قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

دعاء على تكتب: التسامح.. قيمة إنسانية لا يعرفها من فقدها


اشتهر المصريون منذ القدم بضرب الأمثاللكل موقف يمر عليهم؛ فهو نتاج تجارب مروا بها ليصلوا إلىحكمة أو عبرة فالمثل الشعبي هو ملامح لأفكار شعب ذات سمات خاصة؛ ويعبر عن تاريخ وفكر الأمموالمجتمعات التى يولد فيها.

(لاقيني ولا تغديني)؛ مثل شعبي مصري مشهور يدل علي بشاشة الوجه عند استقبال الضيف؛ فهى أهم بكثير من ان تقدم له الطعام وأنت عابث الوجه؛ ويدل علي التسامح والعفو (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلق أخاك بوجه طليق) صدق رسول الله؛ أعقل الناس أعذرهم للناس وهدية غالية لا تكلف شيئا؛ بالرغم من أنه يبدو لنا شيئا صعبا إلا أنه فى حقيقته من أسهل ما يكون؛ ومن أغلى الهدايا للنفس؛ فإذا أردت أن تمنح لنفسك هدية؛ سامح واعف عن من ظلمك أو أساء لك أو أخطأ بحقك؛ فهو خلق وصانا به الله عز وجل إذ قال فى كتابه الحكيم (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم).

التسامح أحد المبادئ الإنسانية التى تدل على الحب والود اللذين هما أهم بكثير من أن تقدم الطعام لضيفك أو أخاك.

(من دخل بيتك جاب الحق عليك)؛ وهو يعنى نسيان هفوات وأخطاء الآخرين بإرادتنا؛ والتخلى عن رغبتنا فى إيذاء الآخرين لأى شيء حدث بالماضى؛ والتغاضى عن عيوب الآخرين ورؤية مزاياهم بدلا من إدانتهم أو الحكم عليهم.

وخير قدوة لنا فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بدأ بدعوة قومه للدخول فى الإسلام وما لقيه من أذى على أيديهم؛ وأخرجوه من مكة وهي البلد التي ولد وعاش بها طفولته وصباه وشبابه ؛ فكان يقول (اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون)؛ وعندما عاد إليهم بعد سنوات قالوا له ماذا أنت فاعل بنا؛ أخ كريم وابن أخ كريم؛ فقال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) وهذه صورة من أسمى صور العفو والتسامح.

العفو والتسامح صفة لا يصل إليها إلا من جرد نفسه لله وجاهدها وكظم غيظه؛ فلا يكن الإنسان صعبا فيكسر ولا لينا فيعصر؛ لكن يجب ان يكون متسامحا عدلا؛حتى مع أعدائه إذا كان فى موضع قوة وهم فى موضع ضعف؛

النفوس الكبيرة فقط تعرف كيف تسامح؛ يحكى أن قائد جيش قبض على مجموعة من الأسرى وهم ليقتلهم فنظر اليه أحدهم وقال أطعمنا وأسقنا قبل أن تقتلنا؛ فأمر بإحضار الطعام والشراب لهم؛ وبعد أن أكلوا وشبعوا قال أحدهم عشت أيها القائد لقد كنا أسراك منذ قليل وأصبحنا الآن ضيوفك؛ فكيف ستفعل بنا؟ فرد عليه قد عفوت عنكم.

يوسف عليه السلام عندما غدر به إخوته وألقوه فى البئر وكان طفلا لا حول له ولا قوة؛ ورجعوا بعد سنوات طويلة ولم يكونوا يعرفوه ولكنه عرفهم؛ كانت فرصة له أن ينتقم منهم وكان فى ذلك الوقت وزيرا لملك مصر بمعنى أن لديه سلطة تجعله ؛ لكنه عفا عنهم وقال لهم (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).

وإذا أردنا سرد الحكايا والقصص عن التسامح؛ لا يكفينا ولا تسعنا مئات وآلاف المقالات والكتب؛ ذلك لأنه موضوع لا نهاية له.