الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمريكا والسد الأثيوبى


لم اصدق ولو للحظة واحدة ببراءة الوساطة الأمريكية فى مفاوضات سد النهضة الأثيوبى. فأن تراوغ اديس بابا او تتلاعب فهذا امر برهنت عنه الأيام مرارا ولم يكن يحتاج لإثبات. ولكن ان تدعو واشنطن الى مفاوضات ثلاثية تحت رعايتها فهذا امر يفتح الف باب للشك والريبة، فهل إدارة ترامب الى هذا الحد مشغولة وقلقة على الشعوب وبخاصة فى منطقتنا التى لم ترى من واشنطن غير الصلف والغرور وإصدار القرارات بطريقة فوقية. 

ولكن جاءت النتائج وانسحبت اثيوبيا من الجولة الأخيرة جولة التوقيع. وان لم تكن أديس أبابا تدرك جيدا محدودية الضغط الأمريكي المتوقع عليها، وهامشية الدور الذى يلعبه الوسيط والراعى للمفاوضات. ما أقدمت على خطوة الانسحاب، ثم إعلان التحدي بهذه اللهجة الخشنة. ولو كانت ترى ولو للحظة، أن لدى الولايات المتحدة أي نية لممارسة ضغوط او إرادة لوقف تلك المماطلة ومواجهة سياسة الأمر الواقع التي تباشرها منذ سنوات، لكان القرار الاثيوبى اكثر اعتدالا وموائمة.

إن إعلان المبادئ الموقع بالخرطوم في مارس 2015 والذى لم يصدق عليه البرلمان المصرى بعد. يعتبر بناء السد "حقا" لإثيوبيا على ألا ينجم عنه أضرار جسيمة بمصر والسودان، والاتفاق على تسوية أي خلافات بالتفاوض، ولما فشلت واشنطن عن عمد فى إنتزاع التزام تعاقدي إثيوبي، يضمن الحد الأدنى من احتياجات مصر المائية.

 فمازال امامنا حق الانسحاب من هذا الاتفاق او هذا الشراك الذى اعترفنا فيه بحقهم فى البناء وجحد الحبشى حقنا فى المياه والحياة، اما الخيار الأصعب وخيم العواقب الذى يتوق اليه المصريين والذى ظل مستبعدا طوال سنوات البناء لم يحن بعد. ومازالت أمامنا خطوات دبلوماسية.

لكن "ما زاد الطين بله" حبوب الشجاعة التى تعاطاها الأخ الأثيوبى وأطلق تصريحات غير قانونية وغير مسؤولة تزعم بأن سلطة أثيوبيا مطلقة في إدارة وتشغيل وملء سد النهضة باعتباره في أرض إثيوبية، وتم تشييده بأموال وطنية خالصة وأن لأديس أبابا سيادة مطلقة على نهر النيل الأزرق الذي يجري في إقليمها كلمات مرسلة، ودفوع غير مؤسسة، ومزاعم باطلة. 

فليست لديها حرية الاختيار في إبرام الاتفاقيات الدولية المنظمة للاستعمال المنصف المشترك لنهر النيل بعد إنشاء سد النهضة ومحملة بأعباء قانونية دولية أهمها عدم الإضرار بالغير، وخاصة دولة مصب النهر، وهي مصر. ونظم القامون الدولى مسألة الأنها العابرة للدول وساوى فى الحقوق بين دول المنبع ودول المصب لكنها استغلت ظروف أحداث 25 يناير 2011 وما بعدها ولسنوات عديدة أخذت إثيوبيا تماطل وتسوف وتبتسم مرة، وتمد يدها مرات لتخدعنا.

 فإن نجحت فى مرحلة لن تنجح فى كل المراحل وخصوصا مرحلة ملء السد، وبعد ان أكملت بناء السد، ووضعتنا أمام الأمر الواقع. لو تم التخزين على هوى اثيوبيا فى شهر يوليو القادم فسنكون بصدد قواعد جديدة تماما للعلاقات بين الدولتين وسيتحول النهر من ساحة للتعاون إلى ساحة للصراع.

 فلن تتعايش مصر مع الفقر المائى والجفاف الذى يهدد حياة 100 مليون على أنه أمر واقع. والمخرج الدبلوماسى الذى تتهرب منه أديس أبابا هو الأفضل لكل الأطراف وخيار الحرب الذى نتحسس مفرداتنا ونحن نتحدث عنه سيكون إحادى وحتمى، وأيا كان من منح اثيوبيا حبوب الشجاعة لتتحدث بهذا الصلف والغرور المستحدث على واقعها الحالى وتاريخها القريب والبعيد فالحرب هى اداة الموت التى نضطر اليها من أجل الحياة. والفاتورة مؤكد انها باهظة ولن يرتضيها ولن يقبل بها الشعب الأثيوبى الذى يسعى الى التنمية من أجل الحياة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط