيرا لا شك فيه في مجال حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة طوال عهده وقد تعرض شخصيًا وأسرته لموجات هائلة من النقد العنيف وكان صدره رحبا للغاية باستثناء بعض الوقائع التي سجلت ضد حكمه.

مبارك حافظ على مؤسسات مصر ولم يخلط الحابل بالنابل، وهذا حق يقال، فمصر في عهد مبارك كانت دولة لها احترامها عربيًا ودوليا ولها مكانتها ولها اقتصاد متماسك، صحيح انه كان ولا يزال اقتصادا متواضعًا لايقارن بالنمور في شرق آسيا ولا بالهند ولا باقتصاد كوريا الجنوبية وهما الدولتان اللتان صعدتا مع مصر منذ ستينيات القرن الماضي. لكن مصر أيضا لم تكن دولة فاشلة في عهد مبارك.

 أما بخصوص موضوع الفساد، فلا يمكن الكذب هنا والإدعاء انه لم يكن هناك فساد، كان هناك فساد وسيظل الفساد ظاهرة عربية بامتياز، لكنه لايدفع أبدا الى إسقاط النظام أو المطالبة بذلك.

كلمة حقيقية قالها مبارك، وكان الامتثال لها واجبًا، عندما دعى آنذاك وللخروج من المأزق، إلى انتخابات رئاسية مبكرة. ولو تمت الاستجابة اليها انذاك، لكانت قد جنبت البلد عامين من الاضطرابات وبالتحديد من 2011- 2013 وحتى خلع جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم.

 مبارك- رحمه الله- لم يكن شيطانًا رجيمًا كما حاول الإعلام القطري والأجنبي تصوير ذلك قبل 9 سنوات، ولكنه كان زعيما كبيرا وله أخطاء مثل أي بشر له ما له وعليه ما عليه..

وداعا أبا علاء وكلنا سنقف يوما ما أمام محكمة التاريخ، وأمام أجيال فتية قادمة ستحكم بكل أمانة ودون تحيز على ما كان من السابقين وأقولها بكل ثقة أن مبارك سيكون له مكان مميز وسط الزعامات التاريخية للقاهرة.

 شاء من شاء وأبي من أبى.


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط